مجلة البعث الأسبوعية

مع العودة المدرسية.. كيف نتعامل مع المجهول وندير المرحلة المقبلة

يختلف العام الدراسي 2020 – 2021 عن أي عام دراسي قبله، وربما بعده، فلا ينحصر الأمر بتوتر اليوم الأول وحسب، أو التعرف إلى المعلمين، وإنما بإمكانية إغلاق المدرسة في أية لحظة؛ خوفاً من انتشار حالات فيروس كورونا. فكيف نتعامل مع هذا المجهول بحيث لا ينعكس الأمر سلباً على الطلاب المتحمسين والمتوجّسين في آن معاً، وكيف يمكن للوالدين التعامل بشكل أفضل مع حالة عدم اليقين بشأن إعادة فتح المدارس وشكل الحياة المدرسية؟ وكيف يمكننا تحسين سلوك أطفالنا؟ وكيف نتعامل مع مشاعرنا الداخلية دون أن تؤثر على عائلتنا؟

جميع هذه الأسئلة مشروعة ومُحقة، ولعلها تدور في ذهن كل الآباء، عن قيادة المرحلة المقبلة. وفيما يلي، بعض الأجوبة لكل هذه التساؤلات.

 

كيف تتتعامل مع العودة إلى المدارس

– حدِّد مشاعرك وقُلها بصوت عالٍ

تكمن مشكلة القلق الأبوي غير المراقب في أن أطفالنا يشعرون به. لا يعرف الأطفال غالباً كيفية المناورة بمشاعرهم المجردة من عدم اليقين والقلق، وليست لديهم الكلمات أو المفاهيم الخاصة بكيفية اكتشاف ما يشعرون به، لذلك تنتقل إليهم.

وغالباً ما يُترجم هذا القلق غير المنضبط عند الأطفال بالتصرفات السيئة أو بنوبات من الغضب أو الانهيارات أو بالانسحاب أو بالعزلة والاكتئاب.

يضيف مستوى كورونا مستوى آخر تماماً من عدم اليقين. من الصعب وضع الخطط وطمأنة أنفسنا وأطفالنا، والمضي قدماً في أفق مجهول الاحتمالات.

الخبر السار هو أن هذا الأمر سينتهي، وسوف تتحسن الأمور في النهاية، والأطفال يتطلعون إلى الأهل من أجل الراحة والأمان.

وأفضل طريقة للتعامل مع عدم اليقين هي تحديد المشاعر وقولها بصوت عالٍ، وهذا الوعي الأوَّلي يقطع شوطاً طويلاً، فلو قررت الحكومة إقفال المدارس وتطبيق العزل الاجتماعي فسيكون الأولاد في البيت، وهنا يجب إبقاء قنوات التواصل معهم مفتوحة لتحديد مشاعرهم ومخاوفهم.

– ركِّز على ما تسيطر عليه

احصل على الدعم من محيطك الاجتماعي، وتحدَّث إلى الآباء الآخرين الذين يمرون بالتجربة نفسها، حيث توفر القدرة على مشاركة تجربة صعبة مع الآخرين الراحة والسلام ومساحة آمنة للتخلص من القلق والخوف.

ركِّز على ما تسيطر عليه فعلاً في عالم خارج عن السيطرة في الوقت الحالي، وفكِّر في الأشياء الصغيرة التي يمكنك التحكم فيها مثل كمية الماء التي تشربها يومياً، وتناول الطعام بانتظام، والحصول على قسط كافٍ من النوم.

ويمكن تجربة النفَس العميق المربع، وهو يعني الشهيق لعدد محدد من الثواني ثم حبس النفس للعدد نفسه من الثواني، ثم الزفير بالعدد نفسه، وإعادة الكَرة بعدد الثواني.

ولا تنسَ أن تضم الأولاد وشريكك، فالاحتضان الطويل لمدة 10 ثوانٍ يطلق هرمون الأندروفين أو هورمون السعادة.

 

– تحضَّر للمجهول عبر وضع خطة

خذ استراحة من الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي؛ لمنح دماغك راحة كافية، فإيجاد وقت للمرح والاسترخاء، حتى لمدة 5 دقائق فقط، كفيل بالتهدئة.

كما يساعد النفَس العميق البطيء واسترخاء الكتفين، عدة مرات في اليوم، في توفير مزيد من الطاقة والصبر في نهاية يوم صعب. وتذكَّر دائماً أن الوالدين يحددان النغمة العاطفية في المنزل.

 

– تذكَّر: لا يمكنك التحكم فيما يفعله الآخرون

اعتنِ بنفسك، قد يكون من الصعب الحصول على وقت خاص بك، وتحديداً لمن يعملون في المنزل ولديهم أطفال أصغر من أن يذهبوا إلى المدرسة.

لكن من الضروري إعطاء الأولوية للقيام بما لا يقل عن نشاطين أو ثلاثة في الأسبوع، تكون مجزية لك وتعطيك إحساساً بالبهجة أو السلام.

يجب أﻻ تكون الرعاية الذاتية مجرد أخذ حمام أو ممارسة الرياضة، يمكن أن تتضمن الرعاية الذاتية أشياء صغيرة مثل مشاهدة برنامجك المفضل أو تناول مشروبك المفضل.

 

– تحديد مصادر الأخبار

من المهم توخّي الحذر بشأن الرسائل والأخبار التي تتلقاها، وعليك أن تحدِّد بعض المصادر التي تجدها موثوقة للتحديثات المتعلقة بالوباء وسلامة الأطفال.

يمكن أن تكون قراءة الآراء المختلفة باستمرار في جميع وسائل التواصل الاجتماعي مربكة، لذا فإن الحد من كمية المعلومات التي تتلقاها يساعد في إدارة انزعاجك وتحويل تركيزك إلى أشياء أخرى.

 

– كن منفتحاً إلى حد ما مع أطفالك

يعاني معظم الآباء أيضاً من العمل من المنزل، والتوازن بين العمل والحياة الشخصية والمنزل الفوضوي والمخاوف الصحية والمزيد.

ناقِش الأمر وأظهِر لأطفالك كيف تتعامل مع عدم اليقين، واترك الأخبار بعيداً، فوميض أرقام إصابات فيروس كورونا على شاشة التلفزيون أو في مقال، لن يقلل من عدم اليقين ويذكّر الأطفال فقط بالموقف.

أخبِر أطفالك بأن وجود أمور مجهولة أمر طبيعي، ولكن الجميع يعملون بجدٍّ لتجاوز هذا الوقت.

 

– فكِّر في الأمر كفرصة جيدة للتقبُّل

تعد أزمة كورونا وقتاً مناسباً لنكون شفافين إلى حد ما مع أطفالنا؛ لكوننا لا نعرف مآل الأمور بالضبط. لكن لدينا ما يكفي من المعلومات لنكون مرتاحين لاتخاذ الخطوات إلى الأمام.

لا يزال بإمكاننا وضع حدود مناسبة حول المجهول، بالقول: “على الرغم من أننا لا نعرف بالضبط أين سنكون بعد عدة أشهر، فإنني سأعتني بكم. سنغير الخطة عندما نحتاج ذلك، لا تقلقوا”.

هذه هي الرسالة الصحية التي يجب أن يسمعها الأطفال ليطمئنوا وتسيطر على مشاعرك بينما تقود المرحلة المقبلة، وسط تساؤلات لا نهاية لها.