رأيصحيفة البعث

المقاومة الشعبية القبلية تتسع

فايز طربوش

شهدت منطقة الجزيرة السورية، دير الزور والحسكة والرقة وأريافها، غلياناً شعبياً متصاعداً ضد ميليشيا “قسد”العميلة للاحتلال الأمريكي، برز خلال السنوات الماضية عبر احتجاجات شعبية واسعة طالبت بطرد تلك الميليشيات من قراهم وبلداتهم، جراء الممارسات الإجرامية التي تقوم بها ضد المدنيين وسرقة النفط وخيرات المنطقة، تحت غطاء ودعم قوات الاحتلال الأمريكي، لكن تلك الاحتجاجات تحوّلت خلال الأيام الأخيرة إلى عمليات عسكرية خاطفة، بالأسلحة الرشاشة أو العبوات الناسفة، تستهدف دوريات ومقار الميليشيا الانفصالية، وخاصة في ريف دير الزور، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف الميليشيا وإعطاب آليات لهم، وخاصة بعد إقدام عناصر تابعة لتلك الميليشيات باغتيال أحد أبرز قادة قبائل العكيدات، الشيخ مطشر الحمود الهفل، إلى جانب شيوخ آخرين من قبيلة البكارة.

العمليات التي تستهدف “قسد”- والتي يمكن أن تكون بداية مقاومة مسلّحة شاملة تعمل على كنس الميليشيا الانفصالية والاحتلال الأمريكي والتركي من أرض الجزيرة الطاهرة- بدأت بعد إعلان شيوخ ووجهاء قبيلة العكيدات العربية، في 9 آب الماضي خلال ملتقى عقدوه في الخيمة العربية بمدينة دير الزور، “تشكيل “جيش العكيدات”، من كل العشائر العربية في سورية، كجناح عسكري مقاوم، والمباشرة فوراً بالعمل لتحقيق التحرير الشامل للأراضي السورية، بالتنسيق مع الجيش العربي السوري، والقضاء على الإرهاب بكل أشكاله ومطاردة العصابات المجرمة”، ودعا البيان كل من ارتبط بالمحتل وأعوانه من أبناء القبيلة والمنطقة العودة إلى حضن الوطن وإلا سيعتبر هدفاً مشروعاً للمقاومة، كما حال المحتل وأدواته ومرتزقته. فغداة تشكيل “جيش العكيدات” اندلعت اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة في العديد من بلدات ريف دير الزور بين أبناء العكيدات الشجعان وميليشيا “قسد”، أسفرت عن طرد عناصر الميلشيا الانفصالية من الطيانة وذيبان والحوايج والشحيل، واستعادة مواقع كانت تتخذها تلك الميليشيات مقراً لها على مدى السنوات الماضية.

ورغم إرسال قوات الاحتلال الأمريكي قوافل عسكرية محمّلة بالأسلحة والعتاد الثقيل والذخائر من العراق إلى شمالي مدينة الحسكة لتعزيز قوات “قسد”، وبدعم من النظام السعودي، فلم تستطع واشنطن تهدئة الأوضاع وإعادتها إلى ما كانت عليه، فقد تتالت عمليات المقاومة -والتي تستلهم بطولات جيشنا العظيم وخبرته في مقارعة الإرهاب العابر للحدود وداعميه- وكبّدت إرهابيي “قسد” خسائر في الأرواح والمعدات على امتداد جغرافيا الجزيرة السورية، حتى أضحت تلك الخسائر يومية، ما يؤكّد إصرار أبناء العشائر العربية- والذين قاتلوا الاحتلال الأمريكي في العراق وألحقوا به خسائر بشرية ومادية كبيرة وأجبروا قواته على الانسحاب مهزومين- على طرد المحتل وأعوانه، الذين يوقّعون معه اتفاقيات لنهب الثروات الطبيعية والاقتصادية، والتي هي ملك للشعب السوري كله، و”لا يحق لفئة منه التصرّف فيها، مثلما لا يحق لها التصرّف بالأرض أو عقد اتفاقيات بشأنها”- وعودة الجزيرة إلى سلطة الدولة الوطنية، ومنع أي عنوان لتقسيم سورية.

محاولات ما يسمى “التحالف الدولي” إحداث شرخ وخلق فتنة بين القبائل والعشائر العربية، من خلال استخدام “مشايخ الأزمة”- والذين اتخذوا موقفاً بعيداً عن مصلحة الوطن منذ بداية الأزمة وحاولوا سلخ جزء من الوطن الأم سورية تحت شعارات وطروحات مختلفة- وعقد اجتماعات بينهم وبين “قسد” ليظهروا أن العشائر العربية تدعمهم لن يكتب لها النجاح، فـ “ليس كل من ارتدى العباية والمحرمة والعقال هو شيخ، هؤلاء مأجورون ومغرّر بهم وأصحاب نفوس ضعيفة. الشيوخ الحقيقيون يقفون مع الوطن ومع الجيش العربي السوري حامي الأرض والعرض”، حسبما يؤكّد أبناء العشائر الحقيقيون.

عمليات المقاومة الفردية، المدعومة شعبياً وذلك عبر البيانات والوقفات الوطنية وتظاهرات الغضب، قد تتحوّل إلى “ثورة حقيقية” شاملة، وتطال مستقبلاً موظفي وخبراء شركة “دلتا كريسينت إينريجي” الأمريكية، الذين سيعملون في المنطقة إلى جانب “قسد” وقوات الاحتلال الأمريكي، ولن تحصد “قسد” وما يسمّى “الإدارة الذاتية” سوى الخذلان، فالإدارة الأمريكية، كما كل الإدارات المتعاقبة، لن تتحمّل أي خسائر في قواتها، وسرعان، كعادتها دوماً، ما تتخلّى عن أدواتها، وتتركهم يواجهون مصيرهم المحتوم.

الاحتلال الأمريكي- التركي إلى زوال، وسورية ستنتصر، ولن يرفرف فوق أرض الوطن إلا العلم الوطني السوري، وعلى المراهنين على المحتل أن يتعضوا مما لاقاه كل عملاء المحتل على امتداد دول العالم، وليس آخرهم جيش لحد في جنوب لبنان.