صحيفة البعثمحليات

خطوات بطيئة!

يفترض بالجولات والزيارات الميدانية للفريق الحكومي واللجان الوزارية وسلسلة الاجتماعات النوعية والتخصصيّة التي شهدتها حلب منذ تطهيرها من الإرهاب وحتى الآن، أي قبل حوالي أربع سنوات، أن تحدث الفارق المطلوب في مشروع إعادة الإعمار والبناء، وبالتالي التقدم بخطوات ملموسة في الآليات التنفيذية لمجمل المشاريع الحيوية والاستراتيجية المقررة، والتي ما زال معظمها على الورق والجزء الأكبر منها متعثر ومتعطل لأسباب عدة أبرزها ضعف الإمكانات البشرية والتقنية وغياب التمويل المطلوب لإنجازها، كما يبرّر البعض من القائمين والمشرفين على تنفيذ البرامج والخطط المركونة على الرفوف!

وبالنظر إلى ما أُنجز من مشاريع حيوية واستراتيجية وتنموية، باستثناء قطاعي المياه والكهرباء، نجد أن محافظة حلب تسير بخطوات بطيئة وربما خجولة في مسيرة الإعمار والبناء، ومردّ ذلك غياب المتابعة الميدانية الفاعلة، وعدم توظيف واستثمار الإمكانات المتاحة في الزمان والمكان الصحيحين، وهو ما ساعد في تراكم الأخطاء ووسّع من حالات الخلل والقصور في كثير من مفاصل العمل المؤسساتي. وأدى ذلك كنتيجة طبيعية إلى اتساع ظاهرة الفساد المالي والإداري في معظم مفاصل العمل، وخلق فجوة عميقة بين العمل الخططي والتنفيذي، وزاد من منسوب الهدر والتسيب والخلل في ضوء غياب الدور الرقابي وعدم وجود معايير ونواظم حقيقية ضابطة للعمل على مبدأ الحساب والعقاب.

ولعلّ الأكثر وضوحاً في مسيرة إعمار حلب هو التسويق الإعلامي والتهليل عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإنجازات وهمية أظهرت الشكل وأخفت المضمون.. المضمون الذي لم يلامس حتى اللحظة الحدّ الأدنى من الرؤى والأفكار والاستراتيجيات ذات البعد التنموي، بل اتسم بالفوضى والارتجالية باتباع سياسات ترقيعية على مبدأ “الرمد أفضل من العمى”!!

ما تقدّم لا ينفي وجود جهود حثيثة ومخلصة من بعض القطاعات للنهوض بالعملية الصناعية والإنتاجية، ولكن تبقى هذه الجهود منقوصة وغير مكتملة، ما دام البعض يحكم قبضته على مفاصل العمل ويتفرد بالقرار، ما يستدعي إعادة قراءة الواقع بتأنٍ، وص ولاً إلى تبيان أسباب الخلل ومعالجة الأخطاء السابقة والحالية، وعدم الاتكاء على مفاعيل الأزمة الاقتصادية والصحية، والعمل جدياً وبروح عالية من المسؤولية الوطنية لفتح آفاق جديدة في العمل المؤسساتي من خلال استقطاب الخبرات والكفاءات الوطنية، واجتثاث الفاسدين والمنتفعين وتحقيق نهضة شمولية في مختلف جوانب الحياة، وتهيئة الأرضية السليمة والمناخات الصحية الملائمة لإنضاج وإنجاح هذا المشروع والذي لا بديل عن نجاحه واستمراره مهما بلغت الصعوبات والتحديات. وانشغالنا اليوم بأخبار تفشي وانتشار وباء كورونا ومتابعة الإحصائيات اليومية لعدد الإصابات والوفيات، والحرص على اتخاذ الإجراءات الصحية والوقائية لتجنّب الإصابة، لا يبرّر مطلقاً تقصير الجهات المعنية والفريق الحكومي على وجه التحديد في القيام بمهامه بمتابعة خطط وبرامج مشاريع إعادة الإعمار ونسب تنفيذها وأسباب تعثرها ومحاسبة المقصرين.

معن الغادري