دراساتصحيفة البعث

العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين أولوية ألمانية

إعداد: عائدة أسعد

كان من المفترض أن يكون عام 2020 عام العولمة المتواصلة، والتجارة الحرة، إلا أن جائحة COVID-19 كان لها تأثير كارثي على اقتصادات العالم.

لقد أثرت موجة الصدمة التي أحدثها الفيروس على كل جوانب الحياة الطبيعية من العلاقات الشخصية إلى العلاقات الدولية، حيث قضى التباعد الاجتماعي على التفاعلات البشرية، وفرض عبئاً أكبر على التفاعلات الدبلوماسية المناسبة بين البلدان.

ووفقاً لتقرير “اتجاهات عبر الأطلسي 2020” حول التحديات العالمية قبل وبعد COVID-19، وحسب محللين سياسيين، تبدو ألمانيا بلا منازع الزعيم في أوروبا، وقد ازداد نفوذها منذ كانون الثاني الماضي.

ووجدت وثيقة نشرها صندوق مارشال الألماني في حزيران الماضي بالتعاون مع مؤسسة برتلسمان ومعهد مونتين أن 63 في المئة من المشاركين الألمان، و64 في المئة من الفرنسيين، اعتبروا برلين القوة الأوروبية الأكثر نفوذاً عندما ارتفع الوباء.

كما وجد استطلاع مركز “بيو” للأبحاث الذي تم إجراؤه بالشراكة مع مؤسسة كوربر- شتيفتونغ غير الربحية، نُشر في أيار 2020، أن 37 بالمئة من المستجيبين الألمان قالوا إنهم أعطوا الأولوية لعلاقة بلادهم مع الولايات المتحدة، بينما 36 في المئة شعروا بالشيء نفسه بشأن الصين، علماً أنه قبل عام كان الفارق 50٪ إلى 24٪ لصالح الولايات المتحدة.

كما أكدت الورقة البحثية الخاصة بنبض برلين بشأن السياسة الخارجية الألمانية في أوقات COVID-19 أن 73 بالمئة من الألمان يقولون إن رأيهم في الولايات المتحدة قد تدهور أكثر من ضعف عدد المشاركين الذين يشعرون بالطريقة نفسها تجاه الصين.

من هنا نجد أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين من أولويات رئاسة ألمانيا للاتحاد الأوروبي، وهو ما أعلنته المستشارة أنجيلا ميركل بأن السياسة الخارجية سيكون لها هدف عام يتمثّل بتعزيز أوروبا كمرساة للاستقرار في العالم، حيث تعتبر العلاقات أكثر أهمية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ومن أهمها العلاقات الاقتصادية مع الصين، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأخيرة كانت الشريك التجاري الأكثر أهمية لألمانيا في عام 2019.

وأشار التقرير إلى أن الأزمة الصحية المستمرة، وتغير المناخ بنظر الفرنسيين والألمان هما أهم التحديات العالمية التي يجب معالجتها، ولدى أوروبا الكثير لتتعلّمه من الصين في التعامل مع COVID-19، وألمانيا تسعى لإشراك بكين في التعاون مع أوروبا بشأن حماية المناخ، حيث نظمت وزارة الخارجية الألمانية الاتحادية ووكالة الطاقة الألمانية في 6 تشرين الأول الماضي ندوة افتراضية بعنوان: “الصين والتحالفات الجديدة للاتحاد الأوروبي لحماية المناخ”، وهذا ما يعتبر بمثابة متابعة للاجتماع الالكتروني في أيلول الذي أعلن خلاله الجانبان عن أهداف مناخية أكثر طموحاً، وتم الاتفاق على إقامة حوار رفيع المستوى حول البيئة والمناخ.

وبينما يسارع بقية العالم لمنع حالات الإصابة بفيروس كورونا من تعطيل الانتعاش الهش إلى الركود، كانت الصين القوة العالمية الرئيسية الوحيدة التي تجنبت ذلك، حيث سجل ناتجها المحلي الإجمالي ارتفاعاً سنوياً بنسبة 4.9 في المئة في الربع الثالث.

ونظراً لأن الارتفاع الأخير في قيمة اليوان يثبت أنه إيجابي لواردات الصين التي نمت بأسرع وتيرة لها هذا العام في أيلول (بنسبة 13.2 بالمئة)، وكذلك القوة الشرائية للناس، فإن التحوّل العالمي إلى استهلاك السلع من الخدمات كان بمثابة فرصة مثالية لدعم النمو في أوروبا.

في عام 2018 أوضحت ميركل بأنها لن تسعى للحصول على فترة ولاية خامسة كمستشارة في عام 2021، وتريد أن يتم تذكرها كسيدة دولة أنقذت أوروبا من المزيد من الهجرة والانهيار الاقتصادي، لذلك ربما تمثّل الأيام القادمة أكثر الفرص الواعدة للصين لتعمل على تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي.