مجلة البعث الأسبوعية

المؤتمر السنوي لاتحاد كرة القدم.. هدر للمال والوقت وابتعاد عن الغاية والهدف

“البعث الأسبوعية” ــ ناصر النجار

عُقد المؤتمر السنوي لاتحاد كرة القدم يوم السبت الماضي في قاعة المحاضرات في مبنى الاتحاد بمدينة الفيحاء.. المؤتمر بشكله العام كان روتينياً كلاسيكياً لا يقدم ولا يؤخر، وإقامته جاءت من باب تنفيذ البرامج الموضوعة مسبقاً من القيادة الرياضية، حيث حافظ على شكله التقليدي من خلال برنامج عمله، والاستماع إلى الطروحات، والإجابة على التساؤلات، دون أن يتمخض عنه شيء، لأن تفاصيل النشاط الكروي جاهزة، والبرامج معدة سلفاً، وكل شيء على ما يرام، فماذا سيغيّر هذا المؤتمر؟

بداية، أتى انعقاد المؤتمر في موعده غير المناسب، لأنه جاء بعد بدء الموسم الكروي الجديد، فدوري شباب الممتاز انطلق، ومباراة السوبر أقيمت، والدوري الممتاز أعلن صافرة البداية، فيما المفترض أن ينعقد المؤتمر قبل فترة كافية من انطلاق الموسم حتى يتمكن اتحاد اللعبة من تنفيذ توصيات المؤتمر واقتراحات الأعضاء، لذلك فإن أي شيء سيتمخض عنه المؤتمر سيكون طي الأوراق والمكاتب، وسيطوله النسيان، أو ربما الإهمال، لأنه جاء بغير موعده!

نصف فقرات المؤتمر جاءت على شكل استعراض عضلات، من خلال الحديث عمّا تم إنجازه خلال الموسم الماضي وسط صعوبات جمة بعد تفشي وباء كورونا. وإن كان هناك تقصير بشيء ما، فالمتهم كورونا، لذلك سيلصق كل خلل وتقصير بظهره، وتقيد كل القضايا الشائكة ضد مجهول.

وهناك الشأن المالي، وتدقيق الحسابات، وهو أمر روتيني بحت خارج الاهتمام والمساءلة، لأنهم عودونا على عدم التدخل في هذه المسائل المالية بوجود جهات رقابية، وتناول أية قضية مالية في المؤتمرات – ولو كانت صغيرة – يعتبر من المحرمات، وهو خط أحمر!

 

المفهوم الخاطئ

المؤتمر الخاص بأية لعبة هو السلطة التشريعية لها، أي أن مقرراته ملزمة وواجبة التطبيق، وأي تعديل فيها أو تغيير يحتاج إلى مؤتمر، لكننا اعتدنا أن نسحب هذه الصلاحية من المؤتمرات، وأن ننفذ ما نريده، فنشطب ما لا يعجبنا بجرة قلم، ونمرر ما هو بمصلحتنا بكتاب أو تعميم دون الرجوع إلى المشرع.

ورغم أن من أهم صلاحيات المؤتمر منح الشرعية للاتحاد، أو حجب الثقة عنه، إلا أن هذا الأمر غير وارد، ولا يطبق، ولن يطبق، وهو من الخطوط الحمراء أيضاً.

لكن المؤتمر قادر على منح الشرعية لكل المقررات السابقة واللاحقة، عبر رفع الأيدي بالموافقة، وهكذا يتم صوغ كل شيء تجنباً لأية مساءلة قانونية. ومن هنا، نجد أن كل المراجعات والمقترحات تغيب لأننا اعتدنا أن القائمين على العمل هم القادرون على القيادة وإصدار القرارات، وأعضاء المؤتمر مهمتهم الموافقة.. ولا شيء غير ذلك.

ومثالنا الحاضر موجود هذا الموسم، فاتحاد كرة القدم أعدّ كل شيء: شكل المسابقات ومواعيدها وأسلوب تنفيذها! بل وانطلق بعضها، والكلام نفسه ينطبق على بقية اللوائح التي تخص الانضباط والعقوبات، أو التي تعنى بشؤون اللاعبين، فماذا سيعمل أعضاء المؤتمر سوى الموافقة؟

وإذا تجرأ أحدهم، وطرح رأياً أو مقترحاً نال من خلاله موافقة الأغلبية (وهذا أمر مستحيل لأنه مستبعد الحدوث)، فإننا سنكون أمام مشكلة كبيرة قد تؤجل الموسم كله.

