اقتصادصحيفة البعث

قرار الاستئناف يعطّل منح القروض الصغيرة والمتوسطة

دمشق- فاتن شنان

لا شك أن قرار استئناف منح القروض الصادر عن المصرف المركزي لم يلحظ التضخم الحالي عندما حدد سقف تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بما لا يتجاوز 500 مليون ليرة، لاسيما أن تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة مرتبط بعدة معايير محددة وصادرة في قرار اللجنة الاقتصادية رقم 38 لعام 2017، منها حجم الموجودات، ومجمل المبيعات السنوية، وعدد العمال في كل منشأة، لتكون النتيجة، رغم مرور ما يقارب الشهرين على صدور القرار، أن المصارف العامة لاتزال متوقفة عن تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

ورغم توجهات الحكومة نحو تنمية هذا القطاع ودعمه، إلا أن القرار الحالي والمعايير المعتمدة تقف عثرة في مسار انطلاقها، وبالتالي يبدو أن الإشكالية الحقيقية تكمن بمهارة استثمار الوقت لدى الجهات المعنية كون صدور قراراتها، أو تعديل قرارات سابقة، يحتاج إلى الكثير من السرعة والإنجاز لعدم فوات فوائدها على القطاع المستهدف، فعلى سبيل المثال احتاج قرار الاستئناف لمدة قاربت ثلاثة أشهر للصدور، واليوم نحن أمام أهمية تعديله ليتناسب مع الواقع الراهن، والذي قد يحتاج إلى مثلها، فهل تغفل الجهات المعنية عن أهمية الوقت، أم أن عدم امتلاكها لرؤية واضحة للتعديل يمنعها من العمل؟!.

إعادة التصنيف

وبالعودة إلى ما تم تداوله في أروقة المصارف، فإنه بات من المؤكد أن تحديث المعايير من أولى الخطوات، كونها محددة لعملية التمويل، ونتيجة التضخم الحالي فإن معظم المنشآت باتت بحاجة إلى التمويل بمبالغ أكبر من تلك المحددة وفق القرار، بالتوازي مع ضرورة إعادة تقييم موجوداتها بالسعر الحديث ليصار إلى منح تمويل مجد لها ويؤدي إلى تطورها واستمراريتها، وحسب ما أكده مصدر مطلع في مصرف التسليف الشعبي فإن القرار بصيغته الحالية لن يتمخض عن تدفق جديد في مسار تمويل تلك المشاريع مادامت المعايير القديمة معتمدة، مؤكداً عدم تلقي المصرف أية طلبات بهذا الخصوص، كون القرار غفل عن احتياجها الحقيقي، وقيد المصارف بتلك المعايير التي لم تعد تنسجم وكافة القطاعات، الصناعي أو الزراعي على سبيل المثال، مع واقعها الراهن، وبالتالي فمن الضرورة لإعادة تدفق التمويل رفع المبالغ الممنوحة، على ألا يكون التمويل مرتبطاً بعدد العاملين، إذ إن هناك العديد من المشاريع الصغيرة، حجم موجوداتها يقارب الـ 2 مليار ليرة، وتصنيفها وفق المعايير كمشروع صغير، وعدد عمالها أقل من المطلوب بوجود التقانة والأتمتة، وبالتالي يجب أن يكون المعيار الأول حجم الموجودات فقط وفق السعر الحالي، بالتوازي مع وضع ضوابط وآليات أخرى تضبط عملية المنح، أما عدد العاملين فقد يعتمد كمؤشر تأشيري فقط.

 فك التقييد

يبدو أن المصارف متفقة على ضرورة فسح المجال أمام إدارتها لحرية التمويل دون تقييد بحجم التمويل- بحسب مصدر في المصرف التجاري- مع المحافظة على تمويل المشاريع ذات الأولوية، وبما ينسجم مع تطلعات الحكومة وتوجهاتها، ما يسهل عملها، لاسيما في فترات تذبذب سعر الصرف، كون القرارات والتعديلات تحتاج إلى أوقات واجتماعات مطولة لإصدارها مرة أخرى، ما يسبب تأخر توظيف سيولتها المتاحة.

فتح سقف التمويل

وبيّن المصدر أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية طلبت من إدارات المصارف تقديم مقترحات من شأنها تفادي هذه الإشكالية منذ ما يقارب الشهر، وبيّنت معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رانيا أحمد بأن الوزارة خاطبت كافة الجهات المعنية للحصول على مقترحات لحل الإشكالية، في محاولة منها لاستمزاج آراء إدارات المصارف، والخروج بصيغة مناسبة، مؤكدة أن الوزارة عازمة على عقد اجتماعها خلال الأسبوع القادم، وسيتم طرح صياغة جديدة للمعايير المعتمدة، منها عدد العمال في المنشآت الصغيرة الذي لا يمكن إهماله بحسب ما تم اقتراحه، وإنما سيدرس الرقم السابق والمطروح للتوافق على اعتماده، كما ستتم إعادة تقييم حجم الموجودات الحالية لاعتمادها في نسب المنح، بالتوازي مع حجم المبيعات السنوية لكل مشروع، منوّهة إلى أنه من المحتمل فتح سقف التمويل ليتناسب مع احتياج المشاريع وفق الأسعار الحالية.