تحقيقات

صناعة الحلويات في السويداء.. أجواء عائلية تتحدى الظروف الصعبة!!

في وقت غير الواقع الاقتصادي الكثير من عادات العيدـ إلا أنه في الوقت ذاته أحيا عادات قديمة كادت تندثر من المجتمع السوري، وهي صناعة الحلويات في البيت. وللحلويات السورية تاريخ وقصص متداولة في الذاكرة السورية وإذا خلا البيت من الحلويات، قيل إن أصحابه “مو معيدين”؛ وفي السابق كان يتم التحضير لشرائها قبل أسبوع من موعد العيد فهي المدللة والثمينة. واعتادت الأسواق في المدن السورية خلال الأيام العشر التي تسبق عيد الأضحى أن تشهد ازدحاماً على محلات بيع الحلويات، حيث يتحول عرض الحلويات إلى لوحات فنية ضمن أجواء احتفالية لجذب انتباه الناس.

تكاتف أسري 
رغم غلاء الأسعار، خاصة مستلزمات حلويات العيد والمواد الأولية التي تدخل في تصنيعها إلا أن ذلك لم يمنع الكثير من الأسر من صناعة الحلويات المنزلية والاحتفال في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة فقد حرصت الأسر على توفير المال لتحضير المعمول قبل العيد بأيام، هذا ما قالته أم خليل موضحة أن موائد الحلويات التي تصنعها السيدات تختلف من أسرة لأخرى، حيث تقوم بعض الأسر بصناعة الحلويات في المنزل، وبعضها يقوم بشرائها من السوق والبعض الآخر يجمع بين الشراء من السوق وصنعها في المنزل.
وقال ماجد: إن عائلته تتكاتف في الأيام الأخيرة التي تسبق عيد الأضحى، وتتعاون من أجل تحضير حلوى العيد فيما بينها في جو يميزه التسامر والفرح، لافتاً إلى أن هذه العادة تلاشت في السنوات الماضية، لكن غلاء الأسعار والوضع الاقتصادي الصعب ساهم في عودة هذه الظاهرة الجميلة.
وتقول السيدة ياسمين: إنها تصنع حلويات العيد في منزلها بسبب عدم قدرتها على شراء الحلويات الجاهزة، وتؤكد أن الحلويات المنزلية أطيب وأشهى وفيها بركة، وأنها تقوم بتصنيع الغريبة والمعمول في المنزل لتقديمهما للضيوف، وعن طريقة تحضيرهما تقول: إنه يدخل في صناعتهما الطحين والسمنة والحليب والسكر لكنها تضيف للمعمول ماء الزهر لمنحه نكهة ألذ.

حركة خجولة
في سوق المدينة والذي ما زال محافظاً على خصائصه ببيع البهارات والتوابل ومستلزمات العيد، يفرد أصحاب المحال التجارية بضاعتهم التي تسحر الناظرين وتدفع العابرين للسوق للتمتع بالمعروضات حتى ولو لم يرغبوا بالشراء فالمنظر بحد ذاته يشكل دافعاً قوياً للتجول في السوق إلا أن الحراك الشرائي في ظل الأسعار المرتفعة بات خجولاً جراء القدرة الشرائية المحدودة لمعظم أهالي المحافظة، والتي لا تتناسب على الإطلاق مع الأسعار الفلكية، الأمر الذي دفع المواطنين للتوجه نحو البسطات لشراء حاجيات العيد، حيث أشار عدد من المتسوقين إلى أن سعر الكيلو الواحد من السكاكر طبعاً ضمن محال بيع الحلويات تراوح ما بين ٥٠٠٠ إلى ٧٠٠٠ ليرة، بينما سعر الكيلو الواحد من البيتفور بلغ حوالي ٤٠٠٠ ليرة، وهو المشغول بالسمن النباتي، أما المشغول بالسمن الحيواني فسعر الكيلو الواحد منه تجاوز ٦ آلاف ليرة.
بينما وصل سعر الكيلو الواحد من البرازق إلى ٥٠٠٠ ليرة، والغريبة إلى ٤ آلاف ليرة، وسعر الكيلو الواحد من الكول وشكور تجاوز ٧٠٠٠ ليرة. علماً أن هذه الأسعار هي في المحال العادية بينما المحال الفخمة فأسعارها مضاعفة، ووصل سعر علبة الراحة الواحدة إلى ٥٠٠ ليرة، أما سعر كيلو الشوكولا فقد بات في الأسواق بحوالي ١٣ ألف ليرة.
في المقابل عدد من أصحاب المحال التجارية أكد أن محلات بيع لوازم الحلويات تشهد حركة نشطة، حيث بيّن علاء صاحب محل لبيع أدوات صناعة الحلويات المطبعة والقوالب أن الإقبال هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة، حيث إن أغلب الأسر عادت لتصنع الحلويات في منازلها مشيراً إلى أن للقوالب أشكالاً مختلفة مصنوعة من خشب الزان أو البلاستيك.
من جانبه أكد صاحب محل مكسرات أن الطلب على المكسرات والشوكولاتة والحلوى المجففة يتزايد بصفة كبيرة خلال هذه الأيام

استمرار البهجة
وصناعة حلويات الأعياد في المنازل تقليد قديم في السويداء، حيث تتفنن ربات البيوت بعمل مختلف أنواع الحلويات في طقوس ورثتها عن الأمهات والجدات فتفوح روائحها الزكية في الأرجاء مستحضرة عراقة الماضي والذكريات الجميلة لعادات، وتقاليد تجمع بين بساطة العناصر المحلية المستخدمة وبهجة المناسبة على الرغم من انتشار محلات الحلويات وتعدد الأصناف والأشكال في الأسواق.
وبين صناعة الحلويات أو شرائها يبقى السوريون مصرين على المحافظة على عاداتهم وتقاليدهم حتى البسيطة منها وتحدي الظروف الصعبة واستعادة مظاهر حياتهم الطبيعية وأجواء الأعياد.

رفعت الديك