اقتصادصحيفة البعث

خضّات الأسواق وحلولها المجتزأة تقض مضجع المواطنين.. والمعنيون بعين واحدة!

تشهد نشرة الأسعار اليومية للسلع الاستهلاكية ومنتجات الأجبان والألبان، والفواكه والخضار، ارتفاعاً يومياً قد يبدو طفيفاً على أسعار اليوم الفائت، والتي طالها ارتفاعات متتالية أساساً، بينما تحمل ارتفاعاً غير مسبوق لسلعة أو اثنتين بشكل مفاجئ، وعلى الرغم من تكرار سيناريوهات التبرير بأسبابها غير المقنعة لتلك الارتفاعات، إلا أنه تم تدجين المواطنين لتقبل الأسعار والأسباب بعد فقدان الثقة بقدرة الجهات المعنية على قمع هذه الظاهرة وبأسبابها المتداولة، الملفت أن بعض السلع وفق تلك النشرات – والتي غالباً ما يتم تجاوزها في الأسواق بنسب عالية نتيجة ضعف الرقابة والمتابعة لها- سجلت نسبة ارتفاع قاربت 227% في مادة الحليب المجفف، و171% ارتفاعاً عن سعرها المتداول في مادة لحم العجل، و132% في قطع الفروج، والأمثلة كثيرة يتصدرها مواد استهلاكية أساسية بالدرجة الأولى للأسر السورية كالأرز والسكر والزيوت والطحين، وإن كان مرد الارتفاع تعلق هذه السلع بالقطع الأجنبي، كونها مستوردة فإن نظيراتها المحلية لم تكن أفضل حالاً بل رافقتها وزادت عليها في بعض الأحيان، ليبرز السؤال كيف للمواطن تحمل هذه الارتفاعات المتتالية في ظل ثبوت دخله الشهري، بالتوازي مع ازدياد نفقاته الشهرية المرافقة للفترة الحالية من أدوية ولوازم مدارس، وتنصل المعنيين من الدعم الحكومي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع المتمثل بتوفير السلع المقننة وإخفاقهم في حمايتها من الغلاء والاحتكار، أو بتدخل “السورية للتجارة” في توفير بعض السلع بأسعار توازي أسعار السوق، سيما مع علو صيحات بأن القادم أسوأ اقتصادياً ويحمل مفاجآت من العيار الثقيل.

بات واضحاً..

لاشك أن عجز جهود الحكومة في إنصاف المواطن وإيلائهم الاهتمام عبر ضبط الأسعار بات مؤكداً، بفوضى الأسواق والتسعير العشوائي وعدم جدوى الآليات المتبعة بالرغم من كثافة أعداد الضبوط المسجلة والتي تستند عليها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في تأكيد دورها، إلا أنها لم تمثل رادعاً حقيقياً بسبب فساد منفذيها من المراقبين، ولكن رغم وضوح مشهد السوق السوري المتخبط ترى الوزارة أنها تقوم بما عليها من مسؤولية وتمارس سلطتها بأدواتها المتاحة، إذ دحض معاون الوزير جمال شعيب عدم جدوى الضبوط في تنظيم السوق بقوله: أن الوزارة تتابع إجراءات الضبط بفرض غرامات مالية وإغلاقات للمحال المخالفة وإحالة أصحابها إلى القضاء، ولدى تأكيدنا مراراً على نجاعتها، وجه بوصلة حديثه لجهة انتظار الوزارة صدور قانون التموين الجديد مع التشكيلة الوزارية الجديدة والذي يشمل عقوبات أكثر شدة وصرامة، ما يؤكد ضعف الإجراءات الحالية، محاولاً توظيف دور السورية للتجارة لزيادة رصيد عمل الوزارة، مشيراً  إلى أنها تعمل على تقديم فارق سعري مجدي وناظم سعري للسوق بحسب رأيه، في حين خالفه الكثير من رواد السورية للتجارة بقرب أسعارها من السوق وتفوقها عليه في بعض السلع، وكنا قد لمسناه خلال جولات عدة، لنستنتج بأن الوزارة تنظر بعين واحدة إلى عملها ومنجزاتها دون رصد آثاره على أرض الواقع، وبعدها عن القراءة الصحيحة لمسار تدخلها.

بغير وقتها..

رغم التعويل على إمكانيات وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ترسيخ وتدبيج أدوات ذات فعالية، إلا أنها لم تحمل الفترة الماضية أي تغير لمصلحة المواطن بل تابعت تيارات الأسعار تقلباتها، ما عدا التوجه باتجاه مهرجانات التسوق والتي رافقت فترة انتشار كورونا ومنعت الكثيرين من الاستفادة منها، إلا أن شعيب رأى نجاعتها مجدداً في تأمين مستلزمات الأساسية بأسعار مناسبة وتخفيضات هامة للوازم المدرسية مستشهداً بأعداد مرتاديها، وأدرجت على جدول أعمالها إقامة مهرجان تسوق في محافظة اللاذقية يوم الأربعاء القادم، لضمان الانتشار الأفقي لتلك المهرجانات وما تحمله من فوائد.

ننتظر.. 

يبدو أن الحلول المجتزأة هي الحاضرة دائماً في أذهان المعنيين لإدارة أية إشكالية تطفو على الشارع السوري وترهق المواطنين، وتفسح المجال لسيناريوهات تنذر بالأسوأ، بينما من المفترض أنها تستلزم حشد جهود وعصف فكري يستأصل أس الإشكالية ويعمل على تغليب مصلحة المواطن بدلاً من محاباة التاجر الجشع والضرب بيد من حديد لردع مستغلي الوضع المتردي، لنصل إلى بر الأمان وحماية الاستقرار الاقتصادي بحماية مواطنيه من خضات شبه مؤكدة.

فاتن شنان