مجلة البعث الأسبوعية

المشاريع الصغيرة بعيدة عن رياضتنا.. غياب العقلية الاحترافية يربك الأندية ويضعها أمام العجز!!

“البعث الأسبوعية” ــ ناصر النجار

انطلق الدوري الكروي الممتاز، وبدأت الأندية تطلق الآهات احتجاجاً على قرار ما، أو مطالبةً بمسألة ما، ومن هذه الصيحات بدأنا نسمع الاستغاثة المالية ما يوحي أننا مقبلون على أزمات سيعاني منها العديد من الأندية.

والحقيقة أن الدوري الممتاز لكرة القدم بات مكلفاً جداً مع ارتفاع الأسعار، وكون الاستثمار الحالي لم يعد ملبياً للأندية لأنه غير قادر على تغطية النفقات؛ أما الأندية التي لا تملك الاستثمار – وهي كثيرة – فأمرها متروك لمحبي النادي وداعميه، فإن رضوا أعطوا، وإن لم يرضوا منعوا، لذلك نجد أغلب أنديتنا تحت رحمة الداعمين، فهل هذا الأمر صحي ويسهم ببناء كرة محترفة دون ضغوط ومنغصات وعثرات؟!

 

الضائقة المالية

عندما نعلم أن إدارة نادي الجيش أعادت حساباتها المالية هذا الموسم، فأنهت عقود أبرز ثلاثة من لاعبيها (رأفت مهتدي ومحمد كروما وجابر خطاب)، حتى لا تقع في ضيق مالي يربكها أثناء الموسم، فإننا ندرك أن الدوري يعاني من أزمة مالية.

وهذا ما لاحظناه في فريق الشرطة الذي جاءت عقوده لتتناسب مع الميزانية المفترضة، وفريق الوثبة أكثر حرجاً من غيره فالإدارة الداعمة انسحبت قبل انطلاق الدوري بأيام، وجيء بإدارة داعمة جديدة لا ندري ما سيكون موقفها من المصاريف الكبيرة التي وصفها رئيس النادي المستقيل بالباهظة، وتتجاوز الـ 850 مليون ليرة سورية.

الوضع مشابه في الطليعة والفتوة وجبلة والساحل، وعلينا ألا ننسى أن الراعي الرسمي لنادي الاتحاد انسحب من الرعاية وترك النادي يصارع في أمواج الدوري وحيداً.

القانون الرياضي اعتبر الأندية شخصية اعتبارية تتمتع باستقلالية مالية، وهذا الكلام إيجابي بالمطلق، لكن ينقصه وجود إدارات تمتلك الثقافة الاحترافية، فهي مسؤولة عن الشق المالي، سواء بالواردات أو النفقات؛ ولا شك أن القانون يتيح للأندية البحث عن مصادر تمويل ضمن الأطر القانونية، وخصوصاً أن ميزانية الاتحاد الرياضي غير قادرة على الصرف على هذه الأندية، والمعونات التي تقدمها المنظمة للأندية، في بعض الحالات، لا تسد الرمق أبداً.

ومن هذا المنطلق، فإن إدارات الأندية عليها أن تكون واعية وأن تفكر بمصلحة النادي أولاً، وألا يكون هدفها الدوري الممتاز دون أن تملك مقوماته أو نفقاته. وحماية للأندية وللدوري، من المفترض اتخاذ إجراءات عدة قبل دخول أي ناد دوري المحترفين؛ وفضلاً عن الشرط الفني بالتأهل حسب الأصول، يجب أن يترافق ذلك بشروط أخرى، أهمها أن يكون للنادي شركة راعيةـ وأن يكون لديه حساب جار بالبنك موجود فيه نصف تكاليف الدوري وعقود اللاعبين على الأقل، لذلك لا بد من البحث عن مصادر تمويل إضافية لمن أراد أن يعيش بحبوحة مالية، أو ألا يضطر أن يعيش تحت الضغط وكيفية تدبير المال.

 

سطوة الداعمين

الملاحظ أن إدارات الأندية متعبة بفعل الوضع المالي، وبعضها قاصرة لعدم الخبرة، وهي بالمحصلة العامة ضعيفة أمام الداعمين، فمن يملك المال يملك حق اتخاذ القرار، لذلك نجد الداعمين يتدخلون في كل قرار إداري وفني، ودائماً يهددون بسحب دعمهم إن رُفض تدخلهم وأُوقفت قراراتهم فيعيش النادي على كف عفريت.

والمشكلة الأكبر أن بعض هذه الإدارات تولى قيادتها الداعمون نفسهم، فدخلوا سدة القرار من خلال مالهم، وأغلبهم لا يملك أي خبرة بالعمل القيادي الرياضي، وأفضلهم كان مشجعاً على مقاعد المتفرجين وهو – بكل الأحوال – محب للنادي، لكن السؤال: هل كل محب يصلح ليتولى قيادة النادي وتسيير أموره؟!

 

المشاريع الصغيرة

إدارات الأندية يجب أن تبحث عن مصادر تمويل إضافية، وهناك الكثير من المشاريع الصغيرة التي تنعش الأندية وتجعلها تستغني عن سيطرة أصحاب المال ونفوذهم، ولكن هذه الإدارات – للأسف – وجدت أن تكليفها بالأندية من باب الشرف والمنفعة الشخصية فقط، فآثرت البحث عن أسهل الحلول وأبسطها باللجوء إلى الاستدانة والاستجداء من الداعمين.

فمن المشاريع التي يمكن لإدارات الأندية استثمارها شعار النادي، وهذا ما نجده في كل الأندية العربية والعالمية، حيث يتم تصنيع منتجات استهلاكية مطبوع عليها شعار النادي وتباع في الأسواق، وهي كثيرة لكن أشهرها المناشف والقمصان والأحذية وربطات العنق والأعلام وربطات المعصم والرأس والميداليات والأقلام وما شابه ذلك.. إدارات الأندية دورها هنا التعاقد مع الشركات المنتجة لهذه الأمور التي يقع على عاتقها التسويق، ونظن أن جماهير هذه الأندية ستفضل المنتجات التي عليها شعار ناديها عن المنتجات الأخرى.

 

أفكار جديدة

ومن هذه المشاريع أيضاً استثمار برامج إذاعية وتلفزيونية يعود ريعها للنادي، وهي فكرة حديثة وحضارية تجعل كل مشجعي النادي يشاركون في هذه البرامج ويتفاعلون معها؛ وقد تكون هذه البرامج رياضية أو ترفيهية، إضافة لاستثمار الموقع الالكتروني من خلال التسويق والدعاية والإعلان، وإصدار بطاقات سنوية ذهبية لأعضاء النادي وبطاقات فضية للمشجعين بأسعار تشجيعية لحضور كل نشاطات النادي واستثمار منشأة النادي بالإعلانات التجارية والاقتصادية في الملاعب والصالات والمطاعم والمقاصف واللوحات؛ وإصدار نشرات رياضية تتضمن أخبار النادي مع فقرات توعوية يتم تغطية تكاليفها من الإعلان، ويمكن أن يجني النادي منها ربحاً وفيراً، وبهذا الاتجاه يمكن إصدار مفكرات سنوية وبرشورات.

وهناك الكثير من المشاريع الأخرى التي لا مجال لحصرها وذكرها، وعملياً هي منفذة على أرض الواقع في الكثير من البلدان، وهذه المشاريع تغطي نفقات النادي بل تزيد في موفوره وتسهم بلا شك بتطوير الرياضة في النادي، فضلاً عن أنها تصبح مستقلة تماما،ً لأنها ليست بحاجة إلى متنفذين يسيطرون على النادي ومنشآته وقراراته.