دراساتصحيفة البعث

مواقف العالم ضد ضم أغوار الأردن وشمال البحر الميت

ريا خوري

 

تجلّت الصراعات الداخلية في الكيان الصهيوني على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي حول اتفاقية الائتلاف الحكومي لعملية ضم الأغوار الأردنية وشمال البحر الميت إلى الكيان الصهيوني بين حزبي الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، وحزب ( أزرق أبيض) بزعامة بيني غانتس.

كان من بين أهم أسباب تلك الصراعات شدة وقوة المعارضة الدولية لهذه الخطوة، كانت آخرها نقاشات ومداولات مجلس الأمن الدولي، وموقف محكمة الجنايات الدولية، حيث تبيّن للجميع بشكل واضح أن خطوة الضم لا يمكن لها أن تتم من دون عواقب، بخاصة بعد تأكيد دول الاتحاد الأوروبي عزمها فرض عقوبات دولية على الكيان الصهيوني إذا ما تم الضم، ومع ذلك تواصل النقاش والسجال الإعلامي الساخن بشأن مدى انتهاك الضم للقانون الدولي، حيث عاد نتنياهو من جديد للحديث عن عدم تعارض الضم مع القانون الدولي في أثناء حديثه مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون .

هناك من يشير إلى أن تفشي وباء كوفيد 19 (كورونا) أحد الأسباب الرئيسية المعرقلة للضم، وهناك من يعتقد أن الكيان الصهيوني كان يطمح لتمرير الضم تحت ستار انشغال العالم بمكافحة ذلك الوباء، وهناك من يعتقد أن الضم لن يتم بسبب تراجع الموقف الأمريكي، وانخفاض مستوى تأييده لهذه الخطوة من جهة، وشدة المعارضة الدولية من جهة أخرى، على خلفية ما يمكن أن تتركه من عدم استقرار في المنطقة جراء الرفض الفلسطيني المطلق، والرفض العربي لها.

من الواضح أن استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة الأمريكية التي أشارت إلى تراجع فرص انتخاب دونالد ترامب، وتنامي المعارضة الديمقراطية لخطوة الضم الجائرة، لا شك أنها أربكت قيادة الكيان، كما أن حرص العديد من الدول والقوى الدولية، خصوصاً المناصرة تقليدياً للكيان كحزب المحافظين البريطاني، أربك بنيامين نتنياهو، فقد عبّر رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون عن رأيه من خلال مقالة نشرها في صحيفة (يديعوت أحرونوت) الصهيونية يحذر فيها بشدة من أن ضم الأغوار وشمال البحر الميت لن يحقق هدف تأمين حدود الكيان، ويشكّل مخالفة لمصالحها بعيدة المدى، كما سيعرّض الطريق الذي سلكه الكيان الصهيوني للخطر بشأن تحسين علاقاته مع العالم العربي، وأن المملكة المتحدة لن تعترف بالتغييرات على حدود 1967، باستثناء تلك التي سيتم الاتفاق عليها بين الطرفين، مؤكداً أن هناك طريقاً آخر يمكن أن يسلكه الكيان .

أما مجلس الأمن الدولي فقد ناقش في جلسة خاصة موضوع ضم الأغوار وشمال البحر الميت، وقد شدد أنطونيو غوتيرس الأمين العام للأمم المتحدة على أنه إذا نفذ الكيان الصهيوني خطة الضم، فهذا انتهاك صارخ للقانون الدولي والشرعية الدولية من شأنه تقويض حل الدولتين، وسيؤثر ذلك على مستقبل المنطقة .

ورغم رمزية المواقف التي تم الإعلان عنها بصراحة في الفعاليات الرسمية الفلسطينية الرافضة والمناهضة لصفقة القرن، وخطة ضم الأغوار وشمال البحر الميت، إلا أن مشاركة ممثّلين دوليين فيها تزيد من أهميتها، فقد شدد مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ميلادينوف على أن خطة الضم تتعارض مع القانون الدولي، وتقضي على حلم السلام وإقامة الدولة الفلسطينية، كما شدد ممثل الاتحاد الأوروبي السيد سفين كون بورغسدروف على عدم اعتراف الاتحاد الأوروبي بأية سيادة صهيونية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها مدينة القدس الشرقية، وأعلنت روسيا الاتحادية من خلال سفيرها السيد غوتشا بواتشيدزة في فلسطين أن عملية الضم ستقوّض عملية السلام، وكذلك فعل السفير الصيني في فلسطين الذي أكد على وجوب حل الصراع على أساس مبدأ دولتين لشعبين، ولم يختلف الموقف الياباني عن ذلك، فقد أعلن السفير الياباني أن خطة ضم الأغوار وشمال البحر الميت تحطم فرص تحقيق حل الدولتين، وتشكّل تهديداً للأمن الإقليمي.

لم تكن مواقف الدول التي أتينا على ذكرها هي الوحيدة الرافضة لعملية الضم، بل إن جهات فاعلة حتى في الكونغرس الأمريكي دعت إلى رفض عملية الضم والاعتراض عليها، وهناك العشرات من أعضاء الكونغرس الأمريكي يرفضون خطة الضم، وعنف المستوطنين ضد أبناء الشعب الفلسطيني، كما استنكر أكثر من ألف برلماني أوروبي خطة ضم الأغوار وشمال البحر الميت في رسالة مشتركة تم توجيهها لزعماء الاتحاد الأوروبي، طالبوا فيها بالعمل على وقف خطة الضم، وعلى عدم السماح نهائياً للضم أن يمر دون رفض أو اعتراض.