اقتصادسلايد الجريدةصحيفة البعث

مصالح متقاربة في تمديد محضر التسوية بين مرفأ اللاذقية ومشغل محطته

دمشق- محمد زكريا

بعد انتهاء العقد الموقع بين محطة الحاويات الدولية العاملة في الشركة العامة لمرفأ اللاذقية من جهة، وإدارة المرفأ من جهة أخرى، أصبحت خيارات وزارة النقل محدودة في اختيار شريكها لاستثمار محطة الحاويات في المرفأ، وبالتالي أصبح من الطبيعي أن تلجأ الوزارة إلى تمديد عقد المحطة الدولية، وذلك لاعتبارات عدة، منها أن التسوية الحاصلة بين الطرفين في نهاية 2013 لم تحدّد تاريخ انتهاء العقد بينهما نتيجة الظروف القاهرة على عكس أساس نص العقد، فضلاً عن التزام المحطة بكامل الضمانات المالية المترتبة عليها.

 رغبة بالتمديد

وبحسب المعلومات الواردة إلى “البعث” من وزارة النقل، فإن الطرفين أبديا رغبة في تمديد محضر التسوية الموقع بينهما لمدة خمس سنوات قادمة، وذلك ضمن شروط تحقق الفائدة لإدارة المرفأ، لجهة زيادة نسب الأرباح وضبط الالتزامات المتوجبة على المحطة المستثمرة لجهة تشغيل عدد من العاملين وتحقيق مؤشرات الإنتاج المتفق عليها.

وأمام هذه الرغبة، حصلت الوزارة خلال الشهر الفائت على موافقة مجلس الوزراء على تمديد محضر التسوية بين الطرفين لمدة خمسة أعوام قادمة، وقد تضمنت الموافقة تكليف الوزارة بمتابعة التنفيذ بالتنسيق مع من يلزم، وبما يحقّق المصلحة الوطنية، كما نصّت على اعتبار كل الإجراءات والمطالبات المتخذة بخصوص إعادة التسليم من قبل الشركة العامة للمرفأ بحكم الملغاة، وتلتزم شركة المرفأ بإعادة كافة كفالات إعادة التسليم لشركة المحطة فور بدء سريان هذه التسوية.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن محاضر التسويات التي رافقت العقد الأساسي نالها الكثير من الانتقادات، ولاسيما لجهة عدم وضوح المادة القانونية في العقد، والتي تمّ الاستناد إليها في فتح عملية إعادة التفاوض حول الالتزامات التعاقدية الأخرى التي لا تتصل بالفقرة (1) من محضر التسوية، وشملت اعتماد مبدأ الالتزام بعدد الحاويات الفعلي، وكيفية تحديد انتهاء القوة القاهرة والعاملين المراد تشغيلهم في محطة الحاويات، إضافة إلى عدم وضوح الطبيعة القانونية الحالية لمدة سريان نشاط محطة الحاويات، وفيما إذا كان يمثل جزءاً أصيلاً من مدة العقد المحدّدة بعشر سنوات، أو ضمن التمديد الذي يجوز منحه بموجب القوة القاهرة وفقاً للمادة (15) من العقد.

ميزات

مدير مكتب التشاركية في هيئة التخطيط والتعاون الدولي، الدكتور شادي علي، بيّن أنه لا يوجد أية ملاحظات قانونية على تمديد محضر التسوية بين الطرفين لخمس سنوات قادمة، موضحاً أن أبرز ما يميّز هذا التمديد هو عدم أحقية المحطة المستثمرة مستقبلاً بالمطالبة بتمديد محضر التسوية سنداً لمبدأ القوة القاهرة وفقاً للمادة 15- 6 من العقد الأساسي، والمادة 12 من محضر التسوية الموقع بين الطرفين، إلى جانب إزالة حالة عدم التعريف بمبدأ التمديد الممنوح بموجب التسوية، وبالتالي تكون إدارة المرفأ قد تخلصت من التمديد اليومي الممنوح بحسب التسوية للمحطة، إضافة إلى أن التمديد المذكور أدى إلى رفع نسب الإيرادات لمصلحة إدارة المرفأ من نسبة 61.05% إلى 65%، وهذا مؤشر جيد سيؤدي إلى زيادة في إيرادات إدارة المرفأ.

