مجلة البعث الأسبوعية

نداءات مكافحة الهرمونات تبحث عن آذان صاغية.. مواد مجهولة المصدر تغزو أنديتنا!!

“البعث الأسبوعية” ــ مؤيد البش

لطالما كان شعار مكافحة المنشطات موجوداً في كل اجتماعات رياضتنا على مختلف المستويات، لكن على أرض الواقع تكاد نسبة تنفيذه تقارب الصفر. وما أكد هذا الكلام هو دخولنا في مفاوضات مباشرة للحصول على كمية منها في أحد الأندية المختصة برياضة بناء الأجسام في ريف دمشق، ونجاحنا في ذلك بسهولة ويسر ودون أي عوائق.

وبعيداً عن المبالغة، فإن ما لمسناه هو أن هذه “التجارة” هي التي تشكل مصدر الربح الأساس لكثير من المراكز والبيوتات، كما أن أنواعها تختلف بين أساسي مثل هرمون التستسرون الذي يجب أن يترافق مع مستحضرات أخرى مثل النادرلون أو البوليدنون أو الديكا، وتختلف الأسعار تبعاً لدولة المنشأ المفترضة، حيث يكلف “الكورس” الكامل للاعب مبتدئ الخبرة بين مليون ومليون ونصف ليرة سورية.

 

كارثة صحية

أحد الخبرات العاملة في مجال اللعبة أشار إلى قضية بمنتهى الخطورة تتجلى في أن المواد المتوفرة في السوق حالياً مجهولة المصدر، حيث اختلف الواقع في هذه الأيام عن السنوات السابقة حيث كانت مثل هذه المواد المنشطة والهرمونات تصنع في معامل معقمة، في دول أوروبا أو شرق آسيا، ثم تورد إلينا إما على أنها أدوية، أو تهرب بشكل غير قانوني؛ لكن هذه الأيام اختلفت الأمور حيث بات مهربو هذه المواد يلجوؤن لطريقة جديدة عبر توريدها بشكل نظامي داخل عبوات منظفات أو عطور كبيرة الحجم من دول مثل تايلند، لتتم بعدها تعبئتها في امبولات طبية وبيعها على أنها صنعت في دول عدة.. طبعاً دون أي إجراءات تعقيم أو أدنى معايير الحذر، وبالتالي بات الخطر مضاعفاً كون هذه المواد غير معلومة المنتج وغير صالحة للاستهلاك البشري.

والمشكلة التي لا تقل أهمية في هذا الإطار – وفق رأي الخبير ذاته – أن ترويجها داخل الأندية بات شيئاً طبيعياً للبعض كون الزبائن، وأغلبهم في سن المراهقة، يلهثون خلف التحسن السريع وكسب جسم بعضلات مفتولة دون وعي أو تفكير بالمضار المستقبلية.

 

مطالبات مكررة

من جهته، لم يخف رئيس اتحاد بناء الأجسام منار هيكل قلقه على مستقبل اللعبة في ضوء الانتشار الهائل لهذه المستحضرات التي وصفها بالضارة صحياً ورياضياً، مؤكداً أن الخطر بات كبيراً من هذه المواد المحظورة كون احتمال أن تكون متجرثمة كبير جداً مع عدم معرفتنا بمصدرها.

وعن دور اتحاده كجهة مشرفة على هذه الرياضة، كشف هيكل عن جملة من الصعوبات التي لم تجد حلولاً حتى الآن، قائلاً: نحن كاتحاد لعبة لا يمكننا الكشف عن حالات المنشطات للاعبين الذين يشاركون في بطولاتنا المحلية بسبب عدم وجود مخابر مختصة لدينا وارتفاع تكلفة إرسال عينات اللاعبين لتحليلها خارجياً، وهناك جانب يتعلق ببعض المدربين في الأندية والبيوتات الرياضية الخاصة، والذين يروجون المنشطات، حيث لا نمتلك صلاحية محاسبتهم أو معاقبتهم، وكنا طالبنا مراراً بضرورة وجود لجنة من الاتحاد الرياضي ووزارة الداخلية ووزارة العدل تكون مهمتها دخول الأندية والتفتيش عن الهرمونات والمنشطات، وبهذه الطريقة ستكون نسبة السيطرة على الموضوع كبيرة جداً. ونحن من هذا المنبر نناشد كل الجهات المعنية أن تسارع لمكافحة هذه الآفة عبر خطوات عملية، فالمحاضرات النظرية ودعوات مكافحتها رغم أهميتها ليست كافية إلا أن الخطوات العملية هي الأهم.

 

تراخيص مفقودة

الصيدلاني والباحث في موضوع الهرمونات علاء الدين الكل أبدى دهشته من مدى الإقبال الكبير لجيل الشاب على هذه المواد غير الموافق عليها حتى الآن من قبل إدارة منظمة الصحة العالمية كونها تشكل خطراً كبيراً على حياة الإنسان.

وتحدث الصيدلاني الكل بإسهاب عن المضار العملية للهرمونات بعيداً عن الأمور التي تنشر على مواقع الانترنت، والتي تحاول تخفيف أخطارها، بقوله: يلجأ العديد من لاعبي بناء الأجسام إلى استخدام الهرمونات الابتنائية لزيادة حجم وكتلة العضلات لديهم بسرعة والحصول على بنية عضلية ضخمة ضمن وقت قصير.. والهرمونات بشكل عام هي مواد كيميائية تفرز من خلال الغدد الموجودة ضمن الجسم وتنتقل عن طريق الدم إلى الأعضاء حيث تقوم بعملها من خلال تحفيز الأجهزة العضوية ضمن الجسم. وبالنسبة للهرمونات الابتنائية فهي عبارة عن مواد كيميائية مصنعة تحاكي عمل الهرمونات الذكرية وبالتالي تساعد لاعبي بناء الأجسام على الحصول على نتائج سريعة بالضخامة العضلية وتحسين أداء اللاعب، لكن هذه المواد غير آمنة للاستخدام، ولديها تأثيرات جانبية خطيرة في حال الاستخدام الخاطئ وهو انخفاض عدد الحيوانات المنوية والتسبب بالعقم, وارتفاع ضغط الدم والكولسترول على الأمد القصير، ويمكن على المدى الطويل أن تظهر أمراض مثل سرطان الكبد والنوبات القلبية والدماغية المبكرة.. والأهم الاضطرابات النفسية والسلوك العدواني.

 

البحث عن دور

وعلى اعتبار أن الأماكن التي يتم تعاطي هذه المواد ضمنها هي أندية رياضية بالأساس، كان لابد من التساؤل عن مسؤولية الاتحاد الرياضي العام في هذا الجانب، ليكون الجواب على لسان رئيس مكتب المراكز التدريبية المركزي عبد الناصر كركو الذي شدد على وجود توجه جديد فيما يخص البيوتات المنتشرة في مختلف المحافظات، وذلك بالتشاور مع الجهات المعنية، وزيارتها للتأكد من مطابقتها للشروط الصحية الموضوعة بما يتناسب مع كونها أندية رياضية في المقام الأول بعيداً عن الحسابات التجارية، وستخضع هذه البيوتات لرقابة فيما يخص حصولها على التراخيص الإدارية والرياضية، وهذا الأمر لن يتم التغاضي عنه أو التساهل فيه في الفترة المقبلة وصولاً إلى قمع ومخالفة أي بيت رياضي يثبت ترويجه للمنشطات كونها آفة خطيرة لا يمكن السكوت عنها.