ثقافةصحيفة البعث

إدريس مراد: توثيق عدد لا يحصى من الألحان الضائعة

بهدف تقديم التراث الموسيقي السوري، وخاصة الموسيقا التي تعزف على آلة البزق وعائلتها، يصر إدريس مراد، مدير مهرجان البزق الذي بدأت فعالياته في مجمع دمر الثقافي منذ أيام وتنتهي اليوم الخميس، على استمراره وتطويره، وتقديم كل ما هو مفيد للجمهور بمشاركة عازفين من جميع المحافظات السورية، مشيراً إلى أهمية المهرجان بالحفاظ على الموسيقا القديمة، وتقديمها للجمهور، وتعريف الناس على هذه الآلات التي هي جزء من حضارتنا وتاريخنا وموروثنا، موضحاً أن البزق هو الآلة الأكثر استعمالاً ضمن الموسيقا الشرقية، لذلك يحاول المهرجان الاهتمام بالآلات الأخرى التي هي الآلات الأم

 لهذه العائلة كالطنبور وباغلمة، وهي آلات لا حضور جيداً لها في المشهد الموسيقي، مع أن آلة الطنبور هي آلة قديمة عمرها 5000 سنة، وقد انتقلت من الجزيرة السورية إلى حضارة الفراعنة.

 سهرات موسيقية

يبيّن مراد أن المهرجان بدورته التاسعة يقام تحت رعاية مديرية المسارح، شاكراً مديرها عماد جلول على دعمه لهذه الدورة المهداة لروح عازف البزق المعروف سعيد يوسف الذي رحل مؤخراً، مع إشارته إلى أن الدورة الماضية كانت مهداة لروح إياد عثمان، موضحاً أن المشاركات هي من مختلف المناطق السورية، واستمرت الفعاليات أربعة أيام، بحيث شارك في كل يوم نحو 6 عازفين أساسيين، بالإضافة إلى العازفين المرافقين، فيصبح مجموع العازفين المشاركين في المهرجان نحو 64 عازفاً، منهم عازف البزق المتميز بحر التركماني الذي يشارك لأول مرة في  المهرجان، وهو الذي أطل على الجمهور في يوم الافتتاح، كما سترافق الآلات في كل يوم من المهرجان مجموعة من الآلات الأخرى كالتشيللو والناي والكلارينيت والعود وآلات إيقاعية عدة، لذلك سيكون الجمهور برأيه أمام سهرات موسيقية جميلة.

 نافذتهم الوحيدة

يسعد مراد أن المهرجان الذي بدأت دورته الأولى عام 2010 حقق الكثير من الأهداف المرجوة منه كنشر آلة البزق وأخواتها بين الناس، بحيث أصبح هناك كثيرون يتعلّمون على هذه الآلة، كما كان المهرجان برأيه حافزاً  وفرصة للعديد من عازفي الطنبور والباغلمة للعزف أمام الجمهور باعتباره  نافذتهم الوحيدة، إلى جانب قيامه بتوثيق عدد لا يحصى من الألحان الضائعة، لاسيما من المنطقة الشمالية والشمالية الشرقية، وهي آلات وثيقة بهذه المنطقة من بلادنا ولها علاقة بعاداتها وتقاليدها ومناسباتها المختلفة، ولذلك من الضروري اليوم برأيه أن نحافظ على هذه الآلات، ونشجع الموسيقيين الذين يعزفون عليها، منوّهاً إلى أن المهرجان وعبر دوراته المتتالية نجح في التأسيس لجمهور أصبح اليوم يدرك معنى الاستماع إلى المقطوعة الآلية، فيعرف متى ينصت، ومتى يصفق.

 حالة عفوية

لا ينكر مراد  أن أهم العقبات والصعوبات التي واجهته في المهرجان تكمن في عدم تفهم بعض الموسيقيين الأكاديميين لضرورة تقديم التراث كما هو، في حين بقي هو مصراً على المحافظة على هذه الآلة بشعبيتها وتقديمها بأبهى أشكالها، لأنها حالة عفوية بدأت منها هذه الآلات، مع إشارته إلى أن أحد الأكاديميين المهمين سيشارك في المهرجان وهو كنان أبو عقل خريج المعهد العالي للموسيقا، وذلك ضمن مساحة كبيرة له، لأنه قدم الكثير لهذه الآلة، ولديه مشروع خاص به لها سيفتتح يوم الختام، كما سيختتمه بندوة يقدم فيها خلاصة تجربته مع آلة البزق وما قدمه لها، أما الصعوبات الأخرى فتكمن كما يبيّن مراد في مدى الجهد الذي بذله لاختيار العازفين، وجلب بعضهم  من القامشلي كون نقلهم يتم عبر الجو الذي يحتاج لتكاليف باهظة، شاكراً السيد أسامة ساطع وأجنحة الشام للطيران على تعاونهما الدائم معه.

 تحية

يوضح مراد أن المهرجان بدأ من دار الاوبرا عام 2010 مع د. حنان قصاب حسن “مديرة الدار حينها”، لأنها كانت تحب هذه الآلات وتدرك أهميتها في الموسيقا السورية، في حين كانت الدورتان الثانية والثالثة تحت رعاية مديرية المسارح، لأن عماد جلول يدرك أهمية التراث، وعندما استلم الموسيقي جوان قرجولي إدارة الدار أصر على عودة المهرجان إلى حضنها كونه يعمل في الموسيقا التراثية السورية، ليعود في هذه الدورة إلى حضن مديرية المسارح والموسيقا، ووجّه مراد التحية لكل من وقف إلى جانبه ليرى هذا المهرجان النور ويستمر حتى الآن، وخص بالذكر د. حنان قصاب حسن، وجوان قرجولي، وعماد جلول مدير المسارح والموسيقا الذي وقف إلى جانب المهرجان رغم الظروف الصعبة التي نمر بها حالياً.

أمينة عباس