من جانبها، أعلمت إدارة الشركة العامة لمرفأ اللاذقية هيئة التخطيط والتعاون الدولي بكتابها المدوّن بالرقم 98 بأن ملحق محضر التسوية الخاص بتمديد عقد محطة الحاويات الدولية جاء حرصاً على المصلحة الوطنية العليا، ومنسجماً مع المادة 14- 1 من العقد (حل الخلافات بتسوية ودية)، ويجنّب شركة المرفأ الذهاب إلى التحكيم في جنيف لحلّ الخلافات في حال عدم توصل طرفي العقد إلى حل وديّ للخلاف، وما يترتب على ذلك من آثار قانونية ومالية بمواجهة الحكومة السورية، حيث تتحقق المصلحة العامة في ملحق محضر التسوية من خلال رفع نسبة الإيرادات لصالح إدارة المرفأ بزيادة 3.95% عن النسبة المدوّنة في محضر التسوية، وذلك اعتباراً من الشهر العاشر من العام الفائت.

قوة قاهرة

وأشار الكتاب، الذي حصلت “البعث” على نسخة منه، إلى أن عقد الإدارة والتشغيل الموقع مع محطة الحاويات لا يخضع لنظام العقود الصادر بالقانون رقم 51 لعام 2004، ودفتر الشروط العامة، وإنما نظّم مع المحطة استناداً إلى كتاب وزير النقل رقم 2662/2، ووفق دفتر شروط خاص أًعدّ لهذا الموضوع، حيث إن العقد مؤسس بناء على أحكام القانون المدني السوري بهدف إقامة التشاركية بين القطاعين العام والخاص، وأوضح الكتاب أن محضر التسوية استند إلى الظروف القاهرة التي تمرّ بها البلاد، حيث تمّ التوصل إلى صيغة توافقية لحل الخلافات المتعلقة بالالتزامات العقدية وفق ضمانات مالية وقانونية.

التزام

المدير التنفيذي للمحطة، المهندس نعمان الصاري، أشار إلى أن إدارة وتشغيل وإعادة تأهيل المحطة تتمّ وفق أحدث المعايير المتبعة في المرافئ المتطورة، مع المساهمة في تحقيق حدّ أدنى من الحاويات وفق برنامج زمني محدّد يصل إلى مليون حاوية، موضحاً أنه تتمّ الاستفادة من العمالة الفائضة في المرفأ بتشغيل160 عاملاً في المحطة، مبيناَ أن إيرادات محطة الحاويات بموجب تمديد محضر التسوية تتوزع بنسبة 65% حصة المرفأ، مقابل 35% حصة الشركة المشغلة. وأكد الصاري أن المحطة التزمت بالضمانات المالية والقانونية المتمثلة بدفع مبلغ 425 مليون ليرة مجدولة خلال السنوات الماضية للتعويض عن التقصير الناتج في تحقيق عدد الحاويات، موضحاً أن المادة 14 من العقد تضمنت حلّ الخلافات بتسوية ودية في حال نشوء نزاع بين فريقي العقد، ويسعى الفريقان إلى بذل أقصى الجهود لحلّ أي نزاع طارئ بحسن نية، منوهاً بأن الإيرادات في تزايد مستمر.

جاهزية

وفي السياق نفسه، تؤكد وزارة النقل الجاهزية الفنية لجميع آليات ومعدات وتجهيزات كلا المرفأين من خلال إجراء الصيانات والإصلاحات الدورية المطلوبة من قبل المهندسين والفنيين في الورشات المختصة لديها، وكذلك في الورشات الخارجية، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية آليات وتجهيزات العمل المرفئي، حيث تتراوح جاهزية الآليات والمعدات للمرفأين بين 80– 85%، مع وجود مخابر مركزية حديثة في المرافئ. وتشير الوزارة أيضاً إلى استمرار المخابر في كلا المرفأين بالعمل على تطوير إمكانيات التحليل من الناحيتين النوعية والكمية، وبالتعاون مع الجهات صاحبة العلاقة في وزارات الدولة. وقد أثبتت المخابر المركزية بالمرافئ السورية أنها ذات جودة ودقة عاليتين، وأنها جاهزة لاستقبال أغلب أنواع التحاليل، وبنسبة تصل إلى 95% من العينات المطلوب تحليلها، وتنوه الوزارة بالخطط الموضوعة لتطوير آلية عمل المرافئ السورية من أجل دعم العملية التصديرية والنشاط الاقتصادي، ومنها ضرورة تطبيق مبدأ التشاركية بفصل الإدارة عن الملكية لخدمات “التناول والإرشاد والقطر”، لأنها مكلفة من ناحية الحاجة إلى قواطر ووقود، وبما يضمن النهوض بعمل المرافئ لتمكينها من منافسة مرافئ الدول المجاورة، وهو المطبق حالياً في المرافئ السورية، إضافة إلى ضرورة زيادة الأعماق الموجودة حالياً في كلا المرفأين من خلال البدء بتوسيعهما للوصول إلى أعماق تتيح للمرافئ السورية استقبال السفن ذات الغواطس الكبيرة.

Mohamdzkrea11@yahoo.com