اقتصادصحيفة البعث

صناعة النسيج تنوء تحت ارتفاع التكلفة.. والألبسة تخرج من حسابات المواطنين!

دمشق – فاتن شنان

خلت تحضيرات عيد الأضحى من أهم مستلزمات الأسر السورية، إذ سجّلت الألبسة بمختلف أصنافها ارتفاعاً حاداً قياساً بقدرة المواطنين الشرائية، وبعد أن كان “لباس العيد” أحد أهم طقوس العيد، أصبح من المنسيات بشكل عام وخاصةً في فترة الأعياد لما يطرأ على أسعاره من قفزات سعرية أخرجته قسراً من قائمة المشتريات. ويؤكد الصناعي محمد الصباغ خروج نحو 30% من مجمل منشآت الألبسة في محافظة حلب عن الإنتاج، فيما تعمل المنشآت الباقية بنسبة 20% من طاقتها الإنتاجية فقط، وبالتالي لاشك أن ارتفاع تكاليف الإنتاج هي الأولى بالمعالجة، ثم الانتقال للتصدير كخطوة لاحقة بعد اكتفاء السوق المحلية وتصدير الفائض عن حاجتها، وألا يكون ناجماً عن عجز السوق استهلاك البضائع وحرمان المواطنين حاجتهم منها وعجزهم عن شرائها، فهل يكون إنعاش قطاع الألبسة على حساب مستهلكها المحلي؟!.

البداية بالتخفيض

ارتفاع تكاليف الإنتاج تحتل الصدارة في الإشكاليات التي يعاني منها الصناعي من جهة، ويتحمّلها المستهلك بالسعر النهائي للمنتج من جهة أخرى، إذ لم تستفد المواد الأولية المستوردة الخاصة بالقطاع النسيجي من مرسوم تخفيض الضرائب الجمركية إلى 1%، فإضافة إلى 5% رسوم جمركية هناك نفقات أخرى، أهمها ضرائب ورسوم ونفقات مالية وأجور يد عاملة، يتحمّلها الصناعي في ظل العمل في ظروف غير مستقرة، إضافة إلى تذبذب سعر الصرف وصعوبة التحويلات المالية، لتنعكس هذه النفقات على التكلفة الإجمالية للمنتج وتصبح أسعارها أعلى من قدرة المواطنين الشرائية، بالتوازي مع غياب منافذ التصدير للبلدان المجاورة التي كانت تشكل بوابات للمنتج السوري وتساهم -ولو نسبياً- برجحان كفة الربح.

وبيّن الصباغ أن الأوضاع غير المستقرة التي يعمل بها الصناعيون أدّت إلى خروج العديد من المنشآت عن خط الإنتاج، وتقدّر نسبتها بأكثر من 30% حالياً، ولم يخفِ تخوفه من هجرة رؤوس الأموال باتجاه البلدان المستقرة استثمارياً في حال الاستمرار بتجاهل الأسباب وغياب المعالجة، كما بيّن أن عمليات التمويل أو الإقراض من المصارف ترهق الصناعي في ظل انخفاض أرباحه وتضخم تكاليف عمله، ما أدى إلى ابتعاد الكثير من الصناعيين عن تلك المسألة، وإن كانت منشآتهم تحتاج إلى التمويل، وأكد خلال حديثه على أن ما يصدر من قرارات اقتصادية تخصّ الصناعيين لا يترجم على أرض الواقع بشكل فعلي، ويبقى جُلّه حبراً على ورق بينما الواقع بعيد كل البعد عما يشاع عنه، وينوء تحت ظروف قاهرة تستدعي المعالجة الفعّالة.

بالمحصلة..

يبدو أن الاستمرار بالتعويل على قدرة الصناعيين وحدهم بتحدي الظروف الاقتصادية دون تأييدهم بقرارات اقتصادية مجدية تحرّر عجلة إنتاجهم وتدعمهم، وبالتالي دعم الإنتاج الوطني لتجاوز معوقات المرحلة الراهنة، ما هو إلا تنصل من المسؤولية الملقاة على عاتق الجهات المعنية ووضع العصي بالعجلات، لتبقى الصناعة الوطنية تراوح مكانها، وبالتالي تراجعها عن ألقها المعهود، فالأجدى إذن العمل على منح بعض التسهيلات لمن يعمل على أرض الواقع لضمان بقائه، وتقديم مثال مشجع لعودة رؤوس الأموال المهاجرة لدعم الاقتصاد الوطني.