دراساتصحيفة البعث

وحشية أوروبا مع المهاجرين!

ترجمة: هناء شروف

عن الأوبزرفر

تواجه أوروبا أعداداً متزايدة من المهاجرين غير الشرعيين، وهذه الأرقام تؤثر على أصوات الناخبين، لذلك فإن الحاجة باتت ملحّة لنظام رقابة أكثر فعالية، وهنا الفاعلية لا تعني الممارسة غير الإنسانية.

مثلاً في بريطانيا أصبحت أعداد المهاجرين المتزايدة تشكّل هاجساً لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. فقد عبر الحدود أكثر من 5 آلاف مهاجر حتى نهاية شهر آب هذا العام، مقابل 1890 خلال العام الماضي كاملاً، لذلك بدأت الحكومة تفكر في فتح مراكز لدراسة حالات طالبي اللجوء في جزر بعيدة مثل سانت هلينا، أو في سفن غير مستعملة في عرض البحر، أو إرسالهم إلى مولدوفا أو المغرب أو بابوا نيو غينيا، ثم راجت أخبار مفادها أن الحكومة تتفاوض مع البحرية من أجل بناء جدران عائمة في بحر المانش وسط واحدة من أكثر المسارات البحرية نشاطاً في العالم.

هذه الأفكار متهورة وسخيفة وخاطئة وعلينا التعامل بإنسانية أكثر مع المهاجرين، وهذه ليست المرة الأولى التي تفكّر فيها حكومة المحافظين بفتح مراكز بعيدة في عرض البحر، إذ سبق أن نظرت فيها حكومة طوني بلير العمالية في عام 2000 حتى لا يفلت المهاجرون من المراكز ويندمجوا في المجتمع البريطاني.

تتعامل وزيرة الداخلية بريتي باتيل مع قضية الهجرة بقسوة، فهي أكثر وزراء الداخلية تشدداً مع طالبي اللجوء منذ عقود، وهي تفتخر بهذا التشدّد والقسوة، فكل همّها هو أن تبعد طالبي اللجوء مهما كانت الوسائل، وتحرص على أن تتصدّر عناوين الأخبار أكثر من حرصها على حلّ مشكلات وزارتها.

ونسيت الوزيرة أن بريطانيا وقّعت على اتفاقية جنيف للاجئين التي تفرض على الدول منح لجوء لمن يخشون على أنفسهم من خطر حقيقي يهدّد حياتهم، لذلك يتوجّب على حكومتها معالجة ملفات المهاجرين على التراب البريطاني حيث الحقوق محترمة، وعليها أن تنسق مع فرنسا وبلجيكا وهولندا لمحاربة عصابات تهريب المهاجرين، علماً أن بريطانيا تواجه أعداداً أقل من المهاجرين مقارنة بغيرها من الدول الأوروبية.

لقد أصبحت الوحشية ضد المهاجرين طبيعية على حدود الاتحاد الأوروبي، إذ أدى اتفاق عام 2016 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا وإغلاق طريق غرب البلقان إلى الحدّ من التدفق الهائل للاجئين نحو أوروبا، لكن القصة لم تنتهِ عند هذا الحدّ، فقد قامت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باستعادة السيطرة على حدودها من خلال استخدام القوة العنيفة وانتهاك القوانين الدولية، حتى أصبحت أجهزة مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد خليطاً من الأساليب غير النظامية، مثل المطاردة والضرب والتعذيب والطرد.

بحلول عام 2016 كانت المجر قد وضعت بالفعل نظاماً لمناطق العبور يعمل خارج نطاق قانون الاتحاد الأوروبي، يتمّ فيه تعقب المهاجرين وطالبي اللجوء، وإعادتهم إلى المناطق المحدّدة وحرمانهم من الطعام، وفي كثير من الحالات يطردون دون إجراءات قانونية. كذلك في كرواتيا وثقت عمليات ارتكاب أعمال عنف منظم وعمليات صدّ من جانب شرطة الحدود الكرواتية، وقد جرى فتح تحقيق في الأمر في شهر آذار 2019، بعد شكوى من داخل شرطة الحدود حول أوامر من الرؤساء بتنفيذ أعمال غير قانونية.

وفي إيطاليا، شدّدت السلطات الإيطالية والمالطية في البحر الأبيض المتوسط على استخدام قواعد القانون البحري الدولي، لدرجة أنها تجنّد أساطيل السفن الخاصة للمشاركة في جهود الحدّ من الهجرة عبر وسط البحر المتوسط. وتعرّضت اليونان هذا العام لانتقادات شديدة بسبب قيامها بعمليات طرد غير نظامية لآلاف المهاجرين من حدودها الإقليمية والبحرية إلى تركيا.