دراساتصحيفة البعث

آن الأوان لرفض سياسة التدخل العسكري الأمريكي

ترجمة: علاء العطار

عن موقع “ذي أميريكان كونزيرفاتيف

تمنت إدارة ترامب أن يؤدي اغتيالها للجنرال الإيراني قاسم سليماني في العراق في كانون الثاني الماضي إلى ردع إيران، بحسب ما قال وزير الخارجية مايك بومبيو آنذاك، ولم يكن يقصد جينها ردع الهجمات الإيرانية المباشرة على الولايات المتحدة، فهذا أمر سخيف نظراً للمسافة المادية الشاسعة التي تفصل بين البلدين، ناهيك عن أسباب أخرى لا متسع لذكرها، بل كان بومبيو يفكر في علاقات إيران مع دول المنطقة.

لم تنفع هذه الخطة، بل دفعنا اغتيال سليماني إلى حافة الحرب، وجعل العلاقات الأمريكية الإيرانية أسوأ مما كانت عليه منذ عقود.

في الواقع، إن هجمات المقاومة العراقية الأخيرة قد تجبر الولايات المتحدة على إغلاق سفارتها في بغداد، ربما تعد الإدارة الأمريكية ذلك تهديداً، لكنه تهديد فارغ نظراً لتكلفة المنشأة وعدم اهتمام الإدارة بإنهاء هذه الحرب، لكن ذكر ذلك مثله كمثل أي اقتراح بانسحاب القوات الأمريكية من العراق، جعجعة دون طحين، فهي تخشى التنازل عن نفوذها، إذ قال مسؤول أمريكي سابق لصحيفة وول ستريت جورنال في هذا الصدد: “سنقدم للإيرانيين أكثر مما حلموا به، وهذا هو هدفهم الاستراتيجي الرئيسي: إخراجنا من العراق”!.

إن أسلوب التفكير هذا – بأن علينا البقاء في العراق لمواجهة إيران (أو “مراقبتها”، على حد تعبير ترامب) – ساذج وضار، فهو يسيء فهم ثلاثة أمور:

الأول، هو فكرة إمكانية استئصال النفوذ الإيراني في العراق وأماكن أخرى في المنطقة بالوسائل العسكرية أو عبر حملة “الضغط الأقصى” التي تقودها إدارة ترامب، فإيران هي جارة العراق ولها روابط عميقة مع العراق، ولا تستطيع سياسة الولايات المتحدة الخارجية قطع هذه الروابط.

الافتراض الخاطئ الثاني، الذي يدعم القضية المركزية حول بقاء إيران في العراق، هو أن طهران تريد تحرير العراق من الأمريكيين بأقل ثمن ممكن، فاستقرار العراق يصب في مصلحة إيران – تذكر، مثلاً، أن إيران كانت الدولة الأولى التي وعدت بمساعدة العراق في محاربة تنظيم “داعش”، ويعتقد أن تلك المساعدة تشمل الضربات الجوية والدعم البري للجيش العراقي.

أخيراً: إن رغبة إيران في إخراج الولايات المتحدة من العراق لا ينبغي أن تكون العامل الحاسم لواشنطن، فمغادرة العراق بعد 17 عاماً من الحرب هو الخيار الضروري والحكيم أمام الولايات المتحدة – وأن يكون لإيران الهدف نفسه لا يخرج عن سياق هذه الحقيقة، ورأي إيران لا يُغير شيئاً في سجل هذه الحرب المليئة بالفشل والفوضى، ولا في تكلفتها الباهظة في الدماء والأموال، ولا في كره الشعب الأمريكي لها، بل إن تحسين العلاقات مع إيران يمكن أن يكون مفيداً للانسحاب من العراق، وسيدل على أن الولايات المتحدة  لا تريد حرباً أخرى لـ “تغيير النظام” في طهران، بعد أن تعلمت الدرس في بغداد.

آن الأوان لرفض سياسة التدخل العسكري التي لا نهاية لها والتي دامت لعقدين من الزمن، ويمكن للقادة في واشنطن أن يبدؤوا بإدراك أن النفوذ الإيراني في العراق ليس تهديداً متأصلاً للولايات المتحدة، وهو بالتأكيد ليس ذريعة لسنوات أخرى من الحرب.