اقتصادصحيفة البعث

          غيض من فيض ممارسات “الغرف”..!.

حسن النابلسي

مع إطلاق صافرة انتخابات غرف التجارة السورية، أطلق بعض المرشحين حملاتهم المشبوهة لكسب أكبر قدر ممكن من الأصوات، من خلال شرائهم للأخيرة بطريقة العارف بخفايا الكار الذين هم أبعد ما يكونون عن شيوخه..!.

تفيد المعلومات المسربة من وراء الكواليس لجوء هؤلاء “البعض” إلى تسديد الرسوم السنوية -والبالغ متوسطها 20 ألف ليرة- لعدد من زملائهم ممن هم أكثر ولاءً لهم دون علمهم مسبقاً، على أن يرسلوا إليهم لاحقاً إيصالات الدفع، في رسالة غير مباشرة “لا تنسونا بأصواتكم”، لدرجة أنهم “أي أصحاب هذه الحملات المشبوهة” بدؤوا يتحدثون بأن صفر أصواتهم يبدأ بـ300 صوت، في إشارة منهم إلى “تسديدهم رسوما لـ300 تاجر”..!.

للأسف هذا الواقع يعكس ضحالة الخبرة التجارية لدى بعض التجار الذين أثبتوا عدم صلتهم بهذا الكار سواء لمن يقدم على شراء الأصوات، أم من يقبل ببيع صوته، وعدم التزامهم بأدبيات أصول كار طالما اتسم به تجار الشام المؤصلين عبر تاريخهم العريق، وجعلهم مقصداً لتجار المعمورة للاستزادة من خبراتهم وتعاليمهم..!.

ألا تجدون معي أن ما نمر به من مرحلة أقل ما يمكن نعتها بـ”الحرجة” أمس ما تكون بحاجة إلى دماء جديدة وخبرات قادرة على الاضطلاع بمبادرات استثنائية، وتقديم خبرات غير تقليدية تلائم مقتضيات هذه المرحلة، ولاسيما لجهة ضبط فلتان الأسواق الحاصل حالياً، في ظل صمت مطبق وتجاهل واضح من جميع غرف التجارة، ذات الإنجازات شبه المعدومة على الأقل خلال العقد الأخير من الزمن..!.

طبعاً هذه نتيجة طبيعية في ظل ما تضمه مجالس إداراتها من أعضاء غير مبالين بما ينتاب السوق السورية من انتكاسات بين الفينة والأخرى، فمنهم من يقيم بالخارج، ومنهم من لا يكترث إلا لنشاطه التجاري البحت، ومنهم من أسقط مكون التصدير من قاموسه..إلخ، ويجدر التذكير في هذا السياق إقدام وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الأسبق عبد الله الغربي على فصل أحد الأعضاء البارزين من مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق لكونه يقيم خارج البلد، ولا ندري الأسباب التي دفعت الوزير للتراجع عن قراراه آنذاك..!.

وإذا ما حاولنا الحديث عن علاقة التجار ببيوت تجارتهم، ما لنا إلا التوجه إلى اجتماعات الهيئات العامة للغرف لنرى عدد الحضور، إذ سرعان ما يتبين أن نسبتهم ربما لا تتجاوز الـ30% فقط هذا إذا كنا متفائلين، ما يعطي مؤشراً على “صورية” الغرف التي نأت بنفسها عن واقع الأسواق تاركة الكرة بملعب وزارة التجارة الداخلية، متجاهلة حتمية أن تكون هي المرجع الأساس لكل تاجر، وتطوعه وفقاً لما يضبط مصلحته ونشاطه التجاري من جهة، وواقع السوق من جهة ثانية،  ما يضمن بالنتيجة أن تكون لاعباً مؤثراً بالسوق، وشريكاً نزيهاً للوزارة…فأين غرف التجارة من هذا..؟!.

سؤال نضعه برسم كل من وزارة التجارة الداخلية، والتجار الناخبين ممن يمتلكون رؤى التغيير..!.

hasanla@yahoo.com