أخبارصحيفة البعث

استئناس حماة.. حضرت ثقافة النائب وغابت ثقافة الناخب

غازي الأحمد – منير الأحمد

لم تخرج جلسة الاستئناس الحزبي لاختيار مرشحي مجلس الشعب عن محافظة حماة عن المألوف سوى في كثرة الأوراق المرفوضة بسبب غياب الثقافة الانتخابية لدى عدد لا يستهان به من الناخبين الذين ضيعوا على أنفسهم وعلى مرشحيهم صوتهم الذي كان من يمكن أن يرجح كفة الميزان لصالح هذا المرشح أو ذاك، فقد ألغيت مئات الأوراق بسبب مخالفتها للشروط التي تم التأكيد عليها مراراً وتكراراً، وبالمقابل حضر المرشحون بكل عدتهم وعتيدهم لحصد ما أمكن من الأصوات.

فقد مارس الناخبون حقهم الانتخابي شكلاً وخسروه مضموناً، بسبب عدم التقيد بالتعليمات الانتخابية أو جهلهم بها، وهنا بيت القصيد ومربط الفرس.. لقد ضاع جهد الناخبين وضيعوا معه حقهم في تأثير صوتهم الانتخابي لإيصال من يمثلهم تحت قبة البرلمان.

من هنا تأتي أهمية الكلمة التوجيهية للرفيق الأمين العام للحزب السيد الرئيس بشار الأسد وحكمته في إجراء عملية استئناس قبيل الانتخابات من أجل أن تعطى القواعد الحزبية الفرصة للتعبير عن رأيها، وخوض التجربة للاستفادة من الأخطاء وتداركها، وهنا يأتي دور القيادات الحزبية بدءاً من الحلقات وصولاً إلى قيادات الفروع كي تقوم بشرح آلية الانتخاب، وكيفيته حتى لا تتكرر الأخطاء التي حصلت في عملية الاستئناس الحزبي، ولايزال أمامنا الوقت الكافي للقيام بذلك.

وفي قراءة أولية لما قام به المرشحون الجدد، فإن المعطيات التي شاهدناها توصلنا إلى نتيجة مفادها أنهم إن لم يحسنوا الحسابات في المرة القادمة فإن حظوظهم ستكون ضعيفة أمام النواب القدامى، وهو ما يضيع الفرصة أمام ضخ دماء جديدة في مجلس الشعب.

ورغم الجهود الواضحة والمستمرة للقيادات الحزبية العليا في خوض تجربة ديمقراطية ناجحة وتطبيق أقصى درجات النزاهة والشفافية ومتابعة الاستئناس والفرز لحظة بلحظة، بقيت جهود بعض المرشحين ضعيفة، ولا ترتقي لمستوى الحدث الذي سيكون له تأثيره على حياتهم وحياة ناخبيهم، على مدى سنوات خمس قادمة ستؤخذ فيها قرارات على المستويات كافة، لاسيما الاقتصادية والمعيشية منها.

وفي استطلاع لرأي عدد من المرشحين، خلصنا إلى أن المرشحين باتوا على قناعة بأن التحالفات والوعود لن تكون كافية وحدها للحصول على نتيجة مرضية، ولا بد من التوجه للناخبين أولاً، وطمأنتهم بأنهم سيكونون معهم في خندق واحد، وإعادة الثقة بين النائب والناخب لن تكون مهمة سهلة، وهو ما يفسر حالة قلة اهتمام الناخبين بنتائج الانتخابات، فقد انتخبوا وذهبوا إلى بيوتهم، وناموا قريري العين، بينما لم تنم أعين المرشحين بانتظار نتيجة الاستئناس التي مرت ساعات فرز الأصوات فيها طويلة ومضنية عليهم.

اخيراً، لابد من قول كلمة الحق للمرشحين بأنهم فقدوا ثقة جماهيرهم، ولن يعيد هذه الثقة إلا العمل الجاد والمخلص لما فيه خير الشعب، ولاسيما الشرائح الفقيرة منه بتأمين سبل العيش الكريم ومشاطرتهم ظروفهم المعيشية، لا العيش في بروج يعزلون فيها أنفسهم عن قاعدتهم الشعبية التي أوصلتهم إلى كراسيهم التي يجلسون عليها.