 

شوائب عديدة

وإذا كانت الضرورات تبيح إجراء تعديلات جوهرية على شكل المسابقات لأسباب تتعلق بضغط النفقات والصرفيات، في ظل فقر مدقع تعيشه أندية الظل، فإن هذا الأمر لا ينطبق على لوائح الانضباط والعقوبات التي يجب أن تدرس بعناية، وأن تتماشى مع اللوائح الدولية، مع بعض التعديلات الضرورية التي تواكب ظروفنا وأحوالنا. لكننا نجد أن كل بنود هذه اللوائح إما لا تطبق، أو هي مطاطة من أجل التلاعب بالعقوبة أو الهروب منها؛ وللأسف فإن العقوبات الصادرة ليست مرتبطة بالبنود، إنما هي متعلقة بالشخص والنادي حسب هيمنة هؤلاء على مصنع القرار، لذلك فإن المدعومين والمتنفذين ينالون العقوبات الأخف، وغيرهم ينال أشد العقوبات على حالة مطابقة، ولا تستوجب التأويل والتفسير.

وعلى سبيل المثال، عوقب مدرب بالتوقيف سنة لأنه اعترض على حكم ظلم فريقه بركلة جزاء غير صحيحة، وغيره من مدربين ومدراء فرق وإداريين فعلوا الشيء ذاته فجاءت عقوبتهم خفيفة ومنطقية.

في الموسم الماضي والمواسم السابقة، تكررت حالة الانسحاب من المباريات لأسباب عديدة. وفي كل الحالات هذه، لم يطبق اتحاد كرة القدم ما تقرره بنود اللائحة، وهي شطب نتائج النادي وهبوطه إلى الدرجة الأدنى، وفي حال التكرار شطب النادي كله، وأمام هذه الحالة يكتفي اتحاد كرة القدم بخسارة الفريق المنسحب لأنه غير مخول بقرار الهبوط أو الشطب، وهو من اختصاص القيادة الرياضية، فالمفترض ومن أجل حفظ ماء الوجه تعديل بنود هذه الفقرة بما يتناسب والصلاحيات الممنوحة لاتحاد كرة القدم.

ونود الإشارة هنا إلى أن لجنة المسابقات لم تستطع تمرير تعديلاتها على دوري الدرجة الأولى، رغم إعلانها عن هذه التعديلات بمؤتمر صحفي رسمي، ولم تستطع تمرير روزنامة النشاط الكروي، فنسف اتحاد كرة القدم كل التعديلات، وغيّر بعض المواعيد، وهذا يقودنا إلى أمرين اثنين، فإما أن تكون لجنة المسابقات قاصرة عن اتخاذ القرار الصحيح، وإما أن اتحاد كرة القدم يمارس هيمنته على كل القرارات، أو لنقل هيمنة من لهم تأثير على أصحاب القرار. وإذا كانت لجنة المسابقات لا تستطيع تمرير رؤيتها الفنية على شكل المسابقات وإجراء تعديلات وجدتها ضرورية، فكيف لأعضاء المؤتمر أن يمرروا رؤيتهم أو مقترحاتهم؟

 

أين الخلل؟

حتى الآن لم نصل في المؤتمرات إلى الغاية التي من أجلها أقيمت، فالعيب ليس بالمؤتمرات، فهي مهمة وضرورية، إنما العيب بمن يحضرها، ومن يلغي دورها الحقيقي. لذلك نجد أن الحل يكمن في شيئين اثنين: إما أن تلغى هذه المؤتمرات السنوية التي لا طائل منها ولا نجني منها إلا المزيد من الهدر والنفقات والصرفيات، أو أن تعاد لهذه المؤتمرات هيبتها فتقام وسط الأصول والغاية التي من أجلها وضعت، وأن يمارس أعضاء المؤتمر حقهم الكامل في الرأي والمقترح والنقد الإيجابي البناء بما يصب بمصلحة تطوير اللعبة.. بعيداً عن المصالح الآنية.