مجلة البعث الأسبوعية

على ما يبدو أوقفوا “اللكسيسز”؟!

بشير فرزان

على ما يبدو أننا في هذا المخاض العسير من مختلف النواحي.. بحاجة لفكر مسؤول يتماهى بمسؤولياته وإدارته مع أفكار المهاتما غاندي الذي أنقذ الهند عندما قرر حياكة ملابسه بنفسه وأخضع بذلك الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس بقرار جريء وقدرة على استقطاب الناس وشحن المجتمع بالطاقة الإيجابية المفعمة بحيوية الإمكانيات الوطنية المتوفرة انطلاقاً من قاعدة أفلاطونية مفادها: “إبدأ بنفسك!”.

وطبعاً استحضار هذه الشخصية الرمزية كدليل إثبات على أهمية أن يكون هناك شخصيات وزارية قادرة على إلزام نفسها بمقام القدوة والمثل الأعلى للناس وممارسة دور الموجه بالأفعال وليس بالأقوال، كما يقال.. فكيف يمكن لوزراء ومسؤولين كبار يستخدمون سيارات “اللكسيسز” و”الأودي” و”البرادو” ذوات الرفاهية الملكية أن يشعروا بمعاناة الناس مع النقل ورحلاتهم المحفوفة بالأزمات المتتالية في هذا القطاع؟ وفي الوقت ذاته، كيف لهم أن يفهموا صعوبة تأمين أجرة السرفيس أو الباص التي أثقلت بارتفاعاتها كاهل العائلات؟ وكيف لهم أن يعوا التكاليف التي يدفعها أصحاب السيارات والميكروباصات وغيرها في الإصلاح وتأمين القطع التبديلية، أو حتى الوقود، وهم يملكون الحق في صرف الملايين على سياراتهم، سواء فواتير الوقود المفتوحة أو الإصلاح المكلف، وهنا نعطي مثالاً بسيطاً بأن تكلفة غيار الزيت لسيارة واحدة من السيارات الفارهة يقارب رواتب أكثر من 10 موظفين؟!

ولن نكمل في سرد دلائل الإثبات على الرفاهية والنعيم الذي يحيط بكراسي المسؤولية التي لم تعد ضمن دائرة التصنيف الوظيفي الرسمي/ وباتت في عداد المناصب التشريفية الهادفة لجمع الثروات والقضم السريع للمكاسب والهدر واستنزاف الأموال العامة، وتحديداً في هذه الظروف الصعبة، فالتقشف حالة وطنية أيضاً ليست مطلوبة من العامة فقط.

وعلى ما يبدو، فإن غياب فكر “القدوة” ساهم في انهيار منظومة العمل القيادي والوظيفي بمختلف المستويات، وأطاح بالميزات وليس بالامتيازات، بشكل سمح بسيادة الفكر السطحي على مراكز صنع القرار، بحيث بات هناك خطابان متناقضان لذات المصدر الرسمي، وبأفق محدودة جداً، وهذا ما برز بشكل واضح في التصريحات الخاصة بالحياة المعيشية والرواتب وارتفاع الأسعار وجنونها غير المقبول، وفي ملامسة الإجراءات الاقتصادية لحياة المواطن بشكل مباشر.. هذا عدا عن السيناريو التبشيري بالتحسن الاقتصادي القادم دون أي خطوات حقيقية على ساحة التنفيذ، ولكن مع الاحتفاظ بمستوى اقتصادي ورفاهية عالية الجودة للمكاتب المسؤولة.

وعلى ما يبدو فإن الاستمرار في ملاحقة حلم المسؤول القدوة الذي يتخلى عن الامتيازات لصالح مؤسسته وبلده سيؤدي إلى الضياع في شوارع وأزقة المدينة الفاضلة، ولذلك سنطالب بالحد الأدنى، والذي يتمثل بأن يكون لدينا مسؤول “دمو خفيف وشكلو ظريف وجوو لطيف وحكيو طريف”!

و”منو سخيف وفكرو سليم وصوتو رخيم”؟!.. وعلى ما يبدو، ماعاد فينا نضيف أو نقول: “الأمل ضعيف”!!