دراساتصحيفة البعث

فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية دليل الخطوات للبشر لبناء العالم الأجمل

بقلم: مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي

استعراضا للتاريخ البشري، تولد العصور العظيمة الأفكار العظيمة حتما. منذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، دخلت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى العصر الجديد بخطوات ثابتة، حيث وقفت الأمة الصينية التي عانت من المحن الطويلة المدى على قدميها وأصبحت غنية وقوية، وحققت طفرة عظيمة خلال هذه الفترة. وتكون الصين اليوم أقرب من أي وقت مضى لتحقيق حلم النهضة العظيمة للأمة الصينية، وأقرب من أي وقت مضى من مركز الدائرة العالمية. في الوقت نفسه، يمر العالم بتغيرات عميقة ومعقدة غير مسبوقة منذ مائة سنة. في ظل الأوضاع الدولية المتقلبة، طرح الرئيس شي جينبينغ كاستراتيجي عظيم ذي الرؤية الثاقبة والبصيرة وهو يجسّ نبض قواعد تطور المجتمع البشري ويقرأ بصورة شاملة تطورات الأوضاع الدولية والمكانة التاريخية لبلادنا، طرح سلسلة من المفاهيم والرؤى والمبادرات الجديدة التي تتسم بالخصائص الصينية وتجسد روح العصر وتقود تقدم البشرية، وأجاب بشكل واضح على سلسلة من الأسئلة الهامة نظريا وواقعيا، وفي مقدمتها ما هو العالم والعلاقات الدولية التي يجب على الصين إقامتها وما هي الدبلوماسية التي تحتاج الصين إليها وكيفية تنفيذ دبلوماسيتها في العصر الجديد، الأمر الذي شكل فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، أي فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية باختصار، وأوضح اتجاها للدبلوماسية الصينية في العصر الجديد ووفّر مرجعية أساسية لها.

ستدفع الأفكار العظيمة إن نشأت، بتقدم العصر بكل التأكيد. في السنوات الأخيرة، تغلبت الدبلوماسية الصينية على الصعوبات بروح المبادرة والإنجاز استرشادا بفكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية، وتعمل على إقامة شبكة الشراكة العالمية والمعادلة الدبلوماسية الشاملة الأبعاد والمتعددة المستويات والواسعة النطاق، مما شكل “دائرة الأصدقاء” في كل أنحاء العالم. وتدعو الصين إلى التعاون في بناء “الحزام والطريق”، وإقامة أكبر منبر التعاون الدولي، وتنفذ مفهوم التشاور والتعاون والمنفعة للجميع، بما يحقق المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة لشركاء التعاون. وتبادر الصين إلى ريادة عملية الإصلاح لمنظومة الحوكمة العالمية ودفع العولمة نحو اتجاه أكثر شمولا ونفعا للجميع ودفع النظام الدولي نحو اتجاه أكثر عدالة وإنصافا. وتعمل الصين بكافة طاقتنا على إجراء التعاون الدولي في مكافحة الجائحة والدعوة إلى إقامة مجتمع الصحة المشتركة للبشرية وتحمل المسؤولية المطلوبة لمكافحة الجائحة في العالم.

يعد فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية إنجازا هاما وتاريخيا في مسيرة الصين الجديدة لتكوين منظومة النظريات الدبلوماسية، وتتسم هذه المنظومة الفكرية بطابع علمي وعصري وتقدمي وعملي.

أولا، تكون فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية جزءا عضويا لفكر شي جينبينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد. نظرا لأن الدبلوماسية تجسد إرادة الدولة، فتكون الأعمال الدبلوماسية جزءا مهما لقضية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. تولي اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ونواتها الرئيس شي جينبينغ اهتماما بالغا للشؤون الدبلوماسية، ووضعت تخطيطا استراتيجيا من أعلى مستوى لدبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية، انطلاقا من الخطة الاستراتيجية العامة المتمثلة في تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية، مع أخذ في اعتبار خصائص العصر الذي تتوازى فيه التغيرات الكبيرة في العالم مع المرحلة الجديدة للصين. وتم إدراج إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية وإقامة نوع جديد من العلاقات الدولية كمحور فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية، إن القيادة من قبل الحزب الشيوعي الصيني أهم سمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية وأكبر ميزة سياسية للدبلوماسية الصينية، فيكون تعزيز الدور القيادي الموحدة للحزب الشيوعي الصيني ودوره في التخطيط والتنسيق للشؤون الخارجية ضمانا سياسيا أساسيا لتحقيق مزيد من الانتصارات للأعمال الدبلوماسية الصينية. ساهمت فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية في تعميق فهمنا لقواعد دبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية، وتجسد أفكار اللجنة المركزية للحزب حول حكم وإدارة البلاد في المجال الدبلوماسي.

