دراساتصحيفة البعث

تغيير تاريخي يحدث في الشرق الأوسط

ترجمة: هناء شروف

عن الإندبندنت

سيساعد تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والإمارات  دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو سياسياً، لكن هناك أشياء أكثر أهمية ستحدث. يصرخ ترامب أن الإمارات أصبحت أول دولة خليجية تطبّع علاقاتها مع “إسرائيل”، وهو بذلك يحتاج إلى كل الأخبار السارة التي يمكنه الحصول عليها في الأشهر التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فقد غرد: “اختراق ضخم اليوم! اتفاقية سلام تاريخية بين صديقتينا العظيمتين، إسرائيل والإمارات العربية المتحدة”!.

ادّعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انتصاراً في إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع دولة عربية. من جانبها، قالت الإمارات  إنها جنّبت ضم “إسرائيل” لأجزاء من الضفة الغربية، بينما استنكر الفلسطينيون خيانة أخرى من قبل إخوانهم العرب.

بالغ ترامب ونتنياهو في إنجازاتهما لتعزيز مكانتهما السياسية المحلية، لأن الإمارات كانت قد أقامت منذ فترة طويلة روابط أمنية وتجارية مع “إسرائيل”، وتأجّل ضمّ نتنياهو للضفة الغربية في السابق. ما يعني أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين ينافقون حول تعزيز عملية “السلام” بين “إسرائيل” والفلسطينيين، والتي كان في جوهرها “حل الدولتين” الخيالي!.

مع ذلك، هناك تغيير تاريخي حقيقي يحدث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إنه تحوّل زادت من سرعته كارثة الفيروس التاجي الذي سيغيّر سياسات الشرق الأوسط بشكل جذريّ.

العصر الذي تميّزت به قوة الدول النفطية انتهى، فقد كانت الدول النفطية تتمتّع بتراكم غير عادي للثروة، ويمكن لنخبهم شراء كل شيء من لوحات ليوناردو دافنشي إلى فنادق بارك لين. كان حكامهم يملكون المال لإبقاء الحكومات الأقل تمويلاً في السلطة أو لإخراجهم من العمل عن طريق تمويل خصمهم.

هذه الفترة التاريخية هي التي تنتهي الآن، ومن المرجح أن يكون التغيير دائماً. لا تزال المملكة السعودية والإمارات المتحدة تمتلكان احتياطيات مالية كبيرة، على الرغم من أنها لا تنضب. في أماكن أخرى تنفد الأموال، أما العامل الحاسم فهو أنه بين عامي 2012 و2020 انخفضت عائدات النفط للمنتجين العرب من تريليون دولار إلى 300 مليار دولار، أي بانخفاض يزيد عن الثلثين. كان يتمّ إنتاج الكثير من النفط والقليل جداً من الاستهلاك ما قبل فيروس كورونا، علاوة على ذلك، هناك تحوّل بعيد عن الوقود الأحفوري، كما قد تؤدي تخفيضات أوبك في الإنتاج إلى حدّ ما إلى رفع سعر النفط، لكنها لن تكون كافية للحفاظ على الوضع الراهن المتداعي.

ومن المفارقات، أن دولة بترولية مثل الإمارات المتحدة تقوم فقط باستعراض عضلاتها السياسية من خلال تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، في الوقت الذي يتفكك فيه العالم الاقتصادي الذي كانت جزءاً منه، كما أن الإمارات ليست وحدها، إذ لطالما واجهت الدول النفطية مشكلة في تحويل الأموال إلى قوة سياسية.

لعبت المملكة السعودية والإمارات المتحدة وقطر دوراً أكثر عدوانية خلال “الربيع العربي” في مصر وليبيا وسورية واليمن والبحرين في عام 2011. محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، الحاكمان الفعليان للمملكة السعودية والإمارات المتحدة، أصبحا أكثر تدخلاً في عام 2015 وشعرا بسعادة غامرة في العام التالي عندما دخل ترامب متأثراً بثرواتهم ونفوذهم الواضح إلى البيت الأبيض.

كانت نجاحات تحالف ترامب والأنظمة الملكية في الخليج هزيلة، هدفهم الرئيسي إيران. بدأت السعودية والإمارات حرباً سريعة في اليمن قبل خمس سنوات وما زالت مستمرة، واجتاحت احتجاجات مماثلة لبنان مع انهيار اقتصاده. ليس منتجو النفط وحدهم هم الذين يعانون، ولكن دولاً مثل لبنان ومصر تتطلعان إلى البلدان البترولية من أجل الأعمال والوظائف، فقد اعتاد لبنان أن يستمر من خلال التحويلات المالية وأكثر من 2.5 مليون مصري يعملون في الدول النفطية.

الآن مع ارتفاع عدد السكان وتدفق الشباب إلى سوق العمل، هناك حاجة إلى المزيد والمزيد من الأموال للحفاظ على المجتمع كما كان من قبل، لكن في ظل الحروب والأنظمة الاجتماعية والاقتصادية المختلّة، أصبح الشرق الأوسط هشاً للغاية بحيث لا يستطيع تحمّل الزلزال القادم.