دراساتصحيفة البعث

يخطئ من لا يأخذ قوة الصين بالحسبان

ريا خوري

ما زال التنافسُ الحاد بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين أحد العوامل الأساسية لتوتر العلاقات الدولية، فيما تزداد المخاوف من احتمالات الانزلاق نحو حرب عسكرية من شأنها تهديد السلم والأمن العالميين، خاصةً وأن التقارير تحذّر من موجة عداء غير مسبوقة تجاه الصين، العملاق الآسيوي، في أعقاب جائحة كوفيد 19.

السلطات الصينيّة تدركُ أن الولايات المتحدة مصمّمة أكثر بكثير من أي وقت مضى على احتواء قوتها الصاعدة بكل الطرق والوسائل، لأن الولايات المتحدة تنظر إلى التطور والصعود الصيني المتسارع باعتباره تهديداً لأمنها القومي، مع العلم أن الولايات المتحدة تسعى بشتى السبل لإضعاف مكانة الحزب الشيوعي الصيني من خلال تقويضه واللعب على ثقة الصينيين به!.

قبل حوالي ثلاثين عاماً فرضت الدول الغربية والولايات المتحدة حزمة عقوبات على الصين، شملت تلك العقوبات حظراً على بيع الأسلحة ونقل التكنولوجيا، غير أن الصين باتت اليوم عملاقاً اقتصادياً، وطوّرت قدرات عسكرية متفوقة وهائلة، برية وبحرية وجوية، حتى باتت قادرة على تحدي القوة العسكرية الأمريكية المسيطرة في آسيا.

اليوم كلّ المعطيات تشير إلى أن هذه الحرب واقعة ما لم تتبدّل النوايا الأمريكية، فالولايات المتحدة جعلت من نفسها سيدة العالم والقطب الأوحد، لكنها اليوم لم تعد قادرة على المحافظة على هذه المكانة بسبب قوة الصين وصعودها اقتصادياً، إضافةً لعقدها تحالفات إستراتيجية مع جمهورية روسيا الاتحادية التي ترى هي الأخرى أن وجودها ومصالحها كقوة عالمية عظمى باتت مهدّدة جراء زحف حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى عتبة دارها، وأنها لم تعد تأمن تغلغل وتسلّل أيادي التخريب إلى عقر دارها، وقد رأت نموذجاً لذلك في أوسيتيا وآخر في الشيشان، ولذلك تلاقت مصلحتا الصين وروسيا، وشكلت الدولتان منذ عام 2004 تحالفاً استراتيجياً يهدف بالدرجة الأولى إلى كسر التمرد والعنجهية الأمريكية وتثبيت الحقائق السياسية العالمية الجديدة.

منذ عام 2010 أعلنت واشنطن تحوّلها باتجاه الشرق في إطار إستراتيجيتها العالمية، ولم يكن ذلك يعني سوى وضع الصين تحت المجهر والعمل على التدخل في شؤونها الداخلية والخارجية، وعرقلة معظم تحركاتها على الصعيد الدولي، وتأليب الدول المحيطة بها عليها، وكأنّ الصين دولة في مهب الريح  ولا يُحسب لها حساب، ولكن الصين أثببت أنها عكس ذلك تماماً.