تحقيقاتصحيفة البعث

مصب نهر الغمقة..التشذيب الثالث بنسبة تنفيذ 28% والخدمة بالصيف القادم

يشطر سرير نهر الغمقة مدينة طرطوس إلى نصفين، شمالي وجنوبي، بعد اجتيازه لقرابة (40 كم) مروراً بعشرات القرى التي تتشاطأ كتفيه، ابتداءً من منبعه الذي ظل دفاقاً لعقود طويلة قبل تحوّله إلى نهر موسمي بفعل تحولات الطبيعة ما أكسب قرية الجروية غربي مدينة صافيتا التي ينبع منها شهرة واسعة جعلها قبلة الزوار ومحبي الطبيعة لالتقاط الصور التذكارية في أوج أشهر الشتاء، لينتهي في أشهر التحاريق الصيفية إلى جدول مياه راكدة، وينقلب معها المشهد من نعمة طبيعية خلابة إلى نقمة بفعل الإنسان والتخريب البيئي الحاصل على طول مجرى النهر، بعد أن تحوّل إلى مكان لبث الروائح الكريهة، وبات مرتعاً خصباً للقوارض والحشرات والأوبئة مع الأسف!!.

تشذيب المصب..

منذ تسعينيات القرن الماضي، وعلى خلفية فيضان جارف للنهر “صيف” عام 1977 وبالتحديد في شهر آب من ذاك العام وتسبّبه بفيضان الأحياء المجاورة واقتحام مياه الأمطار التي انهمرت لساعات بشكل مفاجئ بغزارة يذكرها جيداً أبناء طرطوس الذين عاصروا تلك الفترة ما تسبّب بطوفان العديد من الأحياء وغرقها ووفاة البعض غرقاً، طُرح حينها تنفيذ مشروع عرضاني من شمال المدينة إلى جنوبها لدرء السيول شرقي مدينة طرطوس، وقد تمّ استكماله بتنفيذ مشروع على مرحلتين لتشذيب مجرى النهر وجدرانه من جسر القطار شرقاً، ومن جسر الغمقة على شارع الثورة حتى المصب، بأحجار بازلتية سوداء مع تسوية بيتونية لجانبي المجرى، وتنفيذ قناة مائية لحدود جسر الغمقة بعمق متر ونصف منذ ثمانينيات القرن الماضي تسمح بدخول مياه البحر المالحة صيفاً، للتخلّص من روائح المخلفات الكريهة وبقايا القمامة التي تُلقى على طول مجرى النهر.

وقد أثبت المشروع نجاحه عندما تعرّضت طرطوس لعاصفة مطرية ثانية في شتاء العام 2004، لكن عدم قيام المجالس البلدية حينها بإجراءات التعزيل الواجب اتباعها قبل كل موسم مطري، أدى مرة أخرى إلى فيضان مياه النهر عند جسر الغمقة واقتحام مياه النهر ضاحية الأسد السكنية الملاصقة لكتف النهر الجنوبي حينها وتسبّبها بأضرار مادية فادحة للسكان.

التشذيب الثالث شرقي جسر القطار..

تفادياً لتكرار الفيضانات السابقة، وعلى خلفية الإنذارات التي حصلت للمباني المجاورة لضفتي النهر شرقي جسر القطار، وفي حركة استباقية لمجلس مدينة طرطوس على خلفية شكاوى القاطنين، قام مجلس المدينة بالتعاقد مع مؤسسة الإسكان العسكرية لاستكمال تنفيذ مشروع تشذيب جدران النهر بالعقد رقم ٢٠٧ لعام ٢٠١٩ ليكون التشذيب الثالث لمصب نهر الغمقة، فماذا عن مكونات وتفاصيل المشروع؟.

م. حسان نديم حسن مدير الشؤون الفنية بمجلس مدينة طرطوس قال: يتألف المشروع من جرن ومصاطب جانبية من البيتون المسلّح ضمن سرير النهر، إضافة إلى أكتاف من الجهتين الشمالية والجنوبية، وطريقين موازيين للنهر من الشمال والجنوب، لتخديم الأحياء المتاخمة لها، إضافة إلى تخديم مدرسة مجلس المحافظة المخصّص جزء من ريعها لذوي الشهداء، كما يؤمّن هذان الطريقان الاتصال بين الكورنيش الشرقي وشارع ٨ آذار وينفذ بإشراف الشركة العامة للمشاريع الهندسية.

يخترق نهر الغمقة مدينة طرطوس من الشرق إلى مصبه في البحر غرباً بطول نحو (٣ كم)، ويقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم غربي طوله نحو 1300م يمتد من البحر وحتى جسر القطار شرقاً، وهو منفذ منذ تسعينيات القرن الماضي، وقسم أوسط بطول نحو 800م من جسر القطار غرباً وحتى الحدّ الغربي لجامعة طرطوس شرقاً، ومعظم الأراضي الواقعة على حدي النهر في هذا القسم غير مبنية باستثناء الجزء الغربي منه وحي الطليعة البالغ طوله نحو 200 متر، وتوجد أبنية مشيّدة منذ نشوء الحي في سبعينيات القرن الماضي، أما القسم الشرقي فطوله نحو 800م ويقع ضمن حدود جامعة طرطوس، وقد تمّ تنفيذه من قبل جامعة طرطوس.

وبنتيجة الهطولات المطرية الغزيرة التي حصلت على مستوى محافظة طرطوس خلال شتاء العام 2019 حصل انجراف جزئي في التربة على الحدّ الجنوبي للنهر في موقع حي الطليعة، حيث أصبح يشكّل خطراً على سلامة الأبنية المجاورة للنهر وعلى السلامة العامة، وقد تمّ إجراء عدة جولات من قبل الفريق الحكومي المكلف بمتابعة مشاريع طرطوس. وبمساعٍ من قبل رئيس مجلس المدينة ومحافظ طرطوس، واهتمام مباشر من وزير الإدارة المحلية والبيئة، تمّ رصد الاعتماد المالي اللازم لتنفيذ المشروع من موازنة وزارة الإدارة المحلية بقيمة 800 مليون ليرة.

ويقول حسن: إن إنجاز هذا المشروع الحيوي سيحدّ من الأخطار الناجمة عن فيضان نهر الغمقة شتاءً، وسيبعد أي خطر عن الساكنين على جانبي مجرى النهر، وقد بلغت نسبة تنفيذ المشروع نحو 28% وتصل مدة التنفيذ إلى 18 شهراً تنتهي صيف العام القادم.

وائل علي