تحقيقاتصحيفة البعث

في ريف حماه.. العدد الصفي أكثر من 40 طالباً وخدمات غائبة!

بعد توجيهات وزارة التربية بافتتاح المدارس وإعلانها “منطقة آمنة” أمام التلاميذ والطلاب من فايروس كوفيد 19, ظهر البعض منها في ريف حماه مغايراً لما صدّرته “التربية” حيث لم تجد النشرة الصحية التي بثتها الوزارة طريقاً إلى مدارس عين الكروم , ومن الأمور التي تدعو للغرابة أن الملاك العددي للصف الواحد لايزال 40 طالباً، فكيف ستتمكن الوزارة من تحقيق شرط التباعد المكاني في ظل هذا البند؟ إضافة لانعدام أدنى الشروط الصحية في تلك القرى ألا وهي المياه .
بالعين المجردة
جالت “البعث” على بعض المدارس في ريف حماة للاطلاع على تطبيق الاجراءات الاحترازية فيها ,لكن كانت المفاجأة ألا وجود لمصطلح “كورونا “من كل النواحي، فحكاية الكمامة والكحول لم تجد طريقها للحقائب والأنامل الصغيرة, ودعابة التباعد سقطت عند أول “شبكة” يد لطفلين في المرحلة الابتدائية قد التصقا مع زميلهما الثالث بنفس المقعد , أما “نغمة” المرشد الاجتماعي وتلقيه دورات تدريبية للتعامل مع الحالات فهي أبعد عن الواقع في تلك القرى, وللأمانة وكي لا نكون سوداويين تواجدت بعض المدارس التي حققت شرط النظافة، لكن كانت قد حملت على عاتقها هذه المهمة بعيداً عن مديرية التربية وعملت على توزيع المقاعد بشكل أفقي – في حالات الأعداد القليلة- أي عند وجود 20 طالباً , وقامت بشراء مادة الكلور للتنظيف اليومي , وبعض المرشدين الاجتماعيين والنفسيين –إن وجدوا- استندوا على ماتعلموه في المرحلة الجامعية للتعامل مع الأطفال وتحذيرهم من “براءتهم” عند التعاطي مع أصدقاءهم، أما المشرف الصحي، فاقتصرت زيارته على مرة واحدة وكانت في العام الماضي .
معظم مدارس الحلقة الأولى في قرى عين الكروم اشتكت من قدم الأثاث واهتراء الخزانات وخروج الحمامات عن الخدمة, وفي حال وجود آبار في بعض منها فقد كانت نتيجة لتضافر الأهالي وقيامهم بتحمل أعباء الحفر رغم وضعهم المادي الصعب مقابل عدم قيام تربية حماه بأي مبادرة تذكر على هذين الصعيدين , ومن ناحية تحقيق التباعد المكاني فقد أكد معظم المدرسين ممن التقيناهم استحالة تحقيق هذا الشرط , فمعادلة تقسيم الطلاب والتلاميذ لا يمكن تحقيقها، فمن جهة مساحة جميع الباحات لاتتناسب مع الأعداد التي تصل في بعض الصفوف -والتي كنا شهود عيان عليها- إلى 38 طالباً، ومن جهة أخرى فإن الأبنية قديمة وغير معدّة للتقسيم وهي بحاجة لصفوف إضافية لتقسيم التلاميذ , في حين يبقى المضحك والمثير للغرابة أن وزارة التربية تريد تحقيق التباعد في حين أن الملاك الصفي لايزال 40 طالباً, كما تحدث المعلمون عن مدارس لاتتوفر فيها آبار، مشتكين من قلة المياه, فهي في منطقة المسيل لا تأتي إلا يوم أو يومين في الأسبوع وبساعات متأخرة من الليل بمعنى أن مدير المدرسة لا يمكنه الخروج في الساعة الثانية بعد منتصف الليل لملئ خزانات المدرسة، وبالتالي فإن معظم الحمامات خارجة عن الخدمة, ليخال إليك في لحظة وأنت تسمع شكواهم مصير التلاميذ في الحلقة الأولى عند رغبتهم بقضاء حاجتهم, وهذا مانوه إليه بعض المدراء في مدارس الروضة والشحطة وتل التتن التي لا يوجد فيها أي حمام بل قام المعلمون وعلى نفقتهم الخاصة بإنشاء حمام شخصي لهم في المدرسة الأخيرة , وعلاوة على ذلك أشار البعض منهم إلى مشكلة انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة ونقص في ميزانية المدرسة لشراء اللوازم الصحية وأدوات التنظيف وفي عدد المستخدمين إذ لايوجد إلا مستخدم واحد في مدرسة يتجاوز عدد طلابها وتلاميذها الـ 1500 وبدوامين صباحي ومسائي .
تقصير واضح
ومع تأكيد كافة المعلمين على تقصير مديرية تربية حماه من ناحية توزيع المعقمات التي كانت فقط في اليوم الأول من العام الدراسي وعدم الاستجابة لطلباتهم المتكررة لتوفير المياه والأثاث المهترء إلى جانب عدم وجود كوادر تربوية ونفسية للتعامل مع الأطفال والشباب في حال وجود حالات كورونا , جاء رد مديرية تربية حماه ليعطي انطباعاً بحالة أمان لم نشهدها ونحن الذين جلنا وتواصلنا مع أكثر من 10 مدارس كان الاكتظاظ فيها سيد الموقف, هذا ولم نتحدث أو نتطرق لمناطق أخرى يبلغ عدد الطلاب في الصف الواحد 70 طالباً ويجلسون على الأرض !.
مدير تربية حماه، يحيى المنجد، تحدث عن الإجراءات المتخذة للحماية من فيروس كورونا كتنظيف وتعقيم المدارس بشكل يومي بوجود الإشراف التربوي وتنظيم دخول وخروج التلاميذ والطلاب إلى المدرسة والقاعة الصفية و توزيع الإشراف الصحي على المدارس إضافة لربط الإشراف الصحي ومدراء المدارس بمجموعة سميت (العودة الآمنة للمدرسة) وتتضمن مديرية التربية وأطباء الصحة المدرسية ومديرية الصحة والمياه ومديرية الصرف الصحي ,ومهمتها رصد أي حالة غير صحية في المدارس ومعالجتها وقال المنجد: تم التعاون مع كل من مديرية المياه و الخدمات الفنية والهلال الأحمر وفوج الإطفاء والبلديات في المناطق لتأمين المياه للمدارس التي تعاني من مشكلة فيها, وقد عملت مديرية التربية بالتنسيق مع مجمعاتها على تحديد هذه المدارس ومراسلة المحافظة لتوزيع العمل إلى قطاعات ويتم التحقق من الإجراءات المتخذة عن طريق الجداول الميدانية ووجود مجموعة تواصل تربط كل المدارس بمديرية التربية, وأضاف المنجد تم تسليم كل مدرسة ٨ ليتر كلور وسلة نظافة تحتوي أدوات نظافة، وقمنا بزيارة مدارس حماة وريفها مع المديرين المساعدين ورؤساء الدوائر وأطباء الصحة المدرسية والمشرفين الصحيين ومشرفي المجمعات التربوية.
وأشار مدير تربية حماه إلى مهمة الموجه التربوي والاختصاصي حيث تم تقسيم العمل مع المديرين المساعدين بحيث يتم تغطية المحافظة بالكامل بالإشراف وقال: زرنا بعض مدارس الريف الشمالي وبعض مدارس مصياف والسلمية، إضافة إلى بعض مدارس المدينة، ووجدنا فيها بعض الملاحظات، ووجهنا الإدارات والدوائر المعنية لمعالجتها، ونحن كفريق تربوي جاهزون دائماً لتلقي أي شكوى أو ملاحظة في أي مدرسة بالمحافظة ومعالجتها بالامكانيات المتاحة لدينا وبالتنسيق أحيانا مع بعض المديريات الأخرى.
قلة اهتمام
قد تكون حقيقة تأمين كمامة بشكل يومي لأبناء ريف حماه مكلفة على ذويهم حيث تجاوز سعرها الـ1000 ليرة وفي حال وجود 4 طلاب في كل بيت، فإن تكلفة الكمامات لوحدها تقريبا” الـ80 ألف وهي كاوية لجيوب المواطنين والذين معظمهم من الفلاحين , لكن تحقيق النظافة وتأمين المياه وتوفر الشروط الصحية لن يكلف تربية حماه سوى بعض المراسلات والحبر و”كم ورقة”إلى الوزارة المعنية لتفادي وقوع المرض .
نجوى عيدة