سلايد الجريدةصحيفة البعثمحليات

بين مطالبات المنشآت وانتظار إجراءات “السياحة”.. ما زال المواطن محروماً من “شم الهوا”

مع بدء الموسم السياحي الصيفي، والسماح للمنتجعات والمطاعم والمسابح بأن تفتح أبوابها لقاصدي “شم الهوا” بعد فترة الإغلاق التي شهدتها تلك المنشآت نتيجة الإجراءات الاحترازية للتصدي لفيروس كورونا، ومع الارتفاع غير المسبوق والجنوني في أسعار كل ما حولنا، لم تك أسعار المنتجعات السياحية في محافظتي البحر (اللاذقية وطرطوس) بعيدة عن ذلك، فقد سجلت أرقاماً قياسية، بل يمكن القول إنها “فلكية” هذا الموسم، بحيث وصل سعر قضاء ليلة واحدة في أحد المنتجعات إلى مبلغ 300 ألف ليرة، ما يجعل “المخرج” للمواطن المغلوب على أمره هو أن يصطحب عائلته إلى أية فسحة خضراء متاحة لجميع الناس، ولا تخضع لقوانين “الأسعار”، وهذا الخيار متاح بالطبع في حال استطاع أن يذهب إلى تلك الفسحة الخضراء لأنه قبل الحلم بها، فإن جل تفكيره سيكون منصباً بتأمين “الزوادة” كجزء من لقمة العيش التي بات تأمينها في غاية الصعوبة هذه الأيام.

خمس نجوم

بالعودة إلى الأسعار الخيالية للمنشآت السياحية – التي نحتفظ بذكر اسمها- فإن قضاء ليلة واحدة متضمنة غداء أو عشاء في أحد المنتجعات في اللاذقية يكلّف  ما يقارب “60 ألف ليرة”، وفي منتجع  آخر ما يقارب 70 ألف ليرة، أما في الجارة طرطوس فتبلغ تكلفة الحجز في السويت الواحد 200 ألف ليرة، والغرفة المفردة 100 ألف ليرة، في حين يدفع الشخص لقضاء ليلة واحدة في أحد الفنادق 60 ألفاً، والسويت 90 ألفاً مع وجبة الفطور، أما في فندق وشاليه آخر فإن حجز الشاليه 160 ألفاً، والسويت 150 ألفاً من دون وجبة الفطور، والشاليه لشهر كامل في الرمال الذهبية يحتاج مبلغاً وقدره مليون ليرة كحجز فقط.

أما المطاعم فأسعارها كاوية، ولا يمكن الاقتراب منها، فأقل وجبة لأسرة مكونة من 3 أشخاص تتراوح بين 40 – 60 ألف ليرة، وهذا في حال كانت الوجبة خفيفة، أما في حال طلب اللحوم والأسماك، فقد تصل إلى أرقام فلكية، وقد تحتاج لراتب شهر كامل لتلك الوجبة، وقد لا يكفي.

أصحاب الكار

أصحاب تلك المنشآت السياحية لهم مبرراتهم بوضع تلك الأسعار، على حد تعبيرهم، فهم يشتكون من أنهم تعرّضوا خلال فترة الإغلاق للكثير من الخسائر، كما أن الأسعار التي يضعونها لا تكفي لتغطية نفقات الكهرباء والماء والنظافة.

رئيس غرفة سياحة طرطوس يوسف مويشة أوضح لـ “البعث” أن عدد المطاعم والكافيهات والمقاهي  في المحافظة يبلغ ٢٠٠، والفنادق والمنتجعات ٤٠، مشيراً إلى أن قضاء ليلة أو أكثر تختلف حسب التصنيف بنجمة أو نجمتين أو أكثر، وحسب طلب المقيم بنوع الإقامة، كما أن الغرفة لا تقوم بضبط الأسعار، وإنما تقوم بجولات دورية مع مديرية السياحة، فالأسعار تحدد من قبل وزارة السياحة، ويتم التعامل في حال وجود أية شكوى مع كل حالة على حدة.

تبريرات

رئيس الغرفة ذكر أن هذه المنشآت تتكبد خسائر كبيرة منذ بداية العام بغض النظر عن سنوات الحرب، فمنذ فرض إيقاف عمل هذه المنشآت من قبل الفريق الحكومي الخاص للتصدي لوباء كورونا بتاريخ ١٧/٣ وهي متوقفة عن العمل ويتكبد أصحابها أعباء كبيرة جداً من ناحية الرواتب كونها تُشغل نسبة كبيرة من الأيدي العاملة في المحافظة، إضافة إلى حجم الضرائب الكبير الذي يتكبده أصحاب تلك المنشآت، كما أن معظمهم لديهم التزامات بنكية، مؤكداً أنه عند السماح لهم بالعودة إلى العمل لفترة تجريبية كانت مشروطة بتدابير صحية عالية أيضاً.

كان تذبذب سعر الصرف وارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية للمواطن بمثابة “الضربة القاضية “التي أدت إلى القضاء على هذا القطاع الهام جداً من ناحية دوران العجلة الاقتصادية الداخلية، ورفد الخزينة العامة، وتشغيل الأيدي العاملة.

وذكر مويشة أن عدد المنشآت المخالفة في المحافظة قليلة، ومعظمها ملتزمة من ناحية التعليمات الوقائية، منوّهاً إلى أن هناك عدداً من المنشآت تلجأ للبيع بسعر أقل من التكلفة لضمان استمرار عملها، وبعضها الآخر اعتكفت وأغلقت أبوابها أمام الزوار، وذلك للخسائر التي تعرّض لها أصحابها في الفترة الماضية.

أخيراً

بين سعي أصحاب المنشآت السياحية إلى تعويض خسائرهم من جراء التوقف بسبب كورونا ولو كان على حساب السائحين الذين ستستقبلهم منشآتهم، وانتظار ما ستقوم به وزارة السياحة من إجراءات تضمن إعادة الاعتبار لهذا القطاع بما يتناسب والدخل العام للسوريين بالدرجة الأولى كونهم المستهدفين في كل تلك العملية، وكون السياحة الخارجية متوقفة، يبقى أمل المواطن في قضاء عطلة صيفية في أحد المنتجعات حلماً بعيد المنال.

ميس خليل