دراساتصحيفة البعث

تكافل السوريين سيسقط ” قيصر “

د. رحيم هادي الشمخي

كاتب عراقي

آخر ما قدّمته الولايات المتحدة الأمريكية للشعوب المحبة للحرية والسلام من إنجازات عام 2020 هي عقوبات الإبادة الجماعية لمنع الغذاء والدواء والحاجات الأساسية في حياة الشعب العربي السوري، وهي منجزات لا إنسانية تعوّدت عليها الولايات المتحدة المليئة بالحقد والكراهية ضد شعوب العالم، أمريكا التي خسرت سمعتها كدولة عظمى نتيجة معاناة الشعوب من سياستها الدموية، هي اليوم لا تجد من يحترمها ويؤمن بدورها الملبي لحاجات الشعوب الفقيرة، بل يؤمن بدورها كدولة راعية للإرهاب، وناهبة لثروات الشعوب، والمهيمنة على آبار النفط بالقوة لتكون هي المسؤولة الأولى عن ارتفاع خط الفقر لدى شعوب العالم، وهذا ما وجدناه عند احتلالها للعراق عام 2003 عندما تمّ تجويع الشعب العراقي ثلاثة عشر عاماً، والهدف من ذلك السيطرة على منابع النفط وفرض أسلوب الهيمنة على الخزينة العراقية وتدمير إنجازات الشعب العراقي من أجل إيجاد موضع قدم لها في الأراضي العراقية بالتعاون مع وكلائها وعملائها الذين قدّموا لها المساعدة في احتلال العراق.

واليوم تقوم الولايات المتحدة بتقديم ما يُسمّى «قانون قيصر» ضد الشعب العربي السوري، هذا الشعب الذي تحدى كل أشكال الهيمنة الأجنبية من أجل كرامته وكرامة وطنه، فتاريخ سورية حافل منذ القدم بالمعجزات، إنه تاريخ لا يسجل عبر صفحاته غير الانتصارات، هذا الشعب لا يهمه إملاء العقوبات من قبل أمريكا والكيان الصهيوني وأطراف خارجية مثل أردوغان وحكام آل سعود وعرب الجنسية وغيرهم لتجويع الشعب العربي السوري كما فعلوا في العراق واليمن وليبيا، والهدف من ذلك إيقاف الانتصارات الكبيرة التي حقّقها الجيش العربي السوري لصدّ الاحتلال الأمريكي التركي للأراضي السورية، والذي وقف صامداً يضغط على جراحه النازفة ليطرد «داعش» وأخواتها وإرهابيي أردوغان من كل المدن السورية.

جاءت عقوبات «قيصر» آخر ورقة أمريكية لمحاصرة الإنسان العربي السوري بعد فشل أمريكا في سياساتها العدوانية في المنطقة العربية، لأنها فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافها في سورية وسلب وطمس الهوية السورية التي ولدت قبل سبعة آلاف عام من الميلاد، وشعرت أمريكا وعملاؤها في المنطقة أن سورية لا تساوم على حقوقها المشروعة في الجولان، ولا تساوم على حقوق العرب، وبصورة خاصة فلسطين، ولا تنحني للعاصفة، فالشعب العربي السوري سوف يمزّق الكفن ويشدّ الأحزمة على البطون، وتظهر قدرة الفرد والمجتمع في إسقاط ورقة «قيصر» التي سيحرقها المواطن السوري بوعيه وتقاسمه لقمة العيش، سوف يكون الصمود السوري ضد عقوبات «قيصر» الأمريكية أكبر ضربة لتعرية سياسة أمريكا العدوانية، وسيرى العالم أن المسرحيات الأمريكية لا تجدي نفعاً لدى الشعوب المحبة للحرية والسلام، فكل سوري وطن وحده، وتكافل السوريين من أجل الحياة سيُسقط «قيصر» وورقته السوداء، وعندها سيحتفل السوريون بنصرهم المؤزر في أكبر كرنفال فرح، فالصمود السوري يصنع النصر، وسيسحق عقوبات «قيصر» بصمود السوريين، لتبقى دمشق عاصمة العواصم العربية.