ثقافةسلايد الجريدةصحيفة البعث

نديم سليمان: لا يمكن التعاطي مع الطفل إلا بصدق!!

عرض مُهدى لروح الفنان مأمون الفرخ

عن نص “مغامرة في مدينة المستقبل” للكاتب المسرحي جوان جان يخوض الفنان نديم سليمان تجربته الإخراجية الأولى في مسرح العرائس، والتي ستبدأ عروضها على خشبة مسرح العرائس بدمشق ابتداءً من اليوم الثلاثاء، ويبين سليمان في حواره مع “البعث” أن “مغامرة في مدينة المستقبل” وإن

كانت أولى تجاربه المسرحية الموجهة للأطفال إلا أنه  ليس غريباً عن عالم الطفل، فهو يعمل ومنذ سنوات طويلة في مجال الكرتون كمدبلج وكمخرج في محطة الأطفال سبيستون، ونص “مغامرة في مدينة المستقبل” هو السبب الذي شجعه للتوجه إلى مسرح العرائس، والتي كان من المفترض أن يقدمها كعرض للأطفال إلا أن الظروف الصحية المحيطة بنا في ظل جائحة كورونا، وضيق الوقت جعله يخرجها لمسرح العرائس.

شكل مختلف

يشير سليمان إلى أنه ولكي يتلاءم النص مع مسرح العرائس تم العمل عليه بالتعاون مع الكاتب جان، مع إشارته إلى أن أي نص يمكن أن يكون صالحاً لمسرح العرائس عندما تكون لدى المخرج آلية معينة يتم اعتمادها في تقديم النص، لذلك كان حريصاً كل الحرص على تقديم الفكرة الأساسية الموجودة في النص، مع الأخذ بعين الاعتبار طريقة الخطاب، خاصة وأن مسرح العرائس هو مسرح موجه لأطفال بسن معينة، مع تأكيده على أنه حاول تقديم عرض عرائس يناسب الأعمار ما بين 5 إلى 12 عاماً.

عالم كبير

يبيّن سليمان أن النص يتحدث عن الإنسانية، وكيف نكاد نفتقد لهذا المفهوم في ظل التكنولوجيا التي غزتنا وغزت أطفالنا، لذلك حاول من خلال عرضه التأكيد على أننا دوماً بحاجة للإنسانية في حياتنا وضرورة أن نتعاطى مع بعضنا على أساسها، وألا نتحول إلى آلات، وألا تأخذنا التكنولوجيا بعيداً عنها، ويؤسفه أن الاستسهال بمسرح الطفل هو السمة السائدة، وهذا أمر خطير لأنه ليس من السهل الخوض في عالم الطفل، فهو يحتاج لمن لديه خبرة ومعرفة في كيفية مخاطبته، لذلك لا يخفي أنه ورغم عمله الطويل مع الأطفال خضع لدورات في علم النفس، وكيفية التعاطي مع الطفل حرصاً منه على مخاطبته بشكل صحيح لأن عالم الطفل برأيه عالم كبير، وبالتالي من الضروري معرفة مفردات هذا العالم وآلية تفكير الطفل.

مغامرة

ويوضح سليمان أن النص خضع لبعض التعديل بالتعاون مع الكاتب ليتناسب مع ما آلَتْ إليه تطورات التكنولوجيا ليحث العرض على حب الأهل والآخرين والتعاون معهم، وهي مفاهيم موجودة في النص، وقد عززها سليمان من خلال الأداء، ولإيصالها بشكل حقيقي ومقنع اعتمد على أطفال لتجسيد شخصيات الدمى صوتياً وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ذلك، مؤكداً أنه نادراً ما يتم في مسرح العرائس الاعتماد على الأطفال لأداء الأدوار بأصواتهم، دون أن ينفي أن ذلك كان مغامرة بالنسبة له، ولا ينكر أنه كان متخوفاً في البداية من هذه الخطوة، ومع ذلك كان مصرّاً على اعتماده على الأطفال، إلا أنه وبعد اختيار مجموعة من الأطفال وتسجيلهم لأدوارهم سعد جداً بالنتيجة التي وصل إليها، فقد كانوا رائعين في أدائهم وتعاطيهم مع الأحداث، موضحاً سليمان أنه لا يمكن التعاطي مع الطفل إلا بصدق، ولذلك حاول تقديم عرض ببيئة أقرب إلى الحقيقة ليتعاطى الطفل معها ولتصله الرسائل المرغوب إيصالها بيسر، كما أراد سليمان التأكيد على أن الطفل كائن له كيانه الذي يجب أن يُحتَرَم من خلال عدم الاستخفاف به، لذلك رفض أن يعتمد على ممثلين كبار في العمر لأداء أدوارهم في العرض لأنه لا يريد صوت الطفل فقط بل يريد إحساسه، ولا ينكر أنه اعتمد على الكبار لأداء أدوار الصغار في بعض الأعمال في الدوبلاج في فترة من الفترات، ومع أن النتائج كانت مقبولة نوعاً ما إلا أنها افتقدتْ للمصداقية والإقناع، ولكن ومع الوقت وعندما أصبح هناك أطفال قادرون على تأدية شخصياتهم بإحساسهم اختلفت المعايير كثيراً، ولذلك كان سعيداً بوجود مجموعة من الأطفال الموهوبين الذي لبّوا رغبته في أن يكونوا جزءاً من عرض “مغامرة في مدينة المستقبل”.

