ثقافةصحيفة البعث

ربيع بغدادي يطلق مبادرته الموسيقية في ثقافي كفرسوسة

لم يكن شغف الموسيقي ربيع بغدادي بالعود يعود إلى عزف والدته وحبّه لتراثنا الحضاري اللذين نهل منهما فقط، إذ نما عشق الموسيقى في قلبه وأصبح ولهاً يرافق روحه، فأتقن العزف على العود وانتسب إلى نقابة الفنانين عام 1973، ثم عمل في مسارح دمشق إلى أن شاءت الأقدار أن يسافر إلى البرازيل وهو شاب، ليتابع رحلته مع الموسيقى هناك ليس على صعيد العزف فقط وإنما كتابة الأغنيات وتلحينها أيضاً، وبقيت موسيقى الطرب الأصيل هاجسه.

تعلّم أصول عزف العود على يد الأستاذين عمر نقشبندي وعزت الحلواني، إضافة إلى دراسته الخاصة، وحينما سافر إلى البرازيل منذ أربعين عاماً عمل بالتجارة لكنه لم يستطع أن يبعد نفسه عن الموسيقى، فشكّل فرقة موسيقية صغيرة مؤلفة من ثلاثة عشر عازفاً من العازفين السوريين واللبنانيين مع كورال بمرافقة لوحات الرقص الشرقي أطلق عليها “زهرة الشرق- فلور ده أورينت”، فلاقت أصداء إيجابية وحقّقت انتشاراً بحضور الجاليتين السورية واللبنانية والأجانب واستحوذت أيضاً على إعجاب الأستراليين، ومن ثم تنقلت الفرقة بإدارة ربيع بغدادي ومشاركته بالعزف على العود لتقديم عروضها على مسارح مدينة “ريو دي جانيرو” المدينة التي أقام فيها.

عُنيت الفرقة بتقديم الأغنيات المعاصرة الرائجة في تسعينيات القرن الماضي، فغنّت وعزفت موسيقى أغنيات وليد توفيق وراغب علامة وملحم بركات، وعادت إلى أغنيات صباح ووديع الصافي، وفي نهاية الأمسية كانت الفرقة تخصّص فقرة خاصة للطرب الأصيل من أغنيات أم كلثوم.

الرق والطرب الأصيل

مع مرور السنوات ازداد شغف بغدادي بالعود وبالتراث الشرقي والموسيقى العربية الأصيلة، ولاسيما بعد ظهور الآلات الإلكترونية الغربية التي أصبحت تنافس الآلات العربية الشرقية، العود والناي والقانون والبزق. وفي الوقت نفسه رغب بتعلّم العزف الإيقاعي على آلة الرق، ويرى أنها ارتبطت بآلات الموسيقى الطربية دون غيرها من الآلات الإيقاعية، مستحضراً تشكيلة الفرق الكبرى مثل فرقة أم كلثوم، وأوضح بأن كبار ملحني الموسيقى الشرقية لم يهتموا بانضمام آلة الطبلة إلى تشكيلات الفرق الشرقية مثل زكريا أحمد ومحمد الموجي ومحمد عبد الوهاب، واكتفوا بالرق مع الآلات الوترية والتخت الشرقي، باستثناء أغنيتين فقط لأم كلثوم، إذ أدخلت الطبلة إلى تشكيلة الفرقة في أغنيتي فكروني وحكم علينا الهوى.

وبعد أن تعلّم بغدادي الضرب على الآلات الإيقاعية “الطبلة والرق والبنكز”، توسّعت نشاطات الفرقة وعزفت في مسارح مدينة مجاورة– ريو دي جانيرو، وكان بغدادي يأمل بأن يقدم أمسية على مسرح النادي السوري اللبناني في ساو باولو، إلا أن المسافة كانت بعيدة. ونتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة في البرازيل وسفر عدد من الأعضاء توقفت الفرقة، وبقي عشق بغدادي للموسيقى الشرقية يتجدّد من خلال زياراته إلى الوطن ولقائه بالموسيقيين السوريين كونه شقيق عازف الكمان بديع بغدادي.

تكوين فرقة صغيرة

في هذا العام زار سورية كالمعتاد، إلا أن الحظر العالمي لكورونا منعه من العودة، فوجدها فرصة سانحة لتحقيق حلمه الموسيقي بإحياء زمن الطرب الأصيل، وأطلق مبادرته الموسيقية بتكوين فرقة موسيقية صغيرة باستضافة مطربين على نفقته الخاصة وإقامة أمسيات موسيقية بالتعاون مع وزارة الثقافة بتقديم المكان في المركز الثقافي العربي –كفرسوسة- تعبيراً عن حبّه لوطنه سورية التي بقيت في قلبه منذ اغترابه، وحرصاً على إحياء زمن الطرب الأصيل، ومحاولة لإعادة آلة العود إلى التخت الشرقي بعد أن أصبح شبه غائب عن بعض الفرق الموسيقية الحديثة- كما ذكر.

الكونترباص مع الشرقية

البداية بأمسية إحياء ذكرى فريد الأطرش بتشكيله الفرقة الموسيقية للموسيقى الآلية والغنائية المكونة من العود والكمان والكونترباص والناي والإيقاع بمشاركته بالعزف على العود وبقيادة عازف الكمان عدنان سفر، ومشاركة العازف أحمد عبده على الناي وعرفان أبو الشامات على الكونترباص ورواد جلول على الرق، واستضافة المغنَيين فاتن صيداوي ولؤي بركات، على مسرح ثقافي كفرسوسة، تبعتها الأمسية الثانية لأغنيات أم كلثوم على المسرح ذاته باستضافة المغنين محمد المصري وأحلام ديب وهدية السبيني، وحالياً يحضّر لأمسية ستقام في الشهر القادم تستحضر ذكرى وردة بعد أن تمّ توسيع الفرقة بإدخال آلات جديدة منها الطبلة والأورك مع فريق الكورال، وضمن خطته أيضاً التحضير لأمسية تحيي أغنيات نجاة الصغيرة.

جمهور شغوف

ويرى بغدادي أن موسيقى وأغنيات الطرب الأصيل مازالت قريبة ومحبّبة إلى جميع الأجيال، ولم تستطع الموسيقى المعاصرة والشعبية أن تحدّ من حضورها، ومن واجبنا الحفاظ عليها بتكرارها وتعرّف الأجيال الجديدة على أجوائها لأنها جزء من تاريخ العرب الفني.

ملده شويكاني