اقتصادصحيفة البعث

عن أية ثقافة مصرفية تتحدثون..؟

حسن النابلسي

عرّى القرار الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء والمتعلق بفتح حساب مصرفي خاص بالبيوع العقارية والسيارات، تخبط المصارف العامة والخاصة لجهة تعاطيها مع تنفيذ هذا القرار بما يتواءم مع الهدف الصادر من أجله “تعميم الثقافة المصرفية”..!.

لا رؤية واضحة، ولا مسار محدداً، ولا بنية مصرفية تحتية مؤهلة لاستيعاب تدفق المواطنين إلى أروقة المصارف لفتح الحسابات، ما تسبب بالنتيجة بإرباكات واضحة سواء للمصارف ذاتها والتي أثبتت عدم جاهزية بنيتها المصرفية لتنفيذ قرار حكومي لم يلق أي رضى منذ إصداره، أم للمواطن المُجبر في أغلب الأحيان إلى تسجيل دور له في طابور المصطفين لفتح حساب مصرفي ربما يحصل عليه بعد شهر، علماً أنه قد يكون مضطراً لتسيير معاملة فراغ “بيت أو سيارة” بالسرعة القصوى، مع الإشارة إلى أن هذا التأخير أثار مشاكل بين “البائع والشاري” لم تكن تحصل قبل تطبيق هذا القرار، تنتهي بفض عملية البيع والشراء، وبالتالي تعثر سير مصالح العباد..!.

لقد أفضى هذا القرار إلى مفعول عكسي فبدلاً من أن يعمم الثقافة المصرفية المتوخاة، ويعزز ثقة المواطن بالمصارف، نفّره منها ومن التعامل معها، لاسيما إذا ما علمنا أن السقف المحدد لفتح هذا النوع من الحسابات يختلف من مصرف لآخر، فالمصرف التجاري حدده بـ5 آلاف ليرة،  والزراعي بحوالى المليون، والعقاري بـ300 ألف، والتسليف بـ150 ألف، والصناعي بـ100 ألف، بينما يتجاوز الـ500 ألف ليرة لدى معظم المصارف الخاصة..!.

كان الأجدى برئاسة مجلس الوزراء المصدرة لهذا القرار دراسته بشكل دقيق، واعتماد آليات عمل كفيلة بجذب ، ليس جزءاً من قيم بيوع العقارات والسيارات فحسب إلى خزائن المصارف، بل الكم الأكبر من مدخرات المواطنين، وتعزيز ثقتهم بالمصارف وقنواتها التمويلية الاستثمارية..!.

كما كشف سوء تطبيق هذا القرار ضحالة تعاطي المصارف مع عملائها، وعدم أهليتها للحد الأدنى مما يجب أن تتمتع به كوادرها من أصول تعامل وجذب للعملاء، وفق ما يتطلبه مستواها المصنف “بنية فوقية”، وما يقتضيه هذا التصنيف من معايير تستوجب أن تتصدر “خدمة الزبائن” أولوياتها، لا أن تكون خارج سياق الاهتمام، وكأن لسان حالها يقول: “أوصدوا الأبواب في وجه العملاء”..!.

إذا كان الحال هكذا..فالأجدى طي هذا القرار وعودة أمور بيوع السيارات والعقارات إلى ما كانت عليه، مع الإشارة أخيراً إلى أن صدور هذا القرار ترافق مع تحفظ قانوني شكك بدستوريته..!.

hasanla@yahoo.com