تحقيقاتصحيفة البعث

الجمعيات الأهلية.. بين الشكلية النمطية والفاعلية المطلوبة!

لعلّ أدق وصف و توصيف لحال و واقع الجزء الأكبر من الجمعيات الأهلية المشهرة وقيد الإشهار أنها تأكل “البيضة و التقشيرة”، متجاهلة الدور الأساسي الذي تأسست لأجله ولاسيما مساهمتها المفترضة في خدمة المجتمع بكل ما لهذه الخدمة من أشكال و اختصاصات، ولن نبالغ أو نجافي الحقيقة عندما نشير إلى أنه لايزال دور الجمعيات الأهلية التي تنتشر بالعشرات في اللاذقية باختصاصات متعددة دون مستوى طموح المجتمع الأهلي المحلي في اللاذقية، لأن العدد الأكبر من هذه الجمعيات لم يقدم الحد الأدنى من الأعمال والخدمات التي تبنّاها في قرار الإشهار، بل إن بعضها لم يخرج إلى المجتمع المحلي بمبادرة، يقدّمها إلى الناس والمجتمع؛ وبعضها الآخر اكتفى بتسجيل الحضور الشكلي في المناسبات، في حين أن عدداً منها اجتهد كثيرا” في العمل التطوعي النوعي وانصبّ جلّه في الجانب الاجتماعي والثقافي والإغاثي وأما الجوانب الاقتصادية والتسويقية والسياحية، فهي الحلقة الأضعف رغم الحاجة الماسة لإسهاماتها في التسويق الزراعي و التصنيع اليدوي وفي التنمية السياحية وفي تشجيع الأعمال الفردية والجماعية بإنتاج مشروعات تنموية مختلفة ذات جودة عالية تحتاجها السوق، سيما أن الجمعيات المحدثة والمشهرة متنوعة الأهداف ومتخصصة في شؤون ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين والعجزة إضافة إلى جمعيات سياحية وبيئية واجتماعية.

عدد قليل منها فعّال
لمعرفة واقع نشاط الجمعيات الأهلية في محافظة اللاذقية وتواجدها الفعلي، فقد سألت “البعث” عضو المكتب التنفيذي المختص للشؤون الاجتماعية عبدالحسن شروف عن هذا الموضوع، فأكد أن الجزء الأكبر من هذه الجمعيات ليس فاعلاً و لا يقدّم أية خدمات تذكر، مبيّناً أنّ عدد الجمعيات الفاعلة والمتواجدة لا يتجاوز عشر جمعيات من أصل أكثر من مئة جمعية، وأوضح أن غالبية الجمعيات وجودها شكلياً لا أكثر. وفي مقابل ذلك هناك جمعيات تقدّم خدماتها ومتواجدة على أرض الواقع، ولفت إلى أن الجمعيات التي لديها دعم تقدم خدمات وهذه الخدمات ليس من تمويلها الذاتي وهذا متعارف عليه. وأوضح شروف أن مكتب الشؤون الاجتماعية في المحافظة مهمته الإشراف على هذه الجمعيات ومتابعة عملها، ويتم الاطلاع المستمر على واقع هذه الجمعيات، كما يتم خلال الاجتماعات دراسة ضوابط ومحددات عمل لها من خلال مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل التي تشرف مباشرة على عمل هذه الجمعيات.

انكفاء
و إذا ما أخذنا بعين الاهتمام ما أشار إليه عضو المكتب التنفيذي المختص حول واقع عمل الجمعيات، فإن بوسعنا أن نستشف أنه إذا كان عدد من الجمعيات الأهلية قد سجّل حضوراً بجودة ونوعية الخدمات والمبادرات اللافتة إلا أن العدد الأكبر منها منكفئ ووجوده نظري، وهذا يستوجب إعادة النظر في وضعها، لأن الحاجة ضرورية أكثر اليوم لجمعيات متخصصة في حماية المستهلك والأسواق والتسويق الزراعي وتنمية الثروة السمكية وحماية الثروة الحراجية، شريطة أن تكون فاعلة ومؤثرة وقادرة على تحقيق قيمة مضافة في القطاعات والاختصاصات التي تعمل فيها، لأن هذه الإسهامات هي شكل من أشكال الشراكة بين القطاعات ولكنها شراكة حقيقية ومسؤولة .

التوجه نحو الأسواق
وما يدعو إلى الاهتمام النجاح الواضح الذي حققته جمعية سوق الضيعة، وتالياً الجمعيات الأهلية التي أطلقت معارضها ومهرجاناتها، وقد حفّزت هذه المهرجانات بما عرضته من منتجات يدوية إلى التوجّه نحو دراسة أسواق حرفية تراثية يدوية نظراً لما تشكله هذه الحرف من إحياء للذاكرة التراثية والتعريف بغنى التراث الحضاري لسورية، وهناك أكثر من موقع مقترح ليكون حاضناً للسوق التراثية بالتعاون والتشبيك مع المؤسسات المعنية والاختصاصية لتكون السوق التراثية مقصداً أساسياً لكل المهتمين بالمصنوعات والمنتجات والمهن التراثية، إضافة إلى جذب الزوار والسياح، حيث تتيح السوق التراثية اطلاع الزائر على المهن والمصنوعات المرتبطة بالذاكرة الشعبية وبتراث المدينة وأشكال وألوان النشاط البشري الذي تتميز به اللاذقية كمدينة بحرية شاطئية تجمع بين زرقة البحر وخضرة الجبل وتنساب بينهما مفردات ومكونات وإيقاعات الأيقونة التراثية الغنية بألوانها والجميلة بتفاصيلها.

الحدّ من حالات الخلل
و لأجل الحدّ من حالات الخلل التي تشوب عملية توزيع المساعدات الإنسانية من قبل الجمعيات و المنظمات، فقد كان لمحافظة اللاذقية مؤخراً محددات ناظمة لآلية عمل الجمعيات و المنظمات في مجال توزيع المساعدات والإعانات. وفي هذا الإطار، أكدت المحافظة على ضرورة إجراء عملية التوزيع بالتنسيق مع المحافظة، لأن توزيع المساعدات الإنسانية التي تقوم بها الجمعيات والمنظمات ونتيجة ما يشوبها أحياناً من خلل وازدواجية بالتوزيع يستوجب أن تكون بمجملها بالتنسيق مع المحافظة للحد من حالات الخلل و الشكاوى ولتنظيم عملية التوزيع بحيث تتسم بالشفافية والوضوح للجميع، وأن تصل المساعدة للمستحقين بعدالة، حيث تم الاتفاق على أن يكون التوزيع مرّة واحدة كل شهرين وفق الكميات المخصصة للمحافظة ومنع الازدواجية وأن تكون عملية التوزيع تحت إشراف مكتبي الشهداء والإغاثة في المحافظة بالتنسيق والتعاون مع باقي الجهات المعنية، وأن يتم إعلام المستفيدين قبل وقت كاف عن طريق رؤساء البلديات؛ كما تم الاتفاق على أن يشمل التوزيع أيضاً بشكل منظم ذوي الإعاقة بالتنسيق بين مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل ومكتب الإغاثة بما فيها المساعدات الطبية اللازمة.

مروان حويجة