المرحلة الأصعب

يؤكد نديم سليمان أن العمل المسرحي عمل صعب ويحتاج لجهد كبير وللإخلاص والتفاني، ويعتبر المرحلة الأولى هي المرحلة الأصعب لأنها مرحلة التحضير، وبمجرد الانتهاء من هذه المرحلة يكون التنفيذ برأيه أسهل بالنسبة للمخرج ولأي مشارك في العمل.. من هنا ما إن قرأ نص “مغامرة في مدينة المستقبل” حتى كان هاجسه الأكبر هو كيفية تنفيذ هذا النص الجميل الذي أغراه ليقدم تجربته الأولى، وسعد أكثر عندما ذهب لتقديم النص من خلال مسرح العرائس، مشيراً إلى أن النص هو نص جدّي وقد حاولَ تطعيمه بالكوميديا من خلال بعض الشخصيات لتلطيف الجو أثناء العرض، كما أن الدمى صُممت خصيصاً له بالاتفاق مع مصممة الدمى ريم الماغوط في أول تجربة لها في هذا المجال، كما كان العرض أول تجربة لمهندس الديكور، متمنياً أن ينال العرض كل الرضى من قبل الجمهور، وهو عرض مُهدى لروح الفنان مأمون الفرخ الذي كان مع سليمان خطوة بخطوة أثناء التحضير، وقد كان الراحل معجباً جداً بالنص، مؤكداً أنه تعلم منه الكثير، وهو الذي كان له خبرة كبيرة بمسرح الطفل.

عمل جماعي بامتياز

يرفض الفنان سليمان إخراج نص من كتابته، وهو ما اعتادَ عليه معظم المخرجين في الآونة الأخيرة مفضلاً العمل على نصوص الآخرين ما دامت هذه النصوص تلبي حاجته ورغبته في التوجه للطفل، إضافة لإيمانه بوجود كاتب ومخرج يغنيان العمل بوجهات نظر مختلفة.. من هنا لا ينوي  سليمان الكتابة للمسرح، وإن كتبَ فيفضّل أن يعمل على ما يكتبه مخرج آخر، معترفاً أنه تأخر في العمل للمسرح وهو الذي يعمل منذ سنوات طويلة كممثل ومن ثم كمخرج ويرى أن الوقت ربما قد حان في ظل توفر نص جيد شجّعه على ذلك، لذلك يبدو متفائلاً من النتائج ومن أنه سيُقَدّم عملاً متميزاً، خاصة وأنه يتعاون مع فريق عمل: (محرّكو دمى-أصوات للشخصيات- فنيون-أصحاب خبرة في هذا المجال)، وهو يؤمن أن العمل المسرحي هو عمل جماعي بامتياز، ونجاحه هو نجاح لكل فرد قَدَّم جهده وتعبه.

يقدم الأداء الصوتي في العرض: مأمون الرفاعي- محمد خير أبو حسون-تماضر غانم- عادل أبو حسون- تاج الدين ضيف الله- رزان الرز- رند عباس- شادي جان.

تحريك الدمى: – تماضر غانم- إيمان عمر- رندا الشماس- أيهم الجيجكلي- رنا صعب- زينب ديب- عصام حمدان- ألمى ناصر.

التأليف الموسيقي أيمن زرقان- كلمات الأغاني عيسى النجار- غناء غادة عمر- مساعد المخرج عمر فياض- تصميم الإضاءة والتقنيات: إياد العساودة- تصميم الديكور: غيث المرزوقي- تصميم وتنفيذ الدمى: ريم الماغوط- تصميم إعلاني: زهير العربي- خدمات رضا رمال- مدير منصة: خالد جمعة- تنفيذ الديكور” يزن قرموشة- تنفيذ الصوت: رضوان النوري- تنفيذ إضاءة: محمد قطان- تصوير فوتوغرافي: معاذ إسحاق.

أمينة عباس