ثقافةصحيفة البعث

الجوائز الأدبية: مؤشر لخلق بيئة ثقافية إبداعية معافاة

لطالما عوّدتنا الندوة الشهرية “مكاشفات” التي يقيمها فرع دمشق لاتحاد الكتّاب العرب على طرح مسائل مهمة جداً لواقعنا، سواء الاجتماعي أو الاقتصادي وغيره، وملتقى هذا الشهر اختص بالمجال الثقافي، وحمل عنوان “الجوائز الأدبية.. كواليس وأسرار”، وأدارت الندوة الأديبة سمر تغلبي.

الجوائز الأدبية

الكتابة هي فعل إنساني أرقى في حياة الكائن البشري، وقد قدّر لهذا الكائن أن يحفظ ما كتبه منذ بدء اكتشافه، وعن الجوائز وأهميتها تحدث د. ثائر زين الدين: لم تكن الثقافة العربية تعرف غير عدد محدود من الجوائز التي يتنافس عليها المبدعون العرب، وقد عرف المشهد الثقافي السوري عدداً غير قليل من الجوائز الأدبية المهمة قبل أن تندلع الحرب عليها، وبعد أن استجمعت البلاد أنفاسها عادت فأطلقت جائزتي الدولة التشجيعية والتقديرية، وأسند تنفيذهما لوزارة الثقافة بمرسوم عام 2012، تمنحان على مجمل نتاج المبدع في الأدب والفن، ثم قامت وزارة الثقافة- الهيئة العامة السورية للكتاب بإعادة إطلاق جائزتي حنا مينه للرواية العربية، وسامي الدروبي للترجمة عام 2017، بعد أن توقفتا ما لا يقل عن تسع سنوات، لتحدث بعد ذلك جائزتي القصة القصيرة واللوحة التشكيلية الموجهتين إلى الطفل، ولتعزز حضور جائزة عمر أبي ريشة للقصيدة العربية، بنقلها من مستوى محافظة واحدة إلى فضاء البلاد الواسع، وهي جائزة قدمها في دوراتها السبع الماضية الأستاذ كنانة الشهابي، وتتابع اليوم أسرته تقديم الجائزة في دورتها العاشرة بعد رحيله، وأضاف: هذه الجوائز وغيرها مما تقدمه وزارة الثقافة، وفي أشد الأوقات صعوبة، إنما تمثّل مؤشراً دالاً على حراك ثقافي يسهم في خلق بيئة ثقافية إبداعية معافاة، وتقديم أصوات جديدة للساحة الأدبية، وأن تبعث الروح في كتاب أو نص كان من شأنه أن يظل حبيس الأدراج المظلمة والرفوف المغطاة بالغبار، وأن تطلق صوتاً فريداً كان ضائعاً في ازدحام الأصوات المتشابهة، وفي المطاف الأخير تساعد المبدع مالياً أيضاً ولو لبضعة أشهر في حياته.

وعن أهمية هذه الجوائز الأدبية التي تقدمها وزارة الثقافة أجاب مدير الهيئة العامة للكتاب: هذه الجوائز تتحلى بالمصداقية، وبمعايير جمالية، في الموضع الأول توضع جماليات الكتاب ومعايير أخرى، ثم تعرض على لجنة التحكيم التي تقوم بعملها، وفي حال اختارت النص المناسب نقوم نحن بطبعه وبتسليم الفائز الجائزة، ثم تشتري هيئة الكتاب من صاحبه المنتج الفائز، وفي الواقع إن مسألة التقييم الأدبي التي تتم في الجوائز هي ذاتها على درجة كبيرة من التعقيد والصعوبة، وتحتاج إلى تضافر عاملين مهمين: الذائقة الفنية العالية، والمعرفة العلمية الرصينة بدقائق هذا الجنس الأدبي.

جوائز خجولة

شارك د. حسين جمعة في تحكيم العديد من الجوائز على المستوى المحلي والعربي، وبدوره قال عن هذا الموضوع: عدد الجوائز في سورية خجول جداً بالقياس إلى غيرها من الدول العربية، وأستطيع القول: إن هناك فرقاً بين الجوائز الممنوحة محلياً ودولياً بالنسبة للمبالغ الممنوحة للجوائز المحلية، وعندما تصدر نتائج جائزتي الدولة التشجيعية والتقديرية، يبدأ اللغط وتنهال الاتصالات، وكنا دائماً نعزف عن الإجابة المطروحة بخصوص هذه الجوائز لنحافظ على الخصوصية الذاتية للجائزة، ولم تصل الجائزة التقديرية التي تشرف عليها وزارة الثقافة ضمن المعايير والنظام إلا إلى مستحقيها، وأضاف: في الواقع لقد تقدمت بالعديد من الاقتراحات بهذا الشأن ومنها: لماذا لا نفصل الجوائز عن بعضها، ويصبح لكل جنس أدبي جائزة خاصة به، وأقترح على وزارة الثقافة أن تطلق عدداً من الجوائز الجديدة، أيضاً، لماذا لا تحدث جائزة مثل كتارا التي تصل قيمتها إلى 800 ألف دولار، ولماذا لا تحدث جائزة للإعلام، وفي الحقيقة يجب أن يوجد مجلس أعلى يحدث جوائز في اتحاد الكتّاب العرب.

تقصير وزارة الإعلام

وانطلق الإعلامي ديب علي حسن من مجموعة قناعات تحدث بها عن الجوائز بالقول: كل كاتب في سورية يستحق أن يمنح جائزة، وقد شغفت بمتابعة الجوائز عندما كانت تصل مجلات الوطن العربي الممنوعة إلى سورية، ومنحت جائزة نوبل لنجيب محفوظ، وفي الحقيقة الجوائز تُحدَث وتمنح لمن لا يستحقها، وأنا أرى أن التقصير في الجوائز كبير جداً، لاسيما من قبل وزارة الإعلام، ونحن كإعلاميين “آخر هم الوزارة واتحاد الصحفيين على الإطلاق”، ويجب أن نحتفي بالجوائز الأدبية والثقافية أكثر، لقد أنشأ اتحاد الكتّاب العرب جائزة الرواية لدورة واحدة، وأوقفت هذه الجائزة دون معرفة الأسباب.

في الواقع، لا يوجد إعلام ثقافي في سورية، واليوم ليس لدى الكاتب السوري أي منبر للكتابة في الصحف، فكلها تحولت الكترونية، وبالتالي الجوائز كلها مالية قبل أن تكون إبداعية، وهي للشهرة والترويج، وكل من ينال الجائزة يسوّق له مبلغ من المال وحياة رغيدة.

جُمان بركات