تحقيقاتسلايد الجريدةصحيفة البعث

رغم كورونا.. أرباح عالية من عمليات التجميل وانتشار أوسع في المجتمع الشبابي!!

شدني حديث فتاتين أمام إحدى المؤسسات الحكومية، وهما تتحدثان عن عمليات التجميل وضرورتها، وكيف ستدخران المال من الراتب الشهري لعمل بوتوكس وفلر ليصبحن كـ “لارا” وغيرها من الفتيات اللواتي بتن نسخة واحدة تكاد لا تفرق الواحدة عن الأخرى.

كوفيد-19 لم يمنع
يبدو أن توفير لقمة العيش في ظل كورونا والظرف الاقتصادي السيئ ليس الشغل الوحيد الشاغل لبعض الناس، كما أن الراتب الشهري الضعيف يظهر عكس ذلك عند الرغبة في التجميل، فالشفاه المنفوخة والأنف “المشقول” والحقن ونفخ بعض المناطق في الجسم تأتي عند البعض بأهمية الأكل والشرب، وهذه الأمور ليست حكراً على الطبقة المخملية وأثرياء البلد، بل نجدها وبكثرة عند ذوي الدخل المحدود، لكن للأمانة أكثرهم غير مرتبط بأطفال وأسرة بمعنى ليس مسؤولاً عن أحد، مها ابنة الـ 27 عاماَ، موظفة وتهتم بأناقتها وجمالها، قالت: لا أستطيع ردع نفسي عن زيارة مركز التجميل حتى بعد ظهور وباء كورونا، واعتدت على عمل جلسات نضارة للبشرة كل أسبوع مرة، وأدفع لقاء ذلك 24 ألف لأن كل جلسة يقابلها 6000 ليرة، وعند سؤال مها عن قدرتها على توفير المبلغ المطلوب وهي موظفة عادية راتبها 42 ألف ليرة، قالت: بداية “كنت عاملة جمعية” ثم بدأت أمي بمساعدتي وبذلك أتدبر أمري، أما روعة فترى أن بعض الفتيات يصيبهن الضعف عند التفكير بالتجميل، فهي قامت بتجميل أنفها مرتين، مرة قبل جائحة كورونا وأخرى بعدها، تقول: لم أفكر كثيراً أن كوفيد-19 وانعكاساته على الوضع المعيشي والصحي قد يمنعني من تجميل أنفي، فالمستشفى معقم والكادر الطبي يأخذ كل حيطته وحذره، كلفني تجميله بالمرتين أكثر من نصف مليون ليرة، وأنا أعمل موظفة استقبال بأحد الفنادق وأجري لابأس به “بتحمل نام بلا عشا بس ما بتحمل شوف منخاري بشع”، أما ديانا أم حمزة ربة منزل وأم لطفلين فتشرح كيف أن زوجها الذي يعمل موظفاً وسائق تكسي عمومي بعد الظهر، يبدي إعجابه بالفتيات الجميلات وبطريقة وضع الماكياج، لذلك قررت – تقول ديانا – أن أقوم ببعض عمليات التجميل كالفلر والأنف ونفخ الخدود “مشان ما تتطلع عينو لبرا” والآن ومع وجود كورونا أزور مركز التجميل مرة في الشهر بعد أخذ الاحتياطات وأدفع 12 ألف ليرة على جلسة تنظيف البشرة والماسك.

الجمال أولاً
قد يعتقد البعض أننا نبالغ إذا قلنا أن هناك رجالاً ونساء يفضلون أن يظهروا بأجمل حلة ومظهر ولو كان على حساب وضعهم المعيشي، فكثير من الناس يظهرون بأجمل حلة وأبهظ الملابس إلاّ أن حياتهم تكون بسيطة وقد لا يملكون قوت يومهم، في المقلب الآخر تتجه الفتيات للتجميل باعتبار الجمال – على حد تعبيرهن- يأتي في المرتبة الأول عند البحث عن أي وظيفة أو عمل لتبقى الخبرات والشهادات الجامعية في مراتب لاحقة، لذا اتجهت أميرة وهي خريجة أدب فرنسي للحقن والشفط لتحصل على عمل في أحد المكاتب السياحية، كذلك حال مرام الحاصلة على شهادة إنكليزي من المعهد العالي للغات وخريجة مناهج تربوية إذ قالت: لم تطلب أي مسابقة اختصاصي ورغم أني كنت من الأوائل على دفعتي اتجهت للغات علّها تسعفني بالتوظيف في القطاعات الخاصة، لكن ذلك لم ينجح، فنصحتني صديقتي بإجراء تجميل لأنفي وشفط بعض الدهون المتراكمة فاتجهت لذلك وأنا غير مقتنعة، لكن للأسف كانت سبباً للتوظيف في صيدلية طبية بأحد المشافي.

قطاع رابح
وعلى الرغم من الخسائر التي لحقت بالعديد من القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والتعليمية، بقي سوق التجميل إلى حد ما قطاعاً رابحاً لم يلوح بخسارته أمام فيروس كورونا، فهواة وعشاق الجمال بادروا إلى الاستشارات المأجورة عبر الانترنت واستدعاء خبراء التجميل إلى المنازل عند حظر التجوال، وسارعوا إلى المراكز بعد الحظر، حيث تقول الدكتور أمل مالكة أحد المراكز التجميلية: إن مركزها لم يترنح تحت وطأة الظرف الاقتصادي فمن وصفتهم بالطبقة المخملية زادت استشاراتهم المأجورة عبر صفحتها على الفيس بوك، كما كانت ترسل بعض الخبيرات إلى المنازل نزولاً عند رغبة بعض النساء اللواتي يكون الجمال والتجميل محور حياتهن، تقول الدكتورة أمل: قمنا بجميع التدابير الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا وتواجده في مركزنا من تعقيم مستمر للأدوات والآلات والأجهزة، وبضحكة صفراء تضيف: بالنسبة للأسعار لابد وأنها تغيرت فمعظم المواد المتواجدة في المركز مستوردة، وأغلب ما أصنعه على يدي تدخل به المواد المستوردة أيضاً، ولكل شيء سعره فالبوتوكس يختلف عن سعر الليزر وعن نحت الوجه وإذابة الشحوم كذلك عن البلازما ونفخ الشفاه والخدود، لكن بشكل عام وللصراحة أسعارها مرتفعة، وأقوم أحياناً بتقسيط المبلغ على “الزباين” المتكررين والمعروفين لدي في وقت تأتي بعض النساء والصبايا ممن يدفعن “كاش وطبشة” دون أن يرف لهن أي جفن.

بدوره بيًن دكتور التجميل غيث .ل والذي لديه عيادتان واحدة بإحدى المناطق العشوائية وأخرى في المزة، أن التجميل مجاله واسع ومن يضع أول خطوة له في هذا الطريق لا يمكنه أن يتراجع لأن النتائج تكون مذهلة وقلما يحصل خطأ إلا عند الأطباء ذوي الخبرة القليلة، ولم يرغب الدكتور غيث بالحديث عن الأسعار إلا أنه أكد أنها مرتفعة جداً وتتعلق أيضاً بسعر صرف الدولار لأن أغلب المواد الداخلة بالمركبات التجميلية مستوردة.

ضرورة أم هوس
الخبيرة الاجتماعية فهمية خضور ربطت الاهتمام بالجمال بالحالة النفسية والثقة بالنفس وقالت: الكثير من الفتيات والشباب ممن يخضعون لعمليات تجميل يعاني من قلة ثقة بالنفس، وهنا نتحدث عن الشريحة التي قد تكون عانت من اضطهاد في الصغر وتعنيف سواء من قبل الأهل أو الأصدقاء لنقص في الجسم أو تشوه أو جمال متدن ولن نقول هنا قبح، فلا يوجد شخص قبيح وآخر جميل بل يوجد شخص متصالح مع نفسه ومجتمع واع وناضج، وللأسف هذا ما نعانيه في بعض البلدان العربية، وتضيف: البعض يتجه للتجميل ظناً منه للأسف أنه السبيل الوحيد للحصول على وظيفة، قد تكون هذه حقيقة في بعض الأماكن لكنها ليست مطلقة، وآخرون يطرقون باب عيادات التجميل هوساً بالتغيير وركوب موجة “الجسم الممشوق والأنف المرفوع وكراسي الخدود” ليغدو الجميع نسخة واحدة ذكورا وإناثا، حتى في فترة كورونا لاحظنا البعض يتفنن بوضع الماكياج على الكمامة، ويبدل أنواعها وألوانها بما يناسب ملابسه وربما سيارته حتى دور عرض الأزياء باتت تنسق أزياءها على “كيف كورونا”، بمعنى هوس الجمال لا يكبحه شيء سواء الوضع المادي أو الصحي هو فقط نزعة عند البعض وضرورة لدى البعض الآخر كي يتقبلهم المجتمع للأسف، ويكون تقليداً وبريستيجاً عند طبقة أخرى.

تقارير
أما في العالم العربي فقد احتلت مصر مركز الصدارة بين الدول العربية في عدد جرحى التجميل، فيما احتل لبنان المركز الأول في عمليات التجميل، كما أن أسعار العمليات فيها أقل مما هي عليه في العالم الغربي، ويقدر سعر عملية التجميل في مصر بربع سعر العملية نفسها في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد احتلت السعودية المركز الثاني عربياً من حيث عدد جرحى التجميل وتعتبر عملية نحت الجسم الأكثر شيوعاً فيها، أما في الإمارات فيبدو أن عمليات شفط الدهون وجراحات الثدي وشد البطن هي الأكثر شيوعاً، وتشهد الكويت إقبالاً شديداًَ على عمليات تجميل الأنف وشفط الدهون، كما تبلغ نسبة الرجال الذي يخضعون لجراحات تجميلية حوالي 30%من المجموع العام لمرضى الجراحات التجميلية في الكويت، وينتشر الإقبال على الجراحة التجميلية في تونس، حيث تزدهر السياحة التجميلية المرتبطة بشكل خاص باستخدام التقنيات الحديثة وانخفاض أسعار الإجراءات التجميلية بنسبة 70% عما هي عليه في أوروبا.
نجوى عيدة