اقتصادسلايد الجريدةصحيفة البعث

شبابنا يغيرون عاداتهم الاستهلاكية تماشياً مع الأوضاع الاقتصادية

التغيّر الحاصل بالعادات الاستهلاكية لدى الأسرة السورية انتقل إلى الشباب، وخاصة فيما يتعلق بالكماليات، وهو – كما يقول معظمهم – تغيّر قسريّ باعتبار أن تلك المواد محكومة بمستوى الأسعار التي فرضت نتيجة الأزمة والوضع الاقتصادي، ما أدى إلى التخلي عن الكثير من الرفاهيات التي كانت أساسية لدى الشاب السوري في مرحلته الجامعية، فتغيير جهاز الموبايل لم يعد ضرورة لمواكبة التطورات، وحتى شراء العديد من الألبسة كون أسعارها أصبحت جنونية، والأمر كذلك بالنسبة للمصروف اليومي، ما دفعهم لاعتماد سياسات تقشفية لتمضية الشهر بتكاليف معقولة.

حدث ذلك مع اختلاف الظروف،‏ فالمطلوب اليوم الموازنة ما بين الدخل ومستوى الأسعار. وبحسب الآراء الاقتصادية فإن المستهلك يغيّر ثقافته الاستهلاكية، نتيجة ارتفاع أسعار معظم السلع في الأسواق، حيث أصبح يشتري ما يلبي حاجته اليومية من السلع الاستهلاكية، وتغيير العادة الاستهلاكية كان له جانبان إيجابي وسلبي، فبالنسبة للإيجابي فقد حدّ من هدر المواد الغذائية، والذي كان يشكّل نسبة لا تقل عن 30% لدى المستهلكين، وبالتالي فإن هذه النسبة لم تعد موجودة لدى معظم المستهلكين لارتفاع أسعار المواد الغذائية، بينما يتمثّل الجانب السلبي بتغيّر العادة الاستهلاكية، فارتياد المطاعم مثلاً أصبح من المنسيات وخاصة بالنسبة للشباب الذي فضّل توفير المبلغ لأمور تخصّ الناحية التعليمية وأجور النقل.‏

تقول ريم، وهي طالبة جامعية في كلية الآداب: المطلوب اليوم نوع من التأقلم مع الظروف الحالية والموازنة ما بين الدخل ومستوى الأسعار، فالوضع الحالي جعلنا نغيّر من عاداتنا الاستهلاكية، حيث أصبحت مثلاً أذهب إلى صالون الحلاقة مرة كل أسبوعين، في حين كنت قبل الأزمة أرتاد صالون التجميل مرتين في الأسبوع، واحتفظت بجهاز موبايلي منذ بداية الأزمة مع العلم أنني كنت أغيّره كل سنة.‏

وتؤكد ليلى، طالبة الصيدلة بجامعة دمشق، أنها ورغم هوسها بشراء الملابس، أصبحت في الوقت الحالي تكتفي بثلاثة أثواب للذهاب للجامعة خلال الأسبوع نتيجة الارتفاع الجنوني لأسعار الألبسة، في حين اتجهت سلمى، الطالبة في المعهد التجاري، إلى الألبسة القديمة لديها بدلاً من شراء ألبسة جديدة ولم تعد تتناول أية وجبة في كافتيريا الجامعة بل تحضر معها سندويشاً منزلياً لحين عودتها إلى المنزل.

الدكتورة ريم البابا المختصة في علم الاجتماع بجامعة دمشق رأت أن الشباب السوري خلال الأزمة أثبت قدرته على تحمّل المسؤولية من دون أن ينسلخ عن أسرته، وأضافت في حديث لـ “البعث”: إن الشباب السوري قادر على اتخاذ القرار والتأقلم مع الظروف الحالية حتى على مستوى أغراضه الشخصية والضرورية منها، فنرى العديد من الشباب قد تخلوا عن الكماليات نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة. وأشارت البابا إلى أن الأزمة أفرزت نوعين من الشباب، منهم الأكثر فاعلية بالمجتمع والآخر الاتكالي الذي لا يتحمّل المسؤولية ولم يخرج من الفطام الاجتماعي، وتنصح المختصة الاجتماعية بالتوعية وضرورة أن يتحمّل الشباب المسؤولية أكثر ضمن منهاج ونظام التنشئة الاجتماعية التي تتبلور في المدرسة ومن ثم الجامعة، لكن يبقى مهدها الأول هو الأسرة.

عبد الرحمن جاويش