صحيفة البعثمحليات

خروج “المحطات” ونقص الكوادر والعقوبات أثرت سلبياً على عملية التنبؤ الجوي

يشكّل الحصول على معلومة تخصّ حالة الطقس فرصةً للتسابق بين وسائل الإعلام على اختلاف صنوفها للظفر بها، وخاصة في ظل ما تشهده سورية من تغييرات مناخية تكاد تحصل لأول مرة، إذ تتسابق وسائل الإعلام من أجل استضافة متنبئ جوي أو خبير في الطقس في نشراتها وبرامجها للحديث عن حالة ما، وفي كثير من الوسائل باتت تقليداً يومياً، ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل بدأ مشغلو منصات التواصل الاجتماعي من فيسبوك وتوتير يجدون في المعلومة المنشورة عن الطقس فرصة لتحقيق “ترند” مهم ونسب مشاهدة عالية من القراء لتحفيز صفحاتهم، ولاسيما عند الحديث مثلاً عن منخفض جوي معرف باسم ما، أو عاصفة قد تتعرّض لها البلاد…في كل ما تقدّم تبقى المعلومة الصحيحة هي الهدف المنشود، وكيفية الحصول عليها من المراكز الموثوقة..؟.

تعدّ المديرية العامة للأرصاد الجوية النافذة الوحيدة والحصرية حتى الآن في سورية التي تتحدث عن حالة الطقس، وتغذي معظم وسائل الإعلام بالمعلومة عنه، فقد بيّن شادي جاويش رئيس مركز التنبؤ بالمديرية العامة للأرصاد الجوية لــ”البعث” أن مركز الرصد الجوي في دمشق هو المسؤول الوحيد عن إعداد النشرة الجوية وأحوال الطقس وتعميمها على الجهات الحكومية، إضافة لإعداد النشرات الخاصة بالتلفزيون والتواصل مع الإذاعات العامة والخاصة والتقارير الصحفية فيما يتعلق بالطقس أو أي حالة جوية مرافقة.

من خلال متابعتنا لكثير من وسائل الإعلام الخاصة، نرى أنها تستعين أحياناً بما تقدمه وسائل إعلام تابعة لدول مجاورة -على الأغلب لبنانية- من معلومات حول الوضع المناخي، في محاولة منها للفت الانتباه والقول: “إن لديها التوقع الأصح في هذه الحالة الجوية”. وهنا يرى جاويش أن المنخفضات الجوية الرئيسية الكبرى التي تغطي المنطقة من سورية إلى لبنان وفلسطين، تنطبق معلومات الطقس فيها بنسبة كبيرة على سورية وخصوصاً في الساحل، ولكن هناك خصوصية لكل منطقة، مشيراً إلى أن المديرية تقدم نشرات مفصلة لكل منطقة على حده على الموقع الرسمي للمديرية العامة للأرصاد الجوية على “فيسبوك”، وهي دائماً نشرة مسائية مفصلة تختلف عن النشرة الصباحية الموجزة.

دقة المعلومة

لاشك أن الدقة هي القوام الرئيس لمصداقية النشرة الجوية دقيقة، وهنا يبين جاويش أن ثمة علاقة عكسية بين دقة التنبؤ والمدة الزمنية، إذ أن الدقة بالتنبؤ تضعف كلما زادت مدة الحالة المُتنبأ عنها، وبشكل تقريبي تكون التنبؤات دقيقة خلال ثلاثة أيام حتى الأسبوع خلال الشتاء، وأسبوع حتى عشرة أيام خلال فصل الصيف، نظراً لأن الحالات الجوية المهمة تقلّ صيفاً وتنشط بشكل أكثر خلال الشتاء.

وتحدث جاويش عن كيفية التحضير لدراسة الحالة الجوية اليومية وإعداد التقرير عنها، مبيناً أن المديرية تقوم بقياس عناصر الطقس عن طريق المحطات الموزعة في جميع المحافظات، ثم إرسالها للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية والتي تقوم بتزويدها بالعناصر الجوية لجميع المحطات العالمية، وفي ضوء ذلك تستطيع المديرية رسم الخرائط الجوية يدوياً أو إلكترونياً، ثم تقوم بتحليل هذه الخرائط التي تعبّر عن الطقس الحالي، وذلك من أجل بناء تنبؤ للطقس للفترة التي تليها، ومن أهم العناصر التي نقوم بتحليلها هي خطوط تساوي الضغط الجوي وخطوط تساوي الحرارة، فعندما يذكر خلال النشرة الجوية عن مرتفع أو منخفض قادم إلى المنطقة يكون المقصود الضغط الجوي والذي يعتبر المحرك الأساسي للحالة الجوية السائدة.

نقص كوادر

عزا جاويش سبب تكرار ظهور المتنبئين أنفسهم على وسائل الإعلام إلى النقص الحاصل في عدد الكوادر بشكل عام، إلا أن العائق الأكبر يتمثل بنقص الدورات التدريبية والتي تساعد المديرية على مواكبة أحدث تقنيات الرصد الجوي والتنبؤات، مؤكداً في هذا السياق أنه تمّ وضع خطة لاستقبال عدد من الراصدين الجويين لرفدهم بالمحطات قريباً، وأنه يتمّ حالياً وضع الخطط اللازمة لتعيين متنبئين جويين لتعويض النقص الموجود حالياً في عدد المتنبئين.

أما على الصعيد اللوجستي والفني فإن المديرية العامة للأرصاد الجوية تعمل على إكمال مسارين مهمين، الأول تأهيل أكبر عدد من المحطات على مستوى القطر والتي تضرّرت بفعل تخريب الإرهابيين لها، حيث خرج قسم كبير منها عن الخدمة (٦٠% تقريباً)، والثاني هو رفد المديرية بكوادر ذات كفاءات علمية قادرة على تطوير البحث العلمي في المديرية، فالعقوبات الاقتصادية أدّت إلى خروج قسم لا بأس به من المحطات عن الخدمة نتيجة نقص قطع الصيانة، كما أثرت العقوبات على عدم تبادل الخبرات مع الدول المتقدمة في مجال الطقس، إن كان من ناحية وصول الخبراء إلى سورية أو إرسال العناصر لاتباع دورات تدريبية خارج القطر.

وعن عدد المحطات الموجودة حالياً، ذكر جاويش أنه يوجد لدينا عدة أنواع من المحطات، محطات سينوب تقيس جميع العناصر الجوية (٢٨ محطة تقريباً)، محطات مناخية تحوي مسجلات أسبوعية وشهرية (٨٠ محطة تقريباً)، ومحطات مطرية تقيس كمية الهطول فقط (٤٠٠ محطة تقريباً) وهذه الإحصائية تقريبية حتى عام ٢٠١٠.

ميس خليل