تحقيقاتصحيفة البعث

في مواجهة الكوارث.. مطالبات بتنفيذ خطط الدعم واستثمار الإمكانيات المتوفرة!

هزّت حرائق المحافظات السورية وجدان الشارع السوري لما حملته من أثر معنوي في قلوب الناس، حيث اعتبرت كارثة اقتصادية وبيئية واجتماعية، وجاء اهتمام الحكومة ليتدارك الأعباء التي أثقلت كاهل الفلاح، حيث فقد معظم زراعته الموسمية والاستراتيجية التي يعوّل عليها في معيشته.

تثير هذه الحرائق تساؤلات كثيرة حول حماية الأحراج والطبيعة، وكيفية تداركها في المستقبل في حال نشوبها، خاصة أنها كشفت عن سلبيات كثيرة حول إخماد الحرائق والتعامل معها، رغم الجهد المبذول الذي قدم أثناء نشوبها، ويبدو أن هناك أسباباً تتعلق بطبيعة تلك المناطق وخصوصيتها، ما يجعلها بحاجة إلى عقلية جديدة وأساليب أكثر مرونة للتعامل معها.

مواسم الحصاد
كشفت مجريات الأحداث خلال فترة الحريق عن خلل في إدارة حرائق الحراج في جميع المحافظات، وعدم كفاية فرق الإطفاء الحراجية، ليبيّن مدير الإطفاء وإدارة الكوارث في وزارة الإدارة المحلية سعود الرملية عدم الاستفادة من الإمكانيات المتوفرة وزجها في الوقت المناسب، ما ساهم في توسع وانتشار الحرائق، وعدم اتخاذ احتياطات احترازية مسبقة، بالرغم من معرفة موعد الحرائق والتنبؤ بارتفاع درجات الحرارة، مثل نشر مراكز إطفاء مؤقتة كالإجراءات التي تتخذها وزارة الإدارة المحلية في مواسم الحصاد على سبيل المثال، وعدم رفع مستوى الاستكمال، وإيقاف الإجازات لعمال الحراج، ومن المشكلات التي تواجه عمل الإطفاء عدم تحديد المسؤوليات بدقة لرؤساء القطاعات، وعدم التدريب المسبق وتواجدهم مع عناصرهم في موقع الحرائق بشكل مستمر، ما أدى الى تكرار الحرائق في المواقع نفسها بشكل مستمر .

أعباء الإطفاء
وتابع الرملية كلامه: تحمل التضاريس في سورية خصوصية في شدة انحدار سفوحها الجبلية، بالإضافة لتقلّب مناخها، وعدم التنبؤ بارتفاع درجة حرارتها، ورياحها المتقلّبة، ويضيف الرملية: لدينا معاناة مع قلة الطرق المناسبة لعمل الآليات، وقلة مصادر المياه، مع تقارب وتزامن نشوب الحرائق المتعددة والمتفرقة والمتباعدة، ما أدى الى تشتيت الجهود والإمكانيات، ومن الإجراءات اللازمة لتخفيف أعباء الإطفاء تقسيم الغابة الى قطاعات، وتحديد الكادر ومستلزمات العمل والمسؤوليات، ووضع خطة عمل لكل قطاع، ونشر مراكز لفرق الإطفاء الحراجية قبل بداية أشهر الحريق تكون قادرة على التدخل الأولي السريع، ويتابع: لابد من توفير الآليات الهندسية اللازمة مثل التركس والبلدوزر وتوزيعها بشكل مدروس، وأيضاً توفير صهاريج مياه ومناهل وأحواض وسدات مائية كافية ومدروسة وموزعة بشكل متوازن، لذلك لابد من اعتماد النهج التشاركي في إدارة حرائق الغابات من أجل شق الطرق وخطوط إيقاف النار وفق خطة معتمدة، والتوسع في بناء أبراج للمراقبة وتزويدها بتقنيات حديثة، وتأمين حوامات إطفاء لا تقل عن ثلاث.

خطة
أكد رئيس مركز الإطفاء مناف دعبول على وجوب وضع خطة استراتيجية وطنية فعالة تعتمد على التدابير الوقائية لمكافحة الحرائق في حال نشوبها، فموسم الحرائق في شهر حزيران ويستمر الى نهاية تشرين الثاني، وتشتد الحرائق في آب وأيلول، وأغلبها يشتد ما بين الساعة الرابعة عشرة والسابعة عشرة، وتعتبر الحرائق الحراجية في سورية واقعة ضمن المنطقة المصنفة بالدرجة القصوى المعرّضة لخطر الحريق بسبب موقعها الجغرافي بين خطي عرض 17 و32 درجة، مشيراً إلى أن أغلب الحراج تتكون من الصنوبريات التي تتميز بشدة قابليتها للاشتعال، وتدل الإحصائيات على أن 75% من حرائق الإحراج والغابات مفتعلة بقصد تحويلها الى أراض زراعية، أو تملكها، وكذلك بسبب الإهمال، كما أن أغلبها ينشب أيام العطل الخميس الجمعة السبت وأيام الأعياد، ويتابع دعبول: كانت الأحراج تشكّل أكثر من 17% من مساحة القطر في بداية القرن الماضي، أما اليوم فلم يبق سوى أقل من 3% فقط، أي ما يعادل 450 ألف هكتار نتيجة التعديات مثل الحرق والقطع والكسر والرعي، فالحريق هو الخطر الأكبر على الشجرة، ويمكن أن يتلف ما جنته الطبيعة خلال عشرات السنين، علاوة على الأضرار التي تلحق بالإنسان والحيوان والتربة .

ميادة حسن