ثانيا،تقدم فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية مساهمة في توريث وإبداع الثقافة الصينية التقليدية المتميزة. استلهمت فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية من الثقافة التقليدية الصينية المتميزة، وحققت تحولا وتطورا لها بشكل ابتكاري من خلال زيادتها بالطابع العصري والإنساني الجديد. على سبيل المثال، تكمن في مفهومنا لمجتمع المستقبل المشترك للبشرية الرؤية الجميلة الداعية إلى المنفعة للجميع والسلام في العالم، وتكمن في سياساتنا الدبلوماسية تجاه دول الجوار الثقافة التاريخية الداعية إلى حسن الجوار والتعاطف ورفض العدوان، وتكمن في مطالبنا لإصلاح الحوكمة العالمية الحكمة التقليدية الداعية إلى التضامن والتساند والتعايش السلمي بين جميع البلدان، وتكمن في عمليتنا لإقامة الشراكات العالمية المبادئ الداعية إلى تحقيق التناغم مع الاعتراف بالتباين وتحقيق الكسب المشترك، وتكمن في وجهة نظرنا الصحيحة للعدالة والمنفعة والمواقف الأخلاقية الداعية إلى إعلاء العدل وتحقيق المنفعة المتبادلة ومساعدة الضعفاء. إضافة إلى ذلك، طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة “الحزام والطريق” الهامة التي تتوارث روح طريق الحرير القديم بشكل ابتكاري، مما حوّل هذا الثمار للحضارة الإنسانية إلى منتج عام جديد لتعزيز التعاون الدولي والتنمية المشتركة، وتلاقي هذه المبادرة دعما وتأييدا متزايدا من دول العالم.

ثالثا، تكون فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية مساهمة في تكريس وتطوير النظرية الدبلوماسية للصين الجديدة. ساهمت فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية في توريث وتطوير وتعميق الأفكار الدبلوماسية للأجيال السابقة من القادة الصينيين بعد تأسيس الصين الجديدة، وتوسيع المنظومة النظرية الدبلوماسية للصين الجديدة. أضافت فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية طابعا عصريا بارزا إلى الأفكار التقليدية بما فيها السياسة الخارجية السلمية المستقلة والمبادئ الخمسة للتعايش السلمي وبناء النظام السياسي والاقتصادي الدولي الجديد، ويرتقي بهذه المفاهيم إلى مستوى جديد في التاريخ مثل إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية ونوع جديد من العلاقات الدولية وإصلاح منظومة الحوكمة الدولية. وطُرحت المفاهيم المهمة مثل السياسة تجاه إفريقيا القائمة على الشفافية والعملية والحميمية والصدق، والسياسة الداعية إلى التقارب والصدق والمنفعة والتسامح لدول الجوار على أساس سياساتنا ومواقفنا الثابتة، مما أضفى ديناميكية جديدة على تطور علاقات الصين مع دول المنطقة. كما ورثت وكرست فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية الموقف العادل للصين الجديدة الذي يرفض الاستعمار والهيمنة وسياسة القوة، ووضعت الخط الأحمر بكل وضوح في القضايا الهامة المتعلقة بسيادة البلاد وسلامة أراضيها، واتخذت سلسلة من الإجراءات الحازمة والقوية للدفاع عن حقوقنا المشروعة ومصالحنا الجوهرية وكرامتنا الوطنية.

رابعا، تحسن فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية نظريات العلاقات الدولية التقليدية وتتجاوزها. في السنوات الأخيرة، تجد نظريات العلاقات الدولية التقليدية صعوبات متزايدة في تفسير عالم اليوم، وأصبحت الأفكار مثل الغلبة للأقوى واللعبة الصفرية أكثر تحرفا عن اتجاه تقدم العصر. في هذا السياق، تدعو فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية إلى إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية وبناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن السائد والرخاء المشترك والانفتاح والتسامح والنظافة والجمال، وإقامة نوع جديد من العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والتعاون والكسب المشترك، من خلال ربط تنمية الصين بتنمية العالم وربط مصلحة الشعب الصيني بالمصالح المشتركة والأساسية لشعوب العالم. فتتجاوز هذه الفكر نطاقا ضيقا في دولة أو منطقة ما، وتتجاوز النظريات الواقعية التقليدية للعلاقات الدولية، وتأخذ المكانة الأخلاقية العالية لتقدم المجتمع البشري. إن المفاهيم الجديدة التي طرحها الرئيس شي جينبينغ حول الحوكمة العالمية والأمن والتنمية والحضارة والعلاقة بين المسؤولية الأخلاقية والمصلحة تجسد رغبة مشتركة لدول العالم في تحقيق التنمية والتقدم، وتمثل القيم المشتركة للبشرية مع البقاء على الخصائص الصينية البارزة، وتعكس قاسما مشتركا أكبر لتطلعات شعوب الدول لبناء عالم جميل.

تتجه التغيرات العالمية على نحو أعمق، حيث تتعرض صحة شعوب العالم لتهديدات خطيرة وتواجه العولمة الاقتصادية صدمات غير مسبوقة ويشهد الاقتصاد العالمي انكماشا حادا جراء جائحة فيروس كورونا المستجد التي ما زالت تجتاح العالم. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، تتصاعد التيارات الرجعية مثل الأحادية والحمائية والتنمر، ويتفاقم العجز في الحوكمة والثقة والسلام والتنمية. في وجه الأوضاع الدولية غير المتأكدة للغاية، تقود فكر شي جينبينغ بشأن الدبلوماسية الدبلوماسية الصينية إلى التحلي بالصبر واغتنام الفرص في ظل الفوضى والتغيرات، بما يخلق آفاقا جديدة لدبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية،بالتزامن مع تقديم منارة ترشد اتجاه مستقبل البشر.