اقتصادصحيفة البعث

الوزير الفلاح!؟

قسيم دحدل

كالطبيب الذي يحترم نفسه أولاً، ورسالته التي أقسم على ترجمتها وتطبيقها ثانياً، ومسؤوليته المؤتمن بموجبها على الصحة العامة لوطنه وناسه ثالثاً، والقدرة على تشخيص العلة وتقديم الوصفة الصحيحة والدقيقة للمعلول رابعاً، وخامساً – والأهم – تحديده لأُسّ الداء ووصف الدواء.. هذا أول ما نستشفه من أداء معالي وزير الزراعة المهندس حسان قطنا، خلال المدة القصيرة نسبياً لتوليه دفة إدارة قطاعنا الزراعي، حيث جمع الخمسة مشكلاً “القبضة” التي نرجو أن يتجاوز فعلها صوت وقعها على طاولة إنهاء معاناة قطاع أمننا الغذائي والاقتصادي وحتى السياسي.

ليس إطراءً ولا مديحاً، بقدر ما هو إنصاف أمام المؤشرات الأولية لما يقوم به الرجل، الذي لم نلتقِه سابقاً ولا حالياً، ونأمل أن يتاح لنا ذلك قريباً، وخاصة بعد مروحة من اللقاءات الزراعية المهمة التي أجراها في أكثر من محور، ومع أكثر من جهة تابعة لوزارته.

لقد أثار الوزير، خلال تلك اللقاءات التقويمية والتوجيهية، سلبيات الأداء الزراعي، كاشفاً مكامن الخلل: الإدارية والفنية والعلمية والإجرائية والمالية، مستنداً إلى النتائج معياراً، بعين الخبير، وهذا غير مستغرب على من كان مستشاراً، وجاء اليوم والمقام اللذان مكنّاه من تَظْهير أمر غاية في الخطورة – بقصد أو دون قصد – وهو أن المنصب الاستشاري لم يكن يعطي تلك الأهمية والضرورة التي يجب أن يعتدّ بهما، عند دراسة ومناقشة سياساتنا وتشريعاتنا وقراراتنا الزراعية!

ولعل أسطع دليل على ما سبق النتائج المخيّبة لزراعتنا رغم الدعم الكبير الذي قُدِّم لهذا القطاع!

فبدءاً من إفساح معاليه للكفاءات المغيّبة والمهمّشة بفعل فاعل، المجال والمساحة لطرح رؤاها ومبادراتها وحلولها العلمية والعملية، الكفيلة بإنهاء مشكلاتنا الزراعية، وبالتالي النهوض بكل ما يخدم قطاعنا الزراعي بشقيه، مروراً بانتقاداته وتعريته الصريحة لفشل وتقصير وعدم فعالية وجدية العديد من الإدارات المكلفة إدارة ملفاتنا الزراعية (مثلاً، انتقاده لعمل مشاريع التنمية الريفية، ومركز السياسات الزراعية)، بشكل ومضمون صحيحين فاعلين يمكنان زراعتنا من مفاتيح نجاحها وتطويرها وتنميتها التنمية التي انتظرناها طويلاً، لكن للأسف الشديد دون جدوى، وها نحن ندفع الثمن غالياً..! وليس انتهاءً بإعلانه عن استقباله لكل من يرى في نفسه جدارة الإرادة، لتولي إدارة جبهات العمل الزراعي، ومنها مثلاً لا حصراً إدارة صندوق الكوارث الطبيعية والجفاف..

بدءاً وانتهاء.. يثبتان أننا أمام وزير متصالح وواثق من نفسه، وأكثر من ذلك يعرف ماذا يريد وكيف.. وفوق هذا يستطيع تحديد ما يصلح وتحييد ما لا يصلح.. وهذه بداية نحو توفير الأرض الطيبة لغرس النبتة الأنسب في التربة المناسبة.

خبرة أجدادنا من الفلح ها هو يستثمرها، عبر تطبيق المُجَرّب من السليم والمفيد، حيث فلاحة الأرض مثنى وثلاث كفيلة بتهويتها وتخليصها من كل شائبة وطفيليات، طالما كانت مرتعاً خصباً لـ”زيوان” برّنا..!

وعوداً على بدء، نلفت عناية وزير الزراعة، إلى ضرورة إلزام المريض بوصفة الطبيب، إذْ لم يعد مقبولاً أبداً ترك حرية القرار للمريض بأخذ الدواء أو عدم أخذه.. هذا إن كنّا فعلاً لا قولاً نريد حقولاً وبيادر.. الأصل فيها فلاحنا.

qassim1965@gmail.com