تحقيقاتصحيفة البعث

الكمامات الطبية.. أهداف صحية وقائية وتنافس في ميادين الموضة!

أشكال كثيرة ورسوم مختلفة وألوان زاهية باتت تغطي وجوه الناس اليوم تحت مسمى “الكمامة”، فبعد أن أصبح ارتداء الكمامة ضرورة حتّمها الانتشار الكبير لفايروس كورونا، اتجه الناس للتفنن بارتدائها سواء بنوعها أو بشكلها ولونها أو حتى بطريقة وضعها وكأنها إكسسوار لتزيين الوجه لا للحدّ من الإصابة بالمرض..

منافسة
وفي ظل انتشار فيروس كورونا ألزمت الحكومة الجهات المعنية بارتداء الكمامات في أماكن التجمعات، وخاصة المغلقة كالمراكز الثقافية ودور السينما ومراكز التسوق والمحلات التجارية، والجامعات، ووسائل النقل العامة والحافلات وفي الدوائر الرسمية مع التقيد بالتباعد المكاني، الأمر الذي استدعى من الجميع شراء الكمامات ووضعها في قائمة الاحتياجات اليومية لهم، وبالرغم من فقدان الكمامات من الصيدليات في الأشهر الأولى لانتشار الفيروس إلّا أن السوريين استعاضوا عنها بكمامات من القماش تم تصنيعها في عدد من ورشات الخياطة التي وجدت في تصنيعها باباً جديداً للرزق، ولم يتوقف تصنيع كمامات القماش مع عودة الكمامات الطبية إلى سوق الدواء السوري بل على العكس استمرت في منافستها بأشكال وزخارف متعددة، لتغطى هذه الكمامات على وجوه الناس أكثر من الطبية.

بين الموضة والحرص
ويختلف ارتداء الكمامة اليوم وسط شريحة الشباب السوري الذي انقسم بين فئة وجدت بالكمامة الطبية مصدراً للوقاية من المرض وفئة وجدت بارتدائها نوعاً من الموضة العصرية والتي لربّما لن يتخلوا عنها حتى بعد تلاشي هذا الفيروس، إذ ترى سارة “طالبة جامعية” أن الهدف الذي صممت من أجله الكمامة هو هدف طبي بحت وبعيد كل البعد عن الموضة والإكسسوار والتباهي بنوع وثمن الكمامة، فما الفائدة الطبية من ارتداء كمامات غير صحية والتي صممت لأغراض تجارية في زمن أصبح الربح المادي الغاية الوحيدة المستحوذة على عقول الناس، في المقابل وجدنا شريحة لا يستهان بها من طلبة الجامعة تفننوا بارتداء كمامات ذات أشكال وألوان وتطريزات مختلفة وجذابة تماشياً مع النجوم والمشاهير الذين غزت صورهم وهم يرتدون الكمامات المزخرفة وسائل التواصل الاجتماعي، فاعتبرت ريمة “موظفة” أن كورونا لا تعني إلغاء الاهتمام بالمظهر الخارجي بل على العكس يجب التحايل على هذه الوباء بردود فعل إيجابية وجعل ارتداء الكمامة الأنيقة المتناسبة والمتناسقة مع الثياب شيئا ضروريا بدلا من ارتدائها على مضض وبشكل غير مرتب، ولأن شريحة المسنين هي الأكثر عُرضة للخطر والإصابة بهذا الوباء فقد كان لزاماً عليهم ارتداء الكمامة في جميع الأماكن ليصل وسواس الخوف إلى ارتدائها وهم نيام، لكن شكل الكمامة الطبية المتعارف عليها كانت القاسم المشترك بين هذه الشريحة التي رفضت التفنن بارتداء الكمامات المزخرفة لأن الغاية الأساسية والهاجس الأكبر اليوم لهم هو الوقاية من هذا المرض لا البحث عن الجمال والأناقة.

وسيلة للترغيب
وتماشياً مع العصر، فقد أصبحت الكمامات الطبية مصدر إلهام للفنانين والمصممين، حيث تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي مجموعة من الرسومات لفنانين أبدعوا برسم الكمامة على الجدران وعلى أسطح البنايات، كذلك دخلت الكمامة عالم الموضة بقوة حيث ابتكر مصممو الأزياء أشكالاً جذابة ومتنوعة لها لكن ليست جميع تصاميمهم ترتقي لمعايير منظمة الصحة العالمية، وتتنافس الماركات العالمية على تصميم الكمامات المبتكرة كطريقة لإنقاذ مبيعاتها التي تراجعت بسبب أزمة كورونا، وفي بادرة أخرى للرجال قام مصنع لإنتاج ربطات العنق في برلين بعرض مجموعة حصرية من الكمامات الحريرية التي تتسق ألوانها مع ربطة عنق الرجل العصري، واعتبرت لما صالح “باحثة اجتماعية” أن الكمامة اليوم هي من أهم المستلزمات للوقاية من انتقال العدوى، ولأن ارتداء الكمامة أصبح ظاهرة وأمراً طبيعياً نشهده في جميع الأماكن الأمر الذي أوجد للتجار فرصة للتفنن بتصميم وابتكار كمامات متعددة الأشكال، فمنها ما يغطي منطقة الأنف فقط أو الفم فقط أو كامل الوجه، ناهيك عن الألوان و الزخرفات التي رافقت هذه التصاميم، ولا يمكن اعتبار التفنن بأشكال الكمامة شيئا سلبيا، بل على العكس فهي وسيلة للترغيب بارتدائها وعدم النظر إليها كضرورة مفروضة وكمظهر تقليدي ممل، إذ يمكن تطبيق شكلها ولونها مع الثياب بغية الوصول للهدف الأساسي من ارتدائها وهو الوقاية من الإصابة بهذا الفايروس ومواجهته بشكل ممتع لا بشكل قهري.

ميس بركات