دراساتصحيفة البعث

اليمن وحرب الإبادة الجماعية

د. رحيم هادي الشمخي

كاتب عراقي

اليمن السعيد في عمق التاريخ بحضارته المزدهرة وموقعه الإستراتيجي على البحر الأحمر وخليج عدن، يتحوّل بفعل التحالف الأمريكي- السعودي- الصهيوني- الغربي، إلى ركام من الأحجار والنفايات المنتشرة هنا وهناك، إذ لا أمن ولا أمان، ولا غذاء ولا دواء نتيجة القصف المستمر للطائرات والصواريخ الأمريكية- السعودية التي لم ينجُ منها الأطفال الرضع ولا الرجال ولا النساء ولا حتى مدارس التلاميذ ورياض الأطفال في كل المدن اليمنية.

هذه المؤامرة الشرق أوسطية التي استهدفت العراق وسورية وليبيا واليمن، تؤكد وبكل إصرار الدور الأمريكي الذي يريد الهيمنة على منابع النفط العربي وإيجاد موطئ قدم له في المناطق الإستراتيجية في هذه الأقطار العربية، ولحماية أمن «إسرائيل» اللقيطة لتكون دون منازع لها، هذه الأطماع الأمريكية تؤكد بقاء الحرب الدائرة في اليمن خوفاً على النظام السعودي من الزوال والسيطرة على منابع النفط في المنطقة أولاً، وثانياً عزل اليمن عن عمقها العربي بصناعة القرار القومي ضد المشاريع الأمريكية والصهيونية الهادفة إلى تجزئة المجزأ في الوطن العربي، وثالثاً تقسيم اليمن إلى أقاليم تخدم النظام السعودي وعرب الجنسية في الخليج، وخوفاً من إيران التي أصبحت اليوم قوة ضاربة تخافها أمريكا و«إسرائيل» في منطقة الشرق الأوسط.

على ما يبدو أن حكومة عبد ربه منصور هادي الكارتونية باتت مغلوبة على أمرها، ولاسيما بظهور المجلس الانتقالي الذي يطالب بالعودة إلى دولة اليمن الجنوبية والذي تدعمه الإمارات العربية، كل تلك الأحداث التي تمرّ باليمن توحي بمقاومة شرسة منظمة ضد النظام اليمني المتخلّف والتابع للسعودية التي تعيش الآن أزمة كبرى بين العائلة المالكة، حيث تمّ اعتقال العديد من الأمراء السعوديين لسبب أو لآخر، مما يجعل السعودية تعيش أزمة حكم فردي، ولا ننسى تأثير الحرب الدائرة ضد الشعب العربي اليمني، هذا الشعب الذي مازال يلقن التحالف الأمريكي- السعودي- البحريني دروساً بليغة، رغم التفوق في السلاح والإعداد الحربي الميداني، لكن الجيش العربي اليمني وقواه الوطنية بقيادة عبد الملك الحوثي والمقاومة الباسلة لشعب اليمن سوف تتصدى لكل أشكال الهيمنة الأمريكية في اليمن، والدليل على ذلك أن التحالف الأمريكي- السعودي بعد خمس سنوات من الحرب العدوانية على اليمن وتدمير حضارته ومنجزاته الوطنية، هذا التحالف العدواني لم يحقّق غير الهزائم المنكرة في كل المدن اليمنية وجلب على أهل اليمن مزيداً من الويلات والفقر والأمراض المزمنة، والغرض من ذلك أن تبقى «إسرائيل» اللقيطة آمنة بحدود “السلام مقابل الأمن”، وهذا ما حدث فعلاً عند اجتماع وزير خارجية اليمن السابق مع المجرم الإرهابي نتنياهو عام 2019.

إن معركة الشعب العربي في اليمن مع الولايات المتحدة وآل سعود ومرتزقتهم، تدلّ على أن إرادة الشعوب لا تُقهر مهما بلغت الخطوب والتضحيات، فالسعودية التي قامت بتأجير جزرها لـ«إسرائيل»، تريد هذه المرة وحسب معطيات الحرب الدائرة، أن يكون هناك موطئ قدم لـ«إسرائيل» في خليج عدن وموانئ الحديدة وشواطئ البحر الأحمر، لكي تهيمن «إسرائيل» على الحدود المتاخمة للسعودية، لحمايتها من أي ثورة في نجد والحجاز لإسقاط النظام السعودي غير الشرعي في المنطقة العربية.

ويكفي الشعب العربي في اليمن فخراً وهو يقاوم أكبر قوة بأسلحتها الفتاكة، بما يملك من أسباب المقاومة، ولا ضير فإن تاريخ اليمن السعيد سيحرق جباه الغزاة كما أحرق جباه من اعتدى على كرامة اليمنيين سابقاً.

وسأترك الحديث للملكة بلقيس لكي تكمل المشوار عن عظمة اليمن في صنع التاريخ العربي.