تحقيقاتسلايد الجريدةصحيفة البعث

ارتفاع أسعار الأدوية لم يحد من ابتزاز المرضى.. وتجاهل وزارة الصحة يضعها في موقع الاتهام!

يبدو أن وزارة الصحة رضخت، أو ربما تواطأت نسبياً مع أصحاب معامل الأدوية، بحسب رأي البعض بعد زوبعة الحديث عن الخلاف مع مصرف سورية المركزي لجهة التمويل بسعر الصرف المحدد لشراء المواد الفعالة أو الأساسية المستخدمة في عمليات تركيب وتصنيع الأدوية المنتجة محلياً، وعلى نطاق واسع جداً في عدد من المحافظات، وآخرها ما هو قائم في بعض المحافظات الآمنة ومنها طرطوس حيث يوجد فيها سبعة معامل منتجة.
ومن الواضح أن بعض أصحاب هذه المعامل، على كثرتهم، قد تكفلوا و قاموا بتشديد الخناق على مرضى الأمراض المزمنة الذين يحتاجون لتناول العديد من الأدوية، ومنها أدوية القلب والضغط والسكري، وغيرها من الأدوية المستخدمة كعقاقير طبية لمعالجة أنواع أخرى من أمراض السرطانات. والقائمة تطول لتتعدى بقية المعالجات من تحاليل مخبرية وصور شعاعية، وآخرها زيادة تسعيرة المعاينة من قبل الأطباء بشكل فاضح يعكس جشع بعض هؤلاء ممن شكلت هذه الأزمة فرصة لهم لتحقيق المزيد من تراكم الثروة وذلك وفق قاعدة “مصائب قوم عند قوم فوائد”..!

واقع فيه الكثير من الخلل الأخلاقي والاستغلال المجتمعي، بالتوازي مع تراجع ملحوظ لدور المشافي العامة التي تشكو هي الأخرى، واعتذارها عن تقديم الخدمات الصحية المطلوبة لتحقق نظيراتها الخاصة المنافسة، وبمقابل مادي يعجز عن دفعه السواد الأعظم، إلا إذا اضطر لبيع أرضه أو منزله لقاء العناية والعلاج!!

حال المرضى الصعب
اصطدم العديد من المرضى وهم يراجعون الصيدليات في طرطوس بهذا الارتفاع غير المسبوق، فمثلاً علبة الضغط التي كان سعرها قبل أقل من شهر 575 ليرة أصبح سعرها 3700 ليرة، وظرف سيتامول قفز سعره من المئة ليرة ليصبح أكثر من 500 ليرة، في حين أصبحت الأدوية المستوردة المستخدمة كعلاج لتعويض النقص في الفيتامينات من 4000 – 11000 ليرة وقد شكى أحد المرضى لـ “البعث” بأنه أضطر للاستغناء عن بعض الأدوية المتعلقة بالقلب نظراً لارتفاع سعرها وعلى مسؤوليته الشخصية نظراً لعدم قدرته على شرائها خاتماً شكواه بأن “الأعمار بيد الله”..!
وتساءل بعض المرضى من المتقاعدين عن نقابات، مثل نقابة المعلمين، وكذلك مؤسسات الضمان الصحي، وغياب دورها وواجبها الصحي تجاه من كانت تعتاش على اشتراكاتهم الشهرية، واليوم تغلق أبوابها أمام أصحاب الحاجة.

شاهد من أهله
يستغرب الطبيب الأخصائي في أمراض القلب ح. ع هذا الصمت من قبل الوزارة، والسماح لأصحاب المعامل بزيادة أسعار أدوية القلب والضغط بشكل غير مبرر، سيما وأن شريحة كبيرة من المرضى قد تعجز عن تأمين ما تحتاجه من أدوية، ويلفت إلى أنه رغم وجود أدوية كثيرة مماثلة إلا أن الارتفاع طال كافة الأصناف، وإن اختلف التركيب العلمي والاسم التجاري.
بدوره أشار الصيدلي ر. ن إلى أن الربح الأكبر عاد لصالح أصحاب المعامل وكذلك المستودعات ولفت إلى أنه رغم ما تحقق لهم إلا أن هناك العديد من الأدوية لم يتم توفيرها، والحجة المقدمة من قبل مندوبي الأدوية أن الأسعار الحالية لم تلب الطموح بالنسبة لأصحاب المعامل الطامعين بتحقيق زيادة أكبر، غامزاً بأن وراء هذه السياسة خطة لتصدير الدواء السوري للخارج وإن كان على حساب المواطن السوري وحالته المادية الصعبة وفي ظل تقاعس وزارة الصحة عن التدخل القوي لمنع تصدير الأدوية إلا بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي وتأمين حاجة السوق وبالأسعار التي تراعي الحالة المادية ودخل المواطن.

تطنيش مقصود
بغية معرفة رأي “أصحاب الكار” – كما يقال – وبعض أصحاب المعامل الموجودة في طرطوس وأهمية الإدلاء بآرائهم حول الأسباب الحقيقية لهذا الارتفاع غير المسبوق في ارتفاع جميع الأدوية المهمة ومنها أدوية الضغط وبالتالي سماع وجهة نظرهم التي قد تكون في مكان ما مبررة، حاولنا الاتصال مع بعض أصحاب المعامل الموجودة في محافظة طرطوس وطرح الأسئلة حول تصنيع الدواء وآليات التسعير وحاجة السوق المحلية إلا أن أحداً منهم لم يجب!!.

كما أننا وجهنا فاكساً يتضمن عدة أسئلة لمديرية صحة طرطوس حول دور وزارة الصحة وواجبها تجاه تسعير الدواء ومدى انسجام هذه الأسعار “الفلكية” مع ظروف المواطن المريض ووضعه المادي المثقل، وأيضاً حول تسعيرة الأطباء التي ارتفعت هي الأخرى بشكل غير مسبوق، وأجور المخابر والتحاليل ومراقبة الصحة لذلك، ومع ذلك ورغم إرسال الفاكس منذ 13 \ 7،  ولتاريخه لم تصل “الاوكي” من قبل المكتب الصحفي في الوزارة والموافقة على أسئلة “البعث”، وهذا أيضاً يضع القائمين على عمل وزاراتنا ومنها الصحة في قفص الاتهام وغياب الشفافية التي طالما تتغلف بها معظم تصريحات كبار المسؤولين، كما يضعهم في قفص الاتهام المباشر حول ما أشرنا إليه أعلاه حول مفردة “التواطؤ”..!

لؤي تفاحة