اقتصادصحيفة البعث

     أسواق و”أسواء”!!

إذاً، لا اعتراف أبلغ وأدلّ على حقيقة جودة ما هو موجود في أسواقنا من خضار وفواكه، فباستثناء الـ 20% من الجيد منها للزبائن الـ “الهاي هاي”، 80% من تلك المنتجات “التوب”، مصيرها أسواق الخليج والعراق، حسبما أكد أحد أعضاء لجنة تسيير سوق الهال..!

هذه المنتجات من الخضروات والفواكه التي وصفها بالجيدة تشكل 100%، لا يحصل عليها معظم المستهلكين السوريين، أما ما تبقى – من المتدنية الجودة – فيصل إلى مختلف أسواقنا الشعبية والوسطى، والسبب أن ثمن مكونات تلك النسبة لا يقدر عليه إلاَّ من استطاع إليها سبيلا.. هذا أولاً.

استناداً إلى ذلك نرى أن معادلة العرض والطلب قد تلاشت بفعل تلاشي القدرة الشرائية لليرة، وأن المبدأ السائد حالياً هو الفرض للنوع والجودة، والقبول بالموجود والمتوفر ضمن حدود المتاح والممكن سعرياً، والمتناسب حسب المتحكمين بأسعار السوق ومداخيل الصندوق، مع القدرة الشرائية للمستهلكين بشكل عام والمستهلك المهدود الدخل بشكل خاص!.

هنا تطالعنا النشرات السعرية لمديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك بما يتناقض وتصريح “أهل الهال”، فحين تقول إن هناك نوعاً أولاً وثانياً وثالثاً من فاكهة أو خضروات ما، وتحدّد لكل نوع سعره، فلا يسعنا إلاَّ أن نسأل بناء على ما تقدّم: أيّ أول تقصدون؟ وهل الأول الموجود في أسواقنا هو الأول المصدّر وبالجودة والمواصفات نفسها؟!

وحين تحدّد النوع والسعر للبطاطا، على سبيل المثال لا الحصر، وتذكرون أن النوع والسعر الأعلى للبطاطا المصرية – مثلا – أو لنوع كذا، وثانياً لكذا، وثالثاً لكذا، هل شاهد من أعدَّ تلك النشرات في أسواقنا، ولو مرة واحدة، بائع كتب أعلن أن هذه البطاطا كذا، أم أن “الحابل بالنابل” هو السائد حين عرض البضاعة للبيع؟!، هذا غير الغش والتدليس الذي يلجأ إليه البائع، إذ يعمد إلى فرض النوع الواحد لعدة أنواع ويضع سعراً لأولها أعلى من السعر المنشور بالنشرات!.

ليس هذا فحسب، بل إن ذاك العضو أكد أن ارتفاع أسعار الفواكه والخضار الجيدة سببه الرئيس التصدير أولاً، وثانياً تأتي قلة الإنتاج، أما الغريب فهو ما كشفه من تغاضٍ عن تسعيرة التموين، بحجة تمكين المنتجين من تحقيق عوائد تساعدهم في الاهتمام ببساتينهم، وتالياً تحقيق إنتاجية أعلى للأعوام القادمة، فتلك نكتة النكت، حيث الكل يعلم ويعرف أن حلقة المنتجين تاريخياً (الفلاحون)، هي الحلقة الأضعف لناحية العائدية والربحية، وأن حلقة التجار والسماسرة في أسواق الهال، هي التي تحصل على “الجمل بما حمل” ناهيكم عن الدعم المقدّم لصادراتهم، دون أن يتحملوا أية خسارات تذكر أو أية مخاطر مناخية وكوارث طبيعية فصلية وسنوية.

خلاصة القول: هناك جرم يقع يومياً وتَنمُّر تمارسه كل حلقات البيع، يقعان على مستهلكنا المحدود الدخل، من خلال أساليب تحايل باتت معلومة الشكل والمضمون، وإذا ما ظل هذا المستهلك المسكين دخلاً، لا حول ولا قوة له، أمام سطوة المُسَعِّرين والسعر لـ”كفاف يومه من غذاء”، فلا أقل أن تقوم الجهات المعنية ورقابتها، بحفظ ما تبقى من ماء وجه جودة غذائنا.

Qassim1965@gmail.com