ثقافةصحيفة البعث

التشكيلي غسان العكل يرسم بـ “مكحلة الجدة”

أنجز الفنان التشكيلي غسان العكل خلال السنوات الماضية أكثر من معرض شخصي، وله العديد من المشاركات في المعارض الجماعية والملتقيات الفنية، وترتكز لوحته على قائمتي البحث التقني الغرافيكي والتجريب، مستفيداً من معطيات العمل الطباعي ومتابعته عبر وسائط التواصل المتاحة لمنجزات الفنانين القريبة لهذا البحث. أما القائمة الثانية فتنتصبُ من خلال مزاوجته لعنصري التصوير والتجريد في آن واحد، حيث يظهر الخط العربي بحضوره البصري دون الدلالة الأدبية إلى جانب أعمال تصويرية آدمية وعناصر بيئية رمزية، هذا التأليف مجتمعاً هو مضمون لوحته وموضوعها الذي يُبنى ضمن خبرة بصرية تتجوّل بين حين وآخر على بعض التجارب المعروفة، مستفيدة من مؤلفها في حيّز التكوين أو التوليف اللوني. وفي هذا السياق الفيزيائي تقتصر مجموعته اللونية على درجات محدّدة من الأصفر والبني والقليل من الألوان المرافقة، وصولاً إلى غاية تتوافق فيها أحبار الطباعة بألوانها الطازجة مع التأثيرات الغرافيكية التي تحدثها الكليشة المعدّة مسبقاً خلال ضغطها وسحب ما تلامسه من لون السطح ليظهر لون آخر من أرضية اللوحة.

يشارك الفنان العكل حالياً في ملتقى التصوير الزيتي “سورية جسر المحبة” الذي تقيمه وزارة الثقافة- مديرية الفنون الجميلة في المتحف الوطني بدمشق، إلى جانب العديد من زملائه الفنانين، حيث تبرز تجربته القائمة على الخبرة الواضحة وثقافته المستمدة من بيئة مدينته التي عاش فيها على ضفة الفرات، إذ يقول في بيانه عن ينابيع هذه الثقافة وتأثير المكان في تكوين ملامحه الإبداعية: “منذ طفولتي والأعمال الفنية تشدّني في بيتنا وبيت جدي، حيث البسط موزعة بطريقة عفوية، من مفردات بيئية كقنديل الكاز ومخمر الخبز والمكحلة ومزملة الماء بقاعدتها الخشبية المعتقة، وحتى أعمدة سقف البيت المرصوفة بلونها الذي يشبه وجوه الفلاحين المصبوغة من فعل الشمس بأخاديد حفرها الزمن كوجه جدي وجدتي، ويثير انتباهي في الطريق إلى المدرسة لوحات الإعلان وواجهات المحال التجارية والدكاكين، ولا أنسى اللوحات المرسومة على واجهات دور السينما، وكثيراً ما قلّدت عمي الذي يعمل في كتابة اليافطات القماشية حيث كنت أخربش وكانت أولى محاولات تلمس طريق الفن عندي”.

وأضاف العكل: “الفن يسكنني، ويقلقني البحث والتجريب، وقد دفعني للوصول إلى الجديد حين استفدت من تقنيات الطباعة واستخدام الأحبار وفق توليفة وتكوين للحروف العربية بألوان مختلفة ومتباينة، مع استخدام الرموز والاستفادة من توظيف التمائم والإشارات الغرافيكية في إنتاج لوحة غير تقليدية تحمل التوازن وتتضمن أدوار عناصرها، وفق إخراج وتوافق بنائي يطرب المتلقي ويبعث على الفرح والسعادة، كما أستفيد من التباين وصولاً إلى نبض يشدّ العين من خلال الألوان المتنوعة، كالأحمر والبني والأزرق والأصفر دون النفور منها، بحيث تبقى طازجة وحقيقية تحت نور الشمس التي أحتفي بها كأحد أبناء أسطورة عشتار وأنكيدو وجلجامش، كما أقيم حوارات مع أشخاص في لوحتي لا تنتهي قصصهم”.

أكسم طلاع