اقتصادصحيفة البعث

ما هكذا تورد الإبل يا غرفة صناعة دمشق..!

حسن النابلسي

ربما ما يزيد طين ترهّل الصناعة الوطنية بِلّةً عدم اضطلاع غرف الصناعة السورية بدورها المنشود وخاصة في هذه المرحلة بالذات، ما يوجب عليها التركيز على الإنتاج من خلال الاشتغال الجدي على وضع استراتيجية وطنية تشجّع الصناعيين على تنمية مدّخراتهم ومكتنزاتهم من الأموال -بغض النظر إن كانت بالليرة السورية أم بالقطع الأجنبي أم بالذهب- عبر توظيفها بالاستثمار الصناعي الحقيقي!.

فها هي غرفة صناعة دمشق تعلن رسمياً عودة مهرجان “صنع في سورية” وتعتبره إنجازاً لكونه سيقدّم عروضاً وحسومات كبيرة على المنتجات المصنعة محلياً التي تلبي احتياجات الأسرة السورية ومتطلباتها، وتتجاهل السعي باتجاهات أهم وأجدى لتعزيز “صُنع في سورية”.. إذ نعتقد أن التواصل مع الصناعيين السوريين المهاجرين، والعمل على عودتهم للاستثمار في سورية، أجدى بكثير من إقامة مهرجان يفترض أن يكون من اختصاص غرفة التجارة!.

كما أن الاجتهاد على تدعيم واقع الإنتاج والصناعة المحلية التي تشهد أسوأ حالاتها في هذه الأيام، من خلال مساعدة بعض الصناعيين على تصريف منتجاتهم المكدسة بالمستودعات، ومساعدة بعضهم الآخر على دعم إنتاجه من خلال التواصل مع الجهات المعنية، أهم بكثير من التغني بمهرجان لم يكن له ذلك البصمة الفعلية لكسر حدة الأسعار!.

نعتقد أن هذا الطابع التجاري للغرفة هو نتيجة طبيعية، لأن أغلبية نشاطات أعضاء مجلس إداراتها هي نشاطات تجارية وليست صناعية، وبالتالي لهم مصلحة بتسويق منتجاتهم تحت أي مسمى كان، ما يشي بانعدام هواجسهم لجهة وأد الصناعة الوطنية القادرة على قيادة دفة الإنتاج، وتأجيج الإحساس لديهم بتعزيز التجارة ذات البعد الريعي الاستهلاكي!.

ما هكذا تورد الإبل يا سادة يا أعضاء مجلس غرفة صناعة دمشق، فالاقتصاد الوطني يعيش بظروف استثنائية تحتاج إلى جهود استثنائية، ودوركم لا يقل أهمية عن دور الجهات الحكومية المعنية بهذا الشأن وخاصة وزارة الصناعة، فعملكم يجب ألا يختزل بمهرجان رغم أهمية الأخير وما يعوّل عليه من كسر حدة الأسعار وإمكانية إيصال السلعة مباشرة من المنتج إلى المستهلك.. إن عملكم أكبر من ذلك بكثير وأنتم على دراية به أكثر من أي جهة كانت!.

hasanla@yahoo.com