اقتصادصحيفة البعث

أما وبعد أن تم التكليف؟

قسيم دحدل

تعددت التكهنات والتوقعات حول الحكومة العتيدة: ماهيتها، شكلها وتشكيلها، كفاءة أعضائها، صلاحياتها والمطلوب منها، ووصل الأمر لحد الحديث في “كاريزما” الوزير الأول والوزراء، وأطلق عنان استطلاع الرأي العام والخاص، حول مدى ترجيح تسلم أحد الوزراء الحاليين لرئاسة مجلس الوزراء..

برأينا أن كل ما سبق، مع احترامنا له وللمتتسائلين حوله، كان ينطبق عليه المثل العامي القائل: “كلُّه غماس خارج الصحن”.

الآن، وبعد أن تم تكليف المكلف المهندس حسين عرنوس بتشكيل الوزارة في سورية، نجد أنفسنا – على الأقل كإعلاميين – أمام المسؤولية الأكثر حساسية، وهي وجوب الوقوف مع الحكومة المنتظرة وفق القول المأثور: “انصر أخاك ظالما” مظلوما”.

و”النصرة” التي نقصدها هنا، ذات شقين: نقدها وليس انتقادها أولاً، ودعمها ومساندتها، لا محاباتها وكسب رضاها ثانياً، وخاصة حين تنجح في أمر ما مهما كان صغيراً، إذ نعتقد أن الكثير من التفاصيل، بحكم متابعتنا واطلاعنا على كم التشريعات والقرارات والإجراءات، كانت هي المقتل في كل ما تبتغي تحقيقه من أهداف، سواء كانت أهدافاً مرحلية أو استراتيجية…

أما ما على الحكومة من واجب تقتضيه مصلحة الوطن والمواطن معاً، فهو الإصغاء إلى الإعلام الوطني المسؤول، وتحديداً ما يخطه المختص والخبير منه، القادر على مد الحكومة بالمفيد والعضيد، وعدم الركون إلى “الأكاديمي”، وخاصة الذي أثبت تبلُّده وفشله، ولم يقدم شيئاً لقطاعاتنا، لا بل كان وبالاً عليها، أفقد كل ما تتخذه الثقة والجدية لدى المجتمع…

نحن وكما المواطن السوري الغيور على بلده، ندرك كم وحجم ونوع المحنة الاقتصادية التي نعانيها، كما ندرك أسبابها ونعلم مسببيها، وبالمقابل نعلم أن ليس كل شيء نواجهه هو من الخارج ومخططاته، وإنما أيضاً من الداخل وجشعه، حيث تبين وجود نوع من التناغم فيما بينهما..

هذا الإدراك يجب أن يكون المدماك الأصلب للبناء عليه، في العلاقة الجديدة والمطلوبة، ما بين المسؤول والشعب، وهذا ما نجد فيه البوابة الأصلح لبدايات حديثة ما بين الطرفين، قائمة على التفاعل الإيجابي والعمل المبادر المسؤول، لتحقيق الهدف الأسمى وهو عزة ومنعة سورية…

كثيرة هي الملفات الاقتصادية، سواء منها العالقة أو المطلوب معالجتها أو المتوقع وجودها، وعلى كافة الصعد، تنتظر “امتحان الإرادة الحازمة والإدارة الرشيدة” لرئيس وأعضاء مجلس الوزراء، مجتمعين ومنفصلين، خاصة بعد أن أعلى سيادة رئيس الجمهورية شأن القانون والاحتكام له، وأكد على المؤسسات ودورها، في ترجمة التشريعات بالشكل والمضمون اللذين يؤديان إلى الخواتيم التي طالما انتظرتها الدولة قيادة وشعباً.

وهنا نرى أن ما كان أعلنه رئيس الوزراء السابق، في آخر إطلالته في مجلس الشعب، وهو: “أن هناك خططاً اقتصادية لا يمكن نشرها في الإعلام”، أمر في غاية الخطورة، ونكاد نجزم أن إعلاناً معاكساً حكمة لا بد أن تتم، وإلاَّ فستكون الشفافية مطعونة في صميمها، وبالتالي زيادة الشرخ ما بين الحكومة والمواطن.

إن الوطن اليوم بحاجة لكل صوت وكل زند وكل فكر وكل جهد..، فلنفتح أبوابنا ونُعبد طرقنا ونُعدُّ إمكانياتنا، للكفاءات القادرة، المؤمنة بنفسها أولا، إذ لا إيمان بوطن قبل الإيمان بالمواطنة.

وليس أخيراً، لا يسعنا إلّأ أن ندعو لـ “العتيدة” إلى أن تكون رشيدة..، وعلى قدر أمل القائد والشعب.

Qassim1965@gmail.com