دراساتصحيفة البعث

الحقيقة المؤلمة عن “كوفيد 19” والاقتصاد الأمريكي

ترجمة: هناء شروف

عن الاندبندنت

لم توقف الحقائق ترامب عن الكذب أبداً، وخاصة فيما يتعلق بالاقتصاد، شأن ذلك شأن الأكاذيب الخطيرة حول الفيروس التاجي. قبل أيام قال: “إن الانتعاش الاقتصادي قوي جداً”، بينما في المقابل أفادت وزارة التجارة أن الاقتصاد الأمريكي تقلص بين نيسان وحزيران بوتيرة متسارعة لم نشهد مثلها منذ ثلاثة أرباع القرن، وإذا ما تابع الاقتصاد مساره على هذا النحو فإن الانخفاض سيقضي على خمس سنوات من النمو الاقتصادي.

بعد أن كذب لمدة خمسة أشهر حول الفيروس التاجي، ها هو الرئيس الأمريكي اليوم يملأ وسائل التواصل الاجتماعي وموجات البث بحقائق مزيفة حول الاقتصاد  حتى يتمكن من خداع الأمريكيين ليضمن فوزه في الانتخابات القادمة. فقد بدأ بطمأنة  شعبه بعودة الاقتصاد إلى ما كان عليه قبل تفشي جائحة كورونا وإن هذا  “لن يستغرق وقتاً طويلاً”، لكن كل المؤشرات تظهر أنه بعد ارتفاع طفيف في حزيران الماضي، تدهور الاقتصاد الأمريكي مرة أخرى، حيث انخفضت حجوزات المطاعم، وتوقفت حركة البيع والشراء في متاجر البيع، وأغلقت المزيد من الشركات الصغيرة، وتعطلت الكثير من الرحلات الجوية، وهي جميعاً انعكست سلباً على الاقتصاد.

إذاً ما هي خطة ترامب لإنعاش الاقتصاد؟ نفس الخطة التي كان يدفع  بها منذ شهور: “إعادة الفتح” فقط. إنه يريد من الأمريكيين  أن يعتقدوا  أن أوامر الإغلاق التي بدأت في آذار 2020 تسببت في انهيار الاقتصاد في المقام الأول، لذا فإن إعادة الفتح ستعيد الاقتصاد.

بالطبع هذا هراء، لأن الفيروس الذي تسبب في الانكماش الاقتصادي ينتشر وبقوة مرة أخرى في الولايات التي تم إعادة فتحها قبل السيطرة على الفيروس بإصرار ترامب المتكرر على إعادة الفتح. وهذا يقود إلى أن تسلسل السبب والنتيجة واضح، والدليل أن الفيروس تفشى بشكل كبير في ولايات كانت من أوائل الولايات  التي أعيد فتحها، مثل فلوريدا وساوث كارولينا وتكساس ، وبسبب هذا الانتشار أوقفت العديد من الولايات مؤقتاً خططاً لإعادة الفتح وبعضها يعيد فرض القيود. لكن هذه القيود ليست السبب في تباطؤ الاقتصاد، إنها النتيجة الضرورية للسماح للوباء بالخروج عن نطاق السيطرة.

حتى فرقة العمل الخاصة بالفيروس التاجي في البيت الأبيض خلصت إلى أن 21 ولاية لديها تفش خطير بما يكفي لتبرير المزيد من القيود. ما يعني أنه بفضل الجمهوريين بات الملايين على وشك الإصابة بسبب السرعة في إلغاء الحظر وعدم القدرة على السيطرة على الفيروس، وبالتالي فإن الاقتصاد سينزلق مرة أخرى على الرغم من ضخ الحكومة تريليونات الدولارات لانعاشه. والسؤال الأهم هما ماذا سيحدث عندما يتوقف المال؟

لا يمكن أن يوافق الجمهوريون في مجلس الشيوخ، ناهيك عن الديمقراطيين في مجلس النواب،لاعلى المزيد من التمويل، في حين يقول ترامب “نحن لا نهتم حقاً” بالتوصل إلى اتفاق حول الإنفاق. وهذا يعني أنه بدءاً من الأيام القادمة لن يحصل أكثر من 30 مليون أمريكي على 600 دولار كمزايا توظيف أسبوعية إضافية. ونتيجة لذلك، لن يتمكن عشرات الملايين من دفع أقساط الإيجار أو الرهن العقاري، وسيجوع المزيد من الأمريكيين بما في ذلك الأطفال. وفي هذه الحالة من المرجح أن ينزلق الاقتصاد أكثر، ولن يستطيع الناس العودة إلى العمل لأن هناك القليل من العمل لهم، وبذلك ستسجل الولايات المتحدة أعلى نسبة بطالة في العالم إضافة الى أربعة عشر مليون شخص عاطل عن العمل مسجلين سابقاً.

من الصعب الكشف عن الأكاذيب المتعلقة بالاقتصاد، لكن الأكاذيب حول الفيروس التاجي من السهل كشفها لأن عدد الوفيات يدل عليها و لا يمكن لأحد إخفاؤه. والحقيقة المؤلمة أن  أكاذيب ترامب الاقتصادية ليست أقل فظاعة، وهي على وشك التسبب في قدر كبير من المعاناة والجوع والبطالة وانتشار الجريمة وغيرها من المشاكل، وهي جميعها ستكون المؤشر الحقيقي على الإطاحة به وإبعاده عن البيت الأبيض.