دراساتصحيفة البعث

الولايات المتحدة تخطط لغزو فنزويلا عبر كولومبيا

ترجمة وإعداد: علاء العطار

يحكم كولومبيا حكومة موالية للولايات المتحدة، عُرف عن رئيسها، إيفان دوكي ماركيز، اتخاذه لسلسلة سياسات منحازة للولايات المتحدة، واتباع نهج سلفه، خوان مانويل سانتوس، الذي جعل كولومبيا “شريكاً عالمياً” للناتو، فشاركت البلاد في العمليات العسكرية المشتركة للتحالف العسكري الغربي. عموماً، قادت الأزمات والتوترات في كولومبيا، التي اتسمت بالاتجار بالمخدرات والنزاع بين الفصائل الإجرامية والأحزاب المتمردة، وقادت الحكومة الكولومبية إلى اتباع سياسة عامة منحازة لواشنطن مقابل صون نفسها.

مع ذلك، لا يوافق كل السياسيين الكولومبيين على هذه الإجراءات، إذ طلب عضو مجلس الشيوخ الكولومبي، إيفان سيبيدا مؤخراً من رئيس الكونغرس الكولومبي، ليديو غارسيا، عقد جلسة للتحقيق مع الحكومة وضبط تسهيلها لوصول الجنود الأمريكيين إلى البلاد بشكل مستمر، واستناداً لسيبيدا، وجود هؤلاء العسكريين لا يصب في مصلحة البلاد، فهو يؤثر بشدة على الحفاظ على السيادة الوطنية.

يقول سيبيدا: إنّه على الحكومة استشارة الكونغرس الوطني قبل السماح للجيش الأمريكي بالوصول إلى البلاد، وأثبت القرار الأخير للمحكمة العليا في كونديناماركا أن سيبيدا على حق، وتبعاً لقضاة المحكمة، إن القرار أحادي الجانب بالسماح بدخول القوات الأجنبية ينتهك الدستور الوطني الكولومبي، ويجب على الذراع التنفيذي عرض المسألة على الكونغرس مسبقاً. لذا طلبت المحكمة من الحكومة إرسال معلومات حول العمليات المشتركة الجارية، بهدف توضيح سبب وصول القوات الأمريكية. كان الموعد النهائي لإرسال التقرير هو 6 تموز، ولم تلتزم به الحكومة، لذلك قدم سيبيدا طلباً لعقد جلسة خاصة للكونغرس.

إن العدد الدقيق للأفراد العسكريين الأمريكيين في البلاد غير مؤكد، ما يزيد الشكوك حول القضية. تقول بعض المصادر: إن هناك أكثر من 800 أمريكي، بينما يقول آخرون إنهم بين 50 و60، ولم تعط الحكومة مذكرة رسمية لشرح الأسباب والعدد الدقيق للجنود. من ناحية ثانية، علّقت السفارة الأمريكية في كولومبيا، تحت الضغط، على القضية، وقدمت إجابة غير مرضية، وبحسب دبلوماسيين أمريكيين، يصل العسكريون إلى كولومبيا للقيام بعمليات مشتركة لمكافحة تهريب المخدرات، لكن الحقيقة، على ما يبدو، أن هذه العمليات ستهدف إلى فرض حصار على فنزويلا ونيكولاس مادورو، الذي يدعي دونالد ترامب أنه متورط بالاتجار بالمخدرات في المنطقة. من المهم أن نتذكر أن اتهامات ترامب لمادورو لم تُثبت قط، ولم يُقدم أي دليل على مثل هذه الروابط بين الرئيس الفنزويلي وتهريب المخدرات.

في الآونة الأخيرة، غزا المرتزقة الكولومبيون فنزويلا عن طريق البحر في السفن الأمريكية، فقامت قوات الأمن الفنزويلية بإحباط الهجوم، ولكن منذ ذلك الحين أصبح من الواضح أن كولومبيا مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة للإطاحة بحكومة نيكولاس مادورو. لذلك يبدو أن القوات الأمريكية التي تصل إلى البلاد تستعد للخطوة التالية في هذا المشروع الأمريكي القديم لاحتلال فنزويلا.

والتسويغ القائل بأن الحكومة الفنزويلية لها صلات بالاتجار بالمخدرات يثير فضولاً أكبر عندما يكون الحليف الأمريكي هو كولومبيا بالتحديد، إذ إنها دولة يشهد التاريخ بأن لديها روابط هيكلية مع الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات غير المشروعة في أمريكا الجنوبية، وينظر إليها الخبراء بشكل عام كدولة مخدرات حقيقية. والولايات المتحدة كذلك ليست بريئة من الفضائح المتعلقة بالاتجار الدولي غير المشروع، إذ اتهمت وكالة المخابرات المركزية مراراً بالتعاون مع الشبكات الإجرامية في جميع أنحاء العالم. وضَمِن الغزو الأمريكي لأفغانستان في عام 2001 للولايات المتحدة السيطرة الكاملة على إنتاج الأفيون في المنطقة. وتعاونت المخابرات الأمريكية في المكسيك عدة مرات مع أنشطة المنظمة الإجرامية المعروفة باسم “غوادالاخارا كارتل” مقابل المعلومات والموارد، وتعاونت المخابرات الأمريكية لسنوات مع الجنرال البنمي مانويل نورييغا، الذي شارك علناً في تهريب المخدرات منذ الستينيات مقابل الدعم العسكري في وجه العصابات في نيكاراغوا.

في الواقع، يمكننا أن نرى أن الاتجار بالمخدرات هو مسوغ معيب ومتناقض لغزو فنزويلا. هناك أدلة أكثر مصداقية تدين كولومبيا والولايات المتحدة بالاتجار بالمخدرات. يمكننا أن نتخيل الأسباب الحقيقية وراء ذلك: واشنطن غير قادرة على الحفاظ على هيمنتها العالمية، وتحاول يائسة ضمان قوتها في أمريكا اللاتينية، لذا تراها تحاول باستماتة الإطاحة بـمادورو، وتقدم حكومة كولومبيا الدعم للولايات المتحدة مقابل أن توفر لها قناعاً يحجب أنشطتها الإجرامية عن الأعين، وهي علميات تقوم بها بالتواطؤ مع الشبكات الإجرامية لجماعات الاتجار بالمخدرات، وعلى الأرجح أن هذه الأنشطة ستنسب زوراً إلى مادورو.

على أي حال، ما يبدو جلياً لنا الآن هو أن الولايات المتحدة تخطط لغزو فنزويلا عبر كولومبيا.