تحقيقاتصحيفة البعث

مع اقتراب المدارس.. مخاوف الأهالي تزداد وتساؤلات عن إجراءات الأمان الصحي..؟

تباينت وجهات النظر بين الكادر التعليمي، سواء الأساتذة أو الموجهين التربويين وحتى الأهالي، خوفاً من التبعات التي يمكن أن يخلفها وباء كورونا على التحصيل الدراسي للطلاب والتلاميذ في كل المراحل التعليمية، ما قبل التعليم الأساسي أو ما بعده، على الرغم من التطمينات التي صدرت عن وزارة التربية والصحة المدرسية، والتي تمّ التأكيد فيها على اتخاذ كل الإجراءات المناسبة، وأن هناك سيناريوهات عدة للتعامل مع الوباء حسب درجته، كإغلاق المدارس أو تقسيم الدوام على فترتين في اليوم، في وقتٍ تؤكد فيه الوزارة أنها تبذل كل جهودها من أجل الحفاظ على صحة الطلاب والتلاميذ في المدارس ليتمكنوا من بدء عامهم الدراسي الجديد بكل ثقة وطمأنينة، ليبقى الخوف سيد الموقف خاصةً مع ازدياد أعداد المصابين بفيروس كورونا، وامتناع معظم المشافي عن استقبال الحالات الصعبة بسبب قلّة الإمكانيات، ما يزيد الأمور صعوبةً وتعقيداً ويجعل المستقبل القريب أكثر غموضاً وأقل أماناً.

المقومات الصحية

المعلمة كنانة إبراهيم كانت قد كتبت على صفحتها الشخصية على الفيسبوك عن واقع المدارس السورية التي تفتقد إلى أدنى المقومات الصحية لمجابهة أي وباء، فالمرافق العامة في المدارس بؤرة وباء لقذارتها، أضف إلى ذلك وجود 45 طالباً في الشعبة الصفية وسطياً والتدفئة معدومة شتاءً، وفي الصيف جو مشبع بهواء الزفير الخانق، ليأتي الوضع الاقتصادي المتردي والمزري الذي انعكس سوءاً في التغذية وما يتبع ذلك من ضعف في المناعة!. وتتابع إبراهيم أنه من المستغرب والمثير للدهشة أن الفريق الحكومي قرّر إغلاق المدارس في آذار، حيث لم تكن هناك أية حالة كورونا في البلاد بحجة التصدي الاستباقي ولمجابهة الوباء. الآن وبعد الإعلان عن تفشي الفيروس وخروجه عن السيطرة يوجّه الفريق نفسه أوامره لافتتاح المدارس في وقت مبكر، بالتوازي مع الانتشار التصاعدي للوباء في خطوة تستدعي التساؤل والشك؟!.

دعوات الأهالي

ظهرت اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الدعوات من قبل الأهالي لعدم إرسال أبنائهم إلى المدارس في سابقة هي الأولى من نوعها، ولقيت هذه الدعوات تجاوباً بسبب خوف الأهالي على أولادهم، مطالبين بتأجيل المدارس لشهر واحد على الأقل لمعرفة ما قد يحدث، وما هي المستجدات التي يمكن أن تحدث في هذه الفترة، خاصةً وأنه في بداية شهر أيلول الذي يصادف بداية العام الدراسي تكون درجات الحرارة لا تزال في أعلى معدلاتها، ما سيجعل وضع الكمامة على وجوه الأطفال لساعات طويلة أمراً لا يمكن احتماله، خاصةً على الأطفال الذين من الصعوبة إلزامهم بأن يتقيدوا بإجراءات النظافة والتعقيم!.

سمر عثمان (أم لطفلين) تقول: أنا أشعر برعبٍ شديد، وليس خوفاً فقط، من فكرة إرسال أطفالي إلى المدرسة في ظل هذا الوباء. وتتابع: يصيبني الخوف وأنا أقلب الروزنامة التي تُنذر باقتراب العام الدراسي، وفي الوقت نفسه أخاف على مستقبل أطفالي وتحصيلهم التعليمي، خاصةً مع انقطاعهم المبكر في شهر آذار وحرمانهم من الكثير من المعلومات الأساسية، لكن وبسبب الوضع الحالي وما نراه من عدم التزام بالإجراءات اللازمة من قبل بعض الكبار أتساءل: كيف سيكون الوضع بين الأطفال والطلاب الأكبر سناً في المدارس؟.

عدم الأمان

سامي (موظف وأب لثلاثة أطفال) يقول: بصراحة نحن اليوم أمام وضع فيه الكثير من التشويش وعدم الأمان، فنحن كأهالي حائرون هل نفكر بأطفالنا وهم فوق بعضهم البعض في السرافيس التي توصلهم إلى مدارسهم والتي لا بد منها ولا يمكن الاستغناء عنها، أم سنفكر بهم وهم محشورون كل أربعة تلاميذ في مقعد واحد، أم سنفكر بهم وهم يستخدمون الحمامات المدرسية التي تفتقر إلى النظافة ولم تُعقم في السنوات السابقة ولا مرة واحدة؟!!.

ويضيف: الأطفال معرّضون جداً للمرض في فصل الشتاء، وطالما نقلوا عدوى مرضهم من التهاب أو رشح لزملائهم عن غير قصد، فكيف ستقنع طفلاً مريضاً على سبيل المثال في السادسة من عمره بأن يبقى بعيداً عن زملائه كي لا ينقل لهم العدوى في حال كان يعاني من رشحٍ بسيط أو ما شابه؟. وبصراحة إذا سألت الأهالي لن تحصل على جواب أو حلّ لكل هذه المشكلات التي هي بحدّ ذاتها تشكل عقبات أمام بدء العام الدراسي.

أدلة كافية

أحد الأساتذة كانت له وجهة نظر مختلفة في قوله: إذا كان العالم اليوم لا يملك أدلة كافية لقياس تأثير إغلاق المدارس على خطر انتقال المرض، فإنه على الأقل يملك أدلة كافية وموثقة عن التأثيرات السلبية لإغلاق المدارس على سلامة الأطفال وعافيتهم، مضيفاً: إغلاق المدارس خطر غير مسبوق على تعليم الأطفال وحمايتهم، خطر غير مسبوق على مستقبل الأفراد والمجتمع، لذلك افتحوا المدارس من دون تلكؤ، بالجهل ينتشر الوباء وبالعلم ينحسر ويندحر. متابعاً حديثه: لسنا الوحيدين في العالم الذين سيفتحون المدارس، فغالبية دول العالم ستستقبل أبناءها في مدارسهم، لذلك افتحوا المدارس وانشروا ثقافة التصدي للوباء.

نقل العدوى

اليوم يعارض الكثير من الناس افتتاح المدارس مع بداية شهر أيلول، خاصةً مع حصول وفيات بين الكادر التدريسي بسبب إصابتهم بالفيروس، وفقدان مدرّسين في مدارس ومعاهد عدة، ما أجبر تلك المعاهد والمدارس على إغلاق أبوابها في الفترة الصيفية، حيث يؤكد العديد من الأهالي أن إصابة أحد المعلمين أو الأساتذة أو الطلاب ستكون كفيلة بازدياد ونقل العدوى بين الطلاب ومعظم الكادر التدريسي والإداري في أية مدرسة.

اليوم فعلاً الصورة غير واضحة وغير مكتملة، والسوداوية تشوب المشهد التعليمي والخوف يسيطر على الجميع، وما نأمله أن تسير الأمور بالطرق الصحيحة والصحية، وأن يُتخذ القرار السليم والصحيح في الوقت المناسب مهما كان في نهاية المطاف.

لينا عدرة