الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

الغنوشي يستخدم القوة لفض اعتصام نواب الشعب!

دخل النزاع بين نواب الحزب الدستوري الحر المعارض وحركة النهضة، والتيارات المحسوبة عليها، مرحلة جديدة وخطيرة، بعد استعانة رئيس البرلمان راشد الغنوشي بالقوة العامة لإيقاف اعتصام النواب المعارضين والمطالبين بسحب الثقة منه.

وفوجئ نواب الدستوري الحر، الذين دخلوا في اعتصام مفتوح، بالشرطة العدلية وهي تقتحم قاعة الجلسات العامة في انتهاك للقانون.

ودخلت عبير موسي في مشادة مع ممثل الشرطة العدلية حيث طالبته بإذن كتابي قانوني قبل الحديث معه حول الاعتصام، مشيرة إلى أن اقتحام البرلمان من قبل الشرطة أمر غير مقبول وانتهاك صارخ للديمقراطية ولحقوق الإنسان.

ورفض ممثل الشرطة العدلية إظهار وثيقة تسمح له باقتحام مقر الجلسة العامة، وهو ما يعتبر انتهاكاً جديداً للقانون.

وأضافت موسي: إن حركة النهضة الإخوانية تستخدم نفوذها في أجهزة الدولة لتصفية الحسابات السياسية مع كتلتها، مشيرة إلى ما يحدث هو دليل واضح على نفوذ الإسلامويين في عدد من المؤسسات الجمهورية.

وكان رئيس البرلمان ومدير ديوانه الحبيب خضر طالبوا مراراً النيابة العامة بالتدخل لمواجهة اعتصام نواب الدستوري الحر، زاعمين أن تصرفاتهم انتهاك للنظام الداخلي ومسيء للديمقراطية!، حسب تعبيرهم.

وهذه أول مرة يتم استعمال القوة العامة ضد نواب منتخبين من الشعب التونسي وفي مؤسسة دستورية كمؤسسة البرلمان.

واتهمت موسي ونواب كتلتها رئاسة البرلمان بالتساهل مع متورطين في الإرهاب، وذلك بعد رفض  الغنوشي إصدار قرار يمنع كل شخص متهم في قضية إرهابية من الدخول إلى مجلس الشعب.

وتأتي عملية اقتحام البرلمان من قبل النيابة العامة بعد لقاء جمع راشد الغنوشي بالرئيس التونسي قيس سعيد، وهو ما فهم على أنه ضوء أخضر من الرئيس للسماح بقمع الكتلة المعارضة للإسلام السياسي.

وفي المقابل نفى نبيل حجي، القيادي في حزب التيار الديمقراطي، شريك الحكم، تورّط الرئيس في عملية الاقتحام، مشيراً إلى الأمن الرئاسي لا يقف وراء الخطوة بل النيابة العامة، وهي لا تقع تحت نفوذ الرئيس.

ودخلت موسي في مناوشة مع نواب ائتلاف الكرامة، المحسوبين على حركة النهضة، وذلك على خلفية السماح بدخول قيادي في الائتلاف خاضع لإجراء “إس 17” المتعلق بمنع سفر أشخاص متورطين في الإرهاب.

وأمس الاثنين، حفلت جلسة الإعلان عن إطلاق مسار إعداد وانجاز الاستراتيجية الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بمناوشات كلامية بين نواب الحزب الدستوري الحر، المعتصمين بالمجلس، ونواب حركة النهضة، على خلفية احتجاج نواب كتلة الحزب الدستوري الحر ورفعهم شعار “لا للإرهاب في البرلمان”، مطالبين بسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، وقد حاول نواب كتلة حركة النهضة التدخّل لمنعهم من تعطيل سير أشغال اليوم البرلماني، ما زاد الطين بِلة وجعل من الأجواء أكثر توتراً. ووصل الأمر إلى حد تبادل العنف بين نواب الحزب الدستوري الحر وحركة النهضة داخل قاعة الاجتماع.

لقطات الفيديو التي تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أظهرت الشجار بين نواب الكتلتين، خلفّت انتقادات كبيرة بشأن المستوى الذي وصل إليه ممثلو الشعب في تونس.

وتلقى تصرفات كتلة الحزب الدستوري الحر رواجاً واسعاً داخل قطاعات كبيرة من الشعب التونسي، حيث تحتل الكتلة المرتبة الأولى من حيث الشعبية في آخر استطلاع للرأي.

وتشير هذا التطوّرات إلى المأزق السياسي الذي وصلت إليه مؤسسات الحكم في تونس في ظل نفوذ الإخوان المتحكم في كل نواحي الحياة السياسية.

وفي هذا السياق، كتبت الصحفية بجريدة الصباح منية العرفاوى تدوينة على صفحتها الخاصة على فيسبوك جاء فيها “أيها الشعب المغفّل ماذا فعلت بنفسك؟ وأي لعنة حلت بك لتختار هؤلاء لقيادتك سياسياً”، فيما كتب المختص في علم الاجتماع معاذ بن نصير: “نعيش أتعس فترة حكم في تاريخ تونس”، وتساءلت الصحفية ايمان عبد اللطيف: “متى ينتفض الشعب ضد مهازل البرلمان.. إنها فضيحة”.

تهكّم وسخرية طغت أيضاً على تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي من قبيل “من يبحث عن اللجوء ليس عليه تقديم مطلب عليه فقط أن يستظهر بهذا الفيديو”، “نداء لشركات الإنتاج السينمائي كي تستثمر في هذه المواهب الفذة”.

وكان البرلمان التونسي شهد في الفترة القليلة الماضية أحداثاً مشابهة لما وقع بين نواب الدستوري الحر ونواب حركة النهضة، فقد سبق وأن صعد نواب “الدستوري الحر” منصة رئاسة المجلس لإجبار الغنوشي على مقاطعة الجلسة العامة، ليرد رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف ويعتلي بدوره إحدى مدارج البرلمان احتجاجاً على الدستوري الحر.

كما شهد البرلمان في أكثر من مناسبة شجاراً بين النواب كاد أن يبلغ حد العنف الجسدي على غرار ما حدث بين المستقيلين من حزب الرحمة ورئيس الحزب سعيد الجزيري بعد وصفه لهم بـ “النعاج”.

وهذا العنف داخل البرلمان تقابله أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية تعصف بالبلاد.. رئيس حكومة مستقيل ومشاورات تجري على قدم وساق لاختيار رئيس حكومة جديد يحظى بأغلبية أصوات في ظل صراع بين أحزاب يبدو أنها لن تجتمع حول الشخصية الأنسب.. رئيس برلمان مهدد بسحب الثقة منه.. مشاريع قوانين معطلة وهيئات دستورية لم يكتب لها أن تبعث رغم أهميتها.. احتجاجات لمعطلين عن العمل، اعتصامات ومطالب اجتماعية بتطاوين في الجنوب التونسي، شركات وطنية مهددة بتوقف نشاطها على غرار شركة فسفاط قفصة..

مع كلّ هذه الأزمات، التي تشهدها تونس وفي ظل التنافر الكبير بين الأحزاب المشكّلة للمشهد السياسي، والتي بلغت حد صعوبة التعايش فيما بينها تحت قبة البرلمان، تعالت بعض الأصوات مطالبة بضرورة حل مجلس النواب وإجراء انتخابات سابقة لأوانها، فهل تعجّل الخلافات بحلّ البرلمان التونسي؟