دراساتصحيفة البعث

مغالطات التفكير الأمريكي تجاه الصين

عناية ناصر

خلال العام الماضي، شهدت المناقشات السياسيّة الأمريكية تغييراً جذرياً في التفكير فيما يتعلق بالصين، ويعزو البعض ذلك إلى دونالد ترامب الذي جاء من خارج الوسط السياسي ونصب عينيه إجراء تغييرات في سياسة أمريكا. لكن ترامب ليس المسؤول عن ذلك وحده، فهناك قناعة بين النخب السياسية الأمريكية بأن الوقت قد حان للتعامل مع تهديد “مزعوم” من الصين، والذي من المحتمل أن يقوّض الدور المهيمن للولايات المتحدة باعتبارها من يصنع القواعد الدولية.

لن ينتهي الأمر هنا، لأنه بالنظر إلى القوة الاقتصادية والعسكرية المتنامية للصين، فإن مثل هذه السياسة يمكن أن تؤدي إلى صراع عسكري، لذا فإن السؤال الذي يجب طرحه هو: لماذا لا تعتبر الولايات المتحدة الصين كشريك محتمل، وليس خصماً؟.

قد يكون الاعتراض الأول، هو  الخوف الذي يهيمن على السياسة الأمريكية من أن الصين تتفوّق في العديد من مجالات العلوم والتكنولوجيا، وهو ما سيعزّز القدرات العسكرية للصين. حقيقة، لا تريد الصين الشروع في سياسة التوسّع، على النقيض من مغالطة أخرى يروّج لها الأمريكيون، فالخلافات التي تحدث في بحر الصين الجنوبي هي في الحقيقة مسألة خلافات حدودية لم تحلّ بين دول المنطقة، وسيتطلب حلّ هذه المشكلات بعض الدبلوماسية الماهرة بين أطراف النزاع، لكن دور الولايات المتحدة هو المؤجّج لتلك الخلافات حين بدأت في الانحياز إلى جانب دون آخر في هذا النزاع، الأمر الذي سيخلق المزيد من العداء بين واشنطن وبكين.

يُضاف إلى ما ذُكر، ويبدو هو الأهم، أن الولايات المتحدة قلقة من فشلها في الحفاظ على الطليعة تكنولوجياً، وقد سبقتها إليها الصين بأشواط، لذلك فإن سياسة فرض شكل من أشكال “الفصل العنصري التكنولوجي” على الصناعة الصينية ستكون إستراتيجية خاسرة، لأنه بوجود 1.4 مليار شخص والتزام وطني بالتقدم التكنولوجي، سوف يتمّ التغلب بسرعة على هذه الحواجز التعسفية. لهذا من المفيد للولايات المتحدة أن تبتعد عن وضع عراقيل أمام المنافسين لها، ومن أهمهم الصين، وأن تعود إلى الالتزام بالحفاظ على البراعة التكنولوجية من خلال الاستثمار في العلوم، وفي نظامها المدرسي المتداعي.

الشيء الوحيد الذي يمكن للمرء أن يقوله حقاً عن مخاوف النخب السياسية الأمريكية التي تبحث في صراع محتمل مع الصين هو: إن هذا الخوف شيء عبّرت عنه شخصيات كرتونية شهيرة منذ سنوات عديدة!.