ثقافةصحيفة البعث

بعد حفلها الأوبرالي في دار الأوبرا.. السبرانو سمية حلاق في حلب

سمية حلاّق من أهم مغنيات الأوبرا على الصعيد العالمي، وتوصف بأنها سبرانو فوق العادة، وقد عبَّرت من خلال حوارها مع “البعث” عن سعادتها الكبيرة للنجاح الذي حققه حفلها الأخير الذي أقامته مؤخراً في دار الأوبرا بمشاركة عازف البيانو فادي جبيلي، والذي حضره جمهور كبير من متذوقي فن الغناء الأوبرالي، وأكدت أنها حريصة كل الحرص على أن تتواجد في سورية لإقامة حفلات فيها، وهي التي لم تغب عنها على الرغم من كل الظروف القاسية التي عانت منها خلال فترة الحرب، وقد زارتها أثناء ذلك أكثر من مرة لإيمانها برسالة الموسيقا الإنسانية وقدرتها على خلق أجواء الفرح والسعادة التي كان الجمهور السوري بأمس الحاجة إليها.

باللغة العربية لأول مرة

وبيّنت حلاق أن حفلها الأخير وإن لم يكن الأول لها في دمشق إلا أنه كان مختلفاً عن كل ما قدّمته من حفلات سابقة قدمتها في دمشق وحلب، حيث مزجت فيه بين عالمي الموسيقا والغناء الأوبرالي (الغربي والشرقي) فقدّمت جزءاً من أوبرا سيغيرد ومن “الرفيق التائه” لجوستاف ماهلير وأغنية “وداع المضيفة العربية” للمؤلف الفرنسي جورج بيزيه، أتبعتها بأغنيات شرقية، إذ غنّت حلاق باللغة العربية لأول مرة في دمشق أغنية إياد كنعان كتبت لي بتقنيات أوبرالية ثم أغنية “بلقيس” من أوبرا ملكة سبأ.. والختام كان مع أغنية “بعدك على بالي” للأخوين رحباني التي أهدتها إلى سورية، ولم تنكر حلاق الصعوبات التي واجهتها أثناء التحضير لما هو عربي نتيجة عدم إتقانها للغة العربية، حيث احتاجت وقتاً طويلاً لفهم الكلمات والتقيّد بما جاء في الأغنيات، موضحة أن الفرق شاسع بين الشرق والغرب في مجال الغناء الأوبرالي، فهذا النوع من الغناء برأيها فن وافد على الشرق وليس له جمهور، ومع هذا أسعدها كثيراً وجود جمهور كبير من المجتمع السوري المتذوّق للغناء الأوبرالي والعاشق له، فكان حضوره مدهشاً واستماعه جيداً وتفاعل معها بكل حب وإعجاب.

العمل والصبر

ورفضت الفنانة حلاق الاتهامات التي تصف الغناء الأوبرالي بأنه غناء يعتمد فقط على القدرات الصوتية بعيداً عن الإحساس والمشاعر، وهو لو كان كذلك برأيها لما تفاعل معه الجمهور، مؤكدة أنه غناء يعتمد على الشعور والإحساس النابع من القلب، مشيرة، وهي التي توصف بأنها سبرانو فوق العادة، إلى أن مغني الأوبرا هو من يجب أن يسعى إلى التنويع وأن يكون مستمعاً جيداً وباهتمام كبير إلى نصائح مدرسيه وأن يكون متواضعاً ليصل إلى أعلى مستويات ممكنة، موضحة أن المغني الأوبرالي الجديد يجب أن يعرف أيضاً أنه يحتاج إلى الكثير من العمل والكثير من الصبر، مع إشارتها إلى أن من يريد أن يصبح مغنياً أوبرالياً في سورية والوطن العربي يجب أن يسافر إلى الخارج من أجل تحقيق هذا الحلم لأن هذا النوع من الغناء ليس موجوداً كثيراً في سورية، والناس ليست معتادة عليه.

المدرسة القديمة

وأشارت حلاق إلى أنها بدأت الغناء في عمر الـ 3 سنوات ضمن الجلسات العائلية وأصبحت محترفةً في عمر الـ 16 وكانت أهم مراحل حياتها في الغناء عندما وقفت على خشبة دار الأوبرا في إيطاليا وبلجيكا، وقد اختارت الغناء الأوبرالي لأنها تحب الدراما والقصة الموجودة فيها، وهي تميل للمدرسة القديمة في مجال الغناء الأوبرالي وإلى الغناء الفرنسي الرومانسي، منوهة بأنها درست الموسيقا في جنيف ثم في أكاديمية الملكة اليزابيث في بروكسل وفي أوبرا مدينة كوبنهاغن على أيدي موسيقيين أوروبيين كبار وقد شاركت في العديد من الحفلات الغنائية وأوبريهات كبار المؤلفين وأسست ثنائياً مع عازفة التشيللو سوزان فيرميين.

رسولة للسلام

بعد أن غنّت حلاق في حفلها “ياحلب الشهبا وينك ياحلب، ياعيوني ياحلب، يا روحي” اتجهت إلى حلب، إلى جذورها. هذه المدينة التي لها محبة كبيرة في قلبها والتي تعشق كل شيء فيها، ويؤسفها ما آلت إليه وما عانته خلال الحرب، لكن عندها أمل بالخروج من هذه المحنة، ولذلك هي تحاول من خلال مشروعها، مشروع الحب والحياة والسلام، مساعدة الناس عن طريق الموسيقا لإدخال الفرح إلى قلوبهم، وهي باقية فيها الآن لإقامة بعض الحفلات إلى جانب مشاريع كثيرة لمساعدة الناس في حلب وبعض المحافظات الأخرى، موضحة أن مشروعها إنساني لأطفال سورية ضحايا الحرب، وهو برأيها وثيقة عن الدمار وعن أطفال سورية المهجرين الذين عانوا من ويلات الحرب والإرهاب، والهدف منه مساعدة الأطفال نفسياً ومادياً لخلق جيل جديد واع ومدرك لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، ومن خلال هذا المشروع الذي تتبناه حلاق سُميت رسولة للسلام من قبل البرلمان البلجيكي.

أمينة عباس