دراساتصحيفة البعث

حرية الصحافة تتآكل

ترجمة: هناء شروف

عن الأندبندنت 14/7/2020

 

يواجه الصحفيون في أمريكا الاعتقال أثناء قيامهم بتصوير ونشر تقارير تنقل المظاهرات ضد العنصرية، وهو شيء يدل على أن حرية الصحافة بدأت تتآكل في دولة تدعي الديمقراطية، وعندما تقوم الولايات المتحدة باعتقال أحد المراسلين أثناء تغطيته لاحتجاجات حركة الدفاع عن حقوق السود، فلا شك أن القصة ستكون مزعجة، هذا ليس فقط لأن أندرو بنكوم  مراسل الأندبندنت في سياتل صحفي يسير بسلام لإنجاز عمله القانوني المحمي دستورياً، وإنما لأنه يسلّط الضوء على ممارسات الشرطة غير الإنسانية في مدينة أمريكية متوسطة الحجم .

إن تعرّض المراسل الصحفي بنكوم لما يتعرّض له الكثير من الأمريكيين هو دليل على ثقافة سائدة وسط أجهزة الشرطة الأمريكية، ثقافة عدم تطبيق القانون، وإهانة كل من يسلّط الضوء على ديمقراطيتها الزائفة، وأكثر من ذلك تعريض سلامة الصحفيين للخطر، على سبيل المثال، يواجه الصحفيون المعتقلون- في هذه الزاوية الليبرالية المفترضة للولايات المتحدة- انتهاكات وتهديدات كما لو لم تكن لديهم حقوق إنسان على عكس الإرهابيين وبارونات المخدرات الذين يتمتعون بحقوقهم الأساسية المحمية بموجب الدستور الأمريكي الشهير، أما أولئك الذين يتظاهرون سلمياً، والذين يحتجزون مع أندرو بنكوم  في الجزء الخلفي من سيارة الشرطة وفي زنازين السجون المكتظة، والذين سجلت لأغلبهم  مخالفات بسيطة، فيعاملون باحتقار كأنهم لا يتمتعون بحقوق الإنسان.

تم إطلاق النار على الناس وقتلهم في المنطقة التي كان أندرو يقوم بتصوير ونقل التقارير عنها، ولكن من الواضح أن اعتقال صحفي هو رد فعل مبالغ فيه من قبل الشرطة، وهو يتحدث عن انتهاكات الشرطة لجوانب كثيرة، من بينها عدم اكتراث الشرطة لسلامة وصحة المعتقلين في بلاد الحرية مثل الولايات المتحدة، فالمعتقلون يتعرّضون للتعنيف والتهديد، كأنهم لا يتمتعون بحقوق الإنسان التي ينص عليها الدستور الأمريكي، وعندما تزج بالكثير من الناس في غرفة لا يوجد فيها حمام، في وقت تنتشر فيه جائحة كوفيد 19 القاتل، كما حدث مع أندرو، فإن هذا السلوك يوحي بعدم الاكتراث بحياة الناس، ويشير إلى حالة ذهنية غير عادية في نظرتها.

تساهم الحصانات القانونية الممنوحة في أمريكا للشرطة، والتشجيع الذي يتلقونه من السياسيين غير المسؤولين، بشكل كبير في هذا الجو من الإهمال والقسوة تجاه مواطنيهم، وأياً يكن، فهو نظام يتسم بالوحشية، مع ميل موثق جيداً تجاه العنصرية المؤسسية.

في عصرنا هذا، هناك قادة في بعض الدول يزعمون أنهم ديمقراطيون، ولكنهم يسخرون من التقارير النزيهة في تغطية الأحداث، والتحقيق في الفضائح، وتقديم منصة لحرية التعبير، تخلق مثل هذه الأصوات مؤامرة خيالية لوسائل الإعلام السائدة، لذلك يجب ألا ندع  حرية الصحافة تتآكل، لأنها ركيزة مهمة للديمقراطية، وأياً يكن الموضوع الذي يطرح نفسه فقد حان الوقت للدفاع عن القضية الأكبر لحرية الصحافة في جميع أنحاء